موسيقى احتجاجية تعطي الشباب الإندونيسي صوتاً

يعتبر البونك في أندونيسيا إحدى الحركات الموسيقية المميزة وهي تتناقض مع الصورة المشوهة لبلد وكأنه يعج بالمسلمين المتشددين. الرسالة السياسية هي الأهم لهم وهدفهم هو إعادة الثقة بالنفس للشباب الأندونيسي. تقرير كريستينا شوت

يعتبر البونك في أندونيسيا إحدى الحركات الموسيقية المميزة وهي تتناقض مع الصورة المشوهة لجزيرة تعج بالمسلمين المتشددين. بالنسبة لهم الرسالة السياسية هي الأهم وهدفهم هو إعادة الثقة بالنفس للشباب الأندونيسي من أجل بناء وطنهم بدلاً من تقبل الأشياء كما هي. تقرير كريستينا شوت

موهوك في أندونسيا، الصورة: كريستينا شوت
السلبية في هذا البلد لا تطاق، الرسالة السياسية هي الأهم

​​تحتشد مجموعة فوضاوية من فرقة قبائل الموهوكس، وأصحاب الرؤوس الصلعاء وأصحاب الجدائل المستعارة المخيفة أمام صالة خاوية في يوغياكارتا، عاصمة جزيرة جاوة، أهم الجزر الأندونيسية. الهواء خانق في جو حرارته تفوق 30 درجة مؤية تحت شجر الموز. وتتعالى من مكبرات الصوت القديمة خطابات سياسية لفرقة البونك "بلاك بوتس".

بينما كانت مجموعة صغيرة من البونك يرقصون على أنغام موسيقى البوغو، الموسيقى الخاصة بمجموعات البونك، كانت مجموعة أخرى من محبي الموسيقى الجمايكية ومعجبي موسيقى السكا والهيفي ميتال تنتظر ظهور فرقتهم المفضلة على المسرح في المهرجان الموسيقي للعالم السفلي لكلية الآداب لجامعة جاجاه مادا.

إحتجاجات ضد الحكومة الإستبدادية

مهما تباين الذوق الموسيقي أو إختلفت طريقة اللباس لهذه المجموعة المتنوعة، إلا أن لديهم شيئاً مشتركاً، ألا وهو أنهم يريدون التعبير عن تحررهم من قيود التقاليد السائدة ومن تسلط الحكومة الإستبدادية، حسب قولهم، ومن سيطرة المجتمع.

يتمردون على المواقف السلبية لأكثرية الجيل الأكبر في بلدهم الذين تعودوا تقبل كل ما ينص عليه من أعلى، كما يريدون فعل شيء لبلدهم الذي يعيش أزمة.

"السلبية في هذا البلد لا تطاق، نريد تغيير شيء"، هذا ما قاله أريس مانيول، المغني الأول في فرقة البلاك بوتس. تحتفل هذه المجموعة وجميع مجموعات العالم السفلي بنجاحها الساحق بعد تنحي الديكتاتور السابق، سوهارتو عام 1998.

رغم وجود فرق موسيقة منفردة منذ الثمانيات، إلا أن كلمة "أندرغرواند" بدأت بالإنتشار بعدما وصلت موسيقى البونكس والسكا والهارد روك لائحات الأغاني الأندونيسية عام 1994 وذلك بفضل تلفزيون الأم تي في للموسيقى. أما البلاك بوتس فهم متواجدون – مع بعض التوقفات – منذ عام 1996.

ويحاول الطلاب والعاطلون عن العمل وأولاد الشوارع، كما حصل قبل عشرات السنين في الغرب، التعبير عن إستيائهم من المجتمع المحافظ ومن التغيرات السياسية البطيئة من خلال إرتداء الثياب غير المتعارف عليها والموسيقى وبتعريف الرموز المعروفة من جديد. "نحن نحارب الرأسمالية والعسكرة ونشجع الحركة الديمقراطية في أندونيسيا، ولكن على طريقتنا الخاصة"، كما يقول مانيول.

"القانون والنظام" ضد الثورة الموسيقية

لم يكن هذا في مصلحة الرئيس السابق، وقد شعر البلاك بوتس بعواقب هذا. ففي حفل موسيقي أُقيم في ظل حكم سوهارتو، أقدم جنود الشرطة العسكرية على ضرب أعضاء الفرقة الأربعة بقاعدة البندقية وأبعدوهم عن المسرح، لأن النصوص الناقدة لم تنل إعجابهم.

إلا أنه حتى بعد إنتهاء الديكتاتورية العسكرية لازال المواطنون الشباب الذين لا يتناسبون مع صورة النخبة الحاكمة يعانون في ظل الديمقراطية الزاحفة. ولازالت الحفلات الموسيقية لبعض الفرق الموسيقية مثل فرقة "تكنوشيت" للهارد كور تتعرض لتهديدات بالتفجيرات من قبل جماعات متشددة جداً وخصوصاً الإسلامية بالإضافة إلى الجماعات ذات الطابع الوطني.

كان الوشم والشعر الطويل لدى الرجال تحت "النظام الجديد" لسوهارتو يعتبر علامة تدل على المجرمين والمعارضين. لذلك كان جيل الآباء يتخبط عندما يرى الأبناء يخرجون بشعر مجدل سميك أو بأذرع موشمة.

وقال مغني البلاك بوتس: " معظم الأهالي حرموا أبناءهم من المساعدات المالية بسبب مظهرهم وكان يجب عليهم تدبر سبل عيشهم. ولم يعد بمقدورهم تمويل دراساتهم الجامعية".

ضد التيار

حتى بعد سبع سنوات من الإنقلاب يتزايد عدد ما يسمى بمجموعات احتجاجية (أندرغراوند) التي تلحق بالتيار حيث سوني وأم تي في يلوحون بالمال والشهرة. وينجح القليل فقط بالثبات على أرض صلبة ومتابعة الهدف بكل ثقة وبعدم الإنزلاق في صرعات الموضة، كما هو الحال عند الكثير من الشباب الغربي الذي يشتري جوارب ممزقة بثمن باهظ من محلات مصممين الأزياء.

ويعتبر الكثير من الشباب اليوم، حتى لو كانوا خارج مشهد البانكس، أنه من الرائع لفت النظر بحزام أو بسوار مرصعين بقطع معدنية ذات رؤوس حادة، مما يزعج البونك الأصليون.

وقال مانيول: "هذا فقط نوع من ركوب الموج. نحن نرفض أية موضة. بالنسبة لنا الرسالة السياسية هي الأهم، وهذا ما يميز البونك الأصيليين من هؤلاء على صفحات الكاتالوجات. هدفنا هو إعادة الثقة بالنفس للشباب في أندونيسيا لكي يبدؤوا من جديد ببناء شيء بأيديهم بدلاً من تقبل الأشياء كما هي.

تقرير كريستينا شوت
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة

المساواة وحرية الأقليات
قبيل أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 اجتمعت مجموعة صغيرة من المثقفين المسلمين في إندونيسيا للقيام بتكوين ثقل مضاد للحركات الإسلامية المتطرفة في بلدهم، وقاموا بتكوين شبكة "يارنجان" للإسلام الليبرالي. تقرير كريستينا شوت.

البحث عن أجوبة إسلامية جديدة لأسئلة الحياة والواقع السياسي
يرى البعض في أندونيسيا أن الحزب الإسلامي الجديد الناجح "ب. ك. س" يشكل بديلا معتدلا للتيار الإسلامي المتطرف. تقرير اليزابيت فوللر كولنز وإحسان علي فوزي.