تحالف الكراهية

استغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى تمكنت الكراهية للإسلام، كتلك التي يتصف بها النائب الهولندي غيرت فيلدز، من أن تجد لها موطئ قدم في الولايات المتحدة الأمريكية. لكن في الوقت الحالي بات معادو الإسلام يعملون سوية على جانبي الأطلسي. توماس كيرشنر في استعراض لخلفيات هذا التحالف المعادي للإسلام في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.

اليميني فيلدرز، الصورة د.ب.ا
شعبوية يمينية تتغذى على كراهية الإسلام...

​​يوم الحزن في نيويورك كان يوم غبطة بالنسبة إلى النائب الهولندي غيرت فيلدز، فظهوره في الاحتجاجات ضد بناء مركز إسلامي في غراوند زيرو لم يكن إلا جزءا من خطة يعمل عليها منذ زمن طويل. وتتلخص هذه الخطة بـإقامة "تحالف الحرية العالمي" ضد الإسلام. وهكذا رمز حضوره في الولايات المتحدة الأمريكية التكتل الناجح للمعادين للإسلام على ضفتي الأطلسي.

واستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى وجدت الكراهية القاسية للإسلام ذات الصبغة الأوروبية موطئ قدم لها في الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً بعد أن كان الاتصال الدائم بالمواطنين المسلمين في القارة العجوز والتحذيرات الهستيرية من انتشار حكم الشريعة لم تكن تثير شيئاً من الاهتمام في بلد الهجرة أمريكا طوال سنوات عديدة. وكان رد فعل المواطنين الأمريكيين على هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 متوازناً نسبياً تجاه مواطنيهم من المسلمين، إذ لم تحدث في الولايات المتحدة احتجاجات واسعة ضد المسلمين ولم تُحرق المساجد.

ملتقيات الكراهية

ولم يقم إلا بعض المدونين بإعلان الحرب على الجهاد، وهم أشخاص مثل تشالز جونسن Charles Johnson

العضو السابق في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي رينيه شتاتكيفيتس، الصورة د.ب.ا
أسس العضو السابق في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي رينيه شتاتكيفيتس حزباً لهم، أطلق عليه تسمية "الحرية"، وهو يشبه إلى حد كبير حزب الهولندي فيلدرز

​​الذي تمكن من أن يستقطب ملايين من القراء من خلال خطبة مقالاته المسهبة العنيفة على موقعه ليتل كرين فوتبولز (Little Green Footballs). وإحدى هؤلاء القراء تدعى باميلا جيلرPamela Geller، التي كانت تكتب بشكل خاص الكثير من التعليقات المليئة بالكراهية والتي انتقلت فيما بعد للكتابة على مدونتها الشخصية أتلاس شروغز (Atlas Shrugs).

وتدير جيلر مع الكاتب الأمريكي روبرت سبنسر Robert Spencer، ويكتب هو الآخر على مدونة جهاد ووتش (Jihad Watch)، منظمة "أوقفوا أسلمة أمريكا" (Stop Islamization of America)، ويعد الاثنان في الوقت الحالي من أهم الشخصيات المعادية للإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية. كما يعدان من الضيوف الدائمين الحضور في البرامج الحوارية في التلفزيون والإذاعة، وتمكنا من الحصول على عدم مالي من المليونير ديفيد هوروفيتس David Horowitz ومن جذب النائب الجمهوري نيوت غينغريتش Newt Gingrich وسفير الولايات المتحدة السابق في الأمم المتحدة جون بولتون، الذي يعد من المحافظين الجدد.

ولكن في هذا الأثناء لا يعمل الاثنان إلا على نهج التطرف، فهما يقفان أيضاً خلف احتجاجات نيويورك التي جرت في عطلة نهاية الأسبوع الماضي. وتربطهما صلة صداقة جيدة بفيلدز، الذي يعد محط إعجابهما بسبب تطرفه، فهما يعتنقان في النهاية فرضيته التي تقول إن الإسلام ليس بدين وإنما مؤامرة لاحتلال العالم.

"الإسلامفوبيا أسمى أشكال العقلية الإنسانية السليمة"

أندريس غرافيرز، الصورة ويكيبيديا
أندريس غرافيرز، وهو جزار من الدانمارك، الذي أسس عام 2005 منظمة "أوقفوا أسلمة أوروبا" تحت شعار "الإسلامفوبيا أسمى أشكال العقلية الإنسانية السليمة"

​​إضافة إلى ذلك يقف كل من جيلر وسبنسر صفاً واحداً مع رفاقهم المؤمنين بهذه العقيدة في أوروبا. وفي إحدى اللقاءات التي عقدت في واشنطن في شباط/ فبراير الماضي، ظهرت النمساوية إليزابيث سابدتش- فولف Elisabeth Sabaditsch-Wolff، التي واجهت في بلدها دعوى قضائية بتهمة التحريض. وفي هذا اللقاء ساهم حتى أندريس غرافيرز، وهو جزار من الدانمارك، الذي أسس عام 2005 منظمة "أوقفوا أسلمة أوروبا" (Stop Islamisation of Europe) تحت شعار "الإسلامفوبيا أسمى أشكال العقلية الإنسانية السليمة"، ولم تكن منظمة "أوقفوا أسلمة أمريكا" إلا فرعاً من فروعها العديدة.

بل وذهبت صحيفة أن أر سي هاندلسبلاد الهولندية في إحدى تقاريرها إلى القول إن جيلر وسبنسر يتلقيان تعليماتهما من غرافيرز، وهو نفسه من وضعهما في زعامة المنظمة الأمريكية في العام الماضي، كما قال الدنماركي ذو اللحية المدببة متباهياً في الصحيفة، معللاً ذلك بضعف الإدارة السابقة للمنظمة.

وحتى في إسرائيل بات للدولية الجديدة لكراهية الإسلام صلات وثيقة، قد أصبحت ذات انتشار عالمي حالها في ذلك حال الإسلام السياسي. أما معادو الإسلام من الألمان فقد وجدوا لهم في الإنترنت مرتعاً خصباً، في صفحات مثل بي أي- نيوز (PI-news) ومثيلاتها. وتظهر أعداد زائري هذه الصفحات كثرة عددهم. وتجنبوا المسرح السياسي لوقت طويل، لكن في الوقت الحالي أسس العضو السابق في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي رينيه شتاتكيفيتس René Stadtkewitz حزباً لهم، أطلق عليه تسمية "الحرية"، وهو يشبه إلى حد كبير حزب الهولندي فيلدز.

الكاتب: توماس كيرشنر
ترجمة: عماد مبارك غانم
مراجعة: هشام العدم
حقوق الطبع: صحيفة زود دويتشه تسايتونغ/ قنطرة 2010

قنطرة

أجواء معاداة الإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية:
أصوات التسامح في مواجهة دعاة كراهية الإسلام
بينما أخذت تتكرر الاعتداءات على المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية، تزيد خطابات فوضوية غير مسؤولة، كخطاب الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في الجمعية العامة للأمم المتحدة، من حدة أجواء معادة المسلمين. ومع ذلك تتمتع الأقلية المسلمة بدعم كبير في الولايات المتحدة الأمريكية. غوكالب بابايجيت يسلط الضوء على طبيعة هذا الدعم.

حوار مع هاينِر بيليفيلدت حول الإسلام والحقوق الأساسية:
ظاهرة الإسلاموفوبيا.... عنصرية تتنكر بعباءة الليبرالية
يرى هاينِر بيليفيلدت، المدير السابق للمعهد الألماني لحقوق الإنسان، في هذا الحوار مع كريستيان رات أن حظر ارتداء البرقع ممكن، أما حظر بناء المآذن فمخالف للقانون، معتبرا أن ظاهرة الإسلاموفوبيا ما هي إلا عنصرية تسترت وراء الليبرالية التي اتخذتها رداء ومرجعية.

"من الذي يخشى من الإسلام؟"- نقاش بين كيليك وطارق رمضان:
مسلم أقل إسلاما ليكون أوروبيا أفضل؟
هل يشكِّل الإسلام جزءًا من الواقع الأوروبي أم تهديدًا قادمًا من الشرق؟ يدور في أوروبا منذ أعوام جدال ساخن حول تحديد مكان الإسلام في الحياة العامة، حيث عقد مؤخرا في برلين مؤتمر جمع شخصين يعتبران من أكثر الشخصيات جرأة في هذا الجدال - عالمة الاجتماع التركية الألمانية، نجلا كيليك والباحث السويسري المختص بالعلوم الإسلامية، طارق رمضان. سارة ميرش حضرت المؤتمر وتطلعنا على أهم النقاشات التي دارت فيه.