حسني مبارك، هو الفائز، لكن أغلبية المصريين لم تنتخب

بعد الإعلان عن فوز الرئيس مبارك اندلع الجدل حول تفسير هذه النتيجة. فبينما اعتبر الحزب الحاكم ومعه الرئيس نتائج الانتخابات بمثابة تكريس لشرعيتهما على نحو ديموقراطي، هاجمت كل شرائح المعارضة تلك النتائج. تقرير فايت مديك

أنصار الرئيس حسني مبارك، الصورة: أ ب
"مبارك يحكم مصر بموافقة 19 بالمائة من المصريين فقظ"

​​بعد الإعلان عن فوز الرئيس مبارك الساحق اندلع الجدل حول تفسير هذه النتيجة. فبينما اعتبر الحزب الحاكم ومعه الرئيس شخصيا نتائج الانتخابات بمثابة تكريس لشرعيتهما على نحو ديموقراطي، هاجمت كل شرائح المعارضة تلك النتائج وقررت الطعن فيها. تقرير فايت مديك

وكانت الأسباب المباشرة لهجوم المعارضة الحاد تقارير صادرة عن مراقبي انتخابات مستقلين انتقدوا في الأيام الماضية مرارا وجود تحايل على نطاق واسع في مجرى الانتخابات.

نقطة الانتقاد الرئيسية تضمنت عدم وجود أسماء العديد من الناخبين في القوائم المعنية مما جعلهم غير قادرين على الإدلاء بأصواتهم. كما لوحظ أنه قد تم شراء الأصوات والتحايل الفعلي على عملية الإدلاء بالأصوات في يوم إجراء الانتخابات. وقد تم بناء على مقولة حافظ أبو سعدة الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان EOHR التلاعب على 15 بالمائة من الأصوات.

احتجاجات في القاهرة

وقال أيمن نور في لقاء له مع وكالة الأنباء أسوشيتيد بريس :"هذه مهزلة سأعترض عليها بهدف استرداد حقوقنا". وقد شارك مع حركة "كفاية" وحزب "التجمع" ومع أنصار حزبه "الغد" بمظاهرة يوم السبت الماضي اخترقت شوارع وسط مدينة القاهرة احتجاجا على إعادة انتخاب مبارك.

ولم يقتصر النقد على التلاعب والتحايل اللذين وقعا على نتائج الانتخابات بل تضمن أيضا التشكيك في شرعية الرئيس الحالي نظرا لضآلة نسبة المشاركين بالانتخاب. فقد كُتب على أحد بوسترات المظاهرة العديدة " مبارك يحكم مصر بموافقة 19 بالمائة فقط من الناخبين".

ومع أن المصادر الرسمية زعمت بأن نسبة المشاركة بالانتخابات قد بلغت 23 بالمائة إلا أن مراقبي الانتخابات شككوا في صحة ذلك. فممثلو اتحادات القضاة المكلفين بمراقبة سير الانتخابات قالوا في يوم إجرائها بأن هذه النسبة بلغت بناء على تقديراتهم أكثر من 20 بالمائة في المناطق الريفية فقط بينما لم يدل في القاهرة سوى 3 إلى 5 بالمائة فقط من الناخبين بأصواتهم. وكان اتحاد القضاة قد أعلن عن وجود نسبة شبيهة من الناخبين في استفتاء الرئاسة الأخير أيضا.

مبارك يشكر الناخبين

رغم كل هذه الانتقادات فقد شكر حسني مبارك المصريين على التأييد الواسع الذي ناله منهم وأعلن عن نيته في متابعة المسار الإصلاحي في غضون عهد رئاسته الخامس وتابع مبارك في أول بيان ألقاه منذ يوم الأربعاء الماضي أمام عدد من أنصاره " سأسعى بكل عزم وإصرار على خلق مجتمع حديث من المواطنين الأحرار في بلد تسوده الديموقراطية".

لكن امتناع أكثر من ثلاثة أرباع المصريين عن المشاركة في الاقتراع يظهر بوضوح بأن هناك أقلية ضئيلة فقط تؤمن حتى الآن بمصداقية إرادة مبارك في تحقيق الإصلاح. فالمصريون ما زالوا يتذكرون تجاربهم المريرة مع استفتاءات الرئاسة التي جرت حتى الآن، الأمر الذي غذى لديهم الميل إلى الامتناع والتقوقع على النفس سياسيا.

لكن ضآلة نسبة المشاركين في الاقتراع تبين أيضا بأن تردي المعطيات الاقتصادية وتفاقم معدلات البطالة قد حالا حتى الآن دون نشوء طبقة وسطى قوية مؤهلة لدعم التيارات الديموقراطية وتبوء دور بارز فيها.

أهمية الانتخابات البرلمانية المقبلة

وسوف تحتل الانتخابات البرلمانية التي ستجري في شهر نوفمبر/تشرين الثاني أهمية فائقة بالنسبة للتطور السياسي المقبل. فعلى عكس الحال في انتخابات الرئاسة يمكن للمرشحين المستقلين وللأخوان المسلمين أن يشاركوا بالانتخابات البرلمانية.

ومن شأن تقوية المعارضة وتخطي المركز الاحتكاري للحزب الحاكم في البرلمان أن يزيد بلا شك من درجة الضغط على مبارك لجعله ينفذ وعوده ويتابع طريق إعادة تسييس الشارع المصري.

ولن تكون نتيجة الانتخاب وحدها مثارا للاهتمام بل ستُتاح في نفس الوقت في حالة تحسين الشروط الأساسية للانتخاب الفرصة للحكومة لكي تظهر بأن إرادتها المعلنة إزاء تحقيق الإصلاح لا تقتصر على فترة زمنية محدودة.

فلا يمكن تشجيع السكان على استئناف مساهمتهم في عملية صنع القرار السياسي إلا من خلال تكريس انتخابات حرة بالفعل. ومن الضروري في هذا السياق السماح لمراقبي انتخابات دوليين بالتواجد في مصر أثناء الانتخابات والسماح لمراقبين مستقلين من مصر نفسها بدخول مراكز الاقتراع دون قيود أو حدود.

ضرورة متابعة الإصلاحات السياسية

إن النقد العلني الموجه لنتائج الانتخابات الرئاسية وكذلك تظاهر مجموعات متباينة يوم السبت الماضي هما مما لا شك تعبير عن المتغيرات التي طرأت على المناخ السياسي للبلاد. وقد لعب قرار مبارك بالسماح لأول مرة لعدة أشخاص بترشيح أنفسهم لمنصب الرئاسة وما نجم عن ذلك من توفير بدائل سياسية عديدة للناخبين دورا بالغ الأهمية.

على الرغم من ذلك يتحتم علينا أن نتابع ما إذا كان مبارك سيفلح في تنفيذ وعوده الانتخابية المركزية كإلغاء الأحكام العرفية وتخفيف القيود الموضوعة على تأسيس الأحزاب.

فلا يمكن إلا لمثل هذه الإجراءات أن تجعل السكان المصريين يتحسسون وجود مؤشرات إيجابية نابعة من الحملة الانتخابية وينتقلون بالتالي إلى مرحلة المساهمة الفعالة في العملية السياسية.

فايت ميديك
ترجمة عارف حجاج
حقوق الطبع قنطرة 2005

فايت مديك صحفي ألماني مقيم في برلين، تابع الحملة الانتخابية وانتخابات الرئاسة في القاهرة.

قنطرة
ضعف الأمل في التغيير الديموقراطي ولكن ...
كثير من المصريين على قناعة بأن نتيجة الانتخابات معروفة مسبقا، رغم ذلك فمن الممكن اعتبار تعديل الدستور والمعركة الانتخابية ونشاط الحركات المعارضة خطوة أولى في الطريق إلى تغيير سياسي فعلي. تحليل فايت ميدك من القاهرة

حوار مع أحمد سيف الإسلام حمد، المدير التنفيذي لمركز هشام مبارك للقانون وأحد الناشطين في حركة كفاية.