مبدأ أصيل في الإسلام

تؤكد بعض الجمعيات والمنظّمات الإسلامية في ألمانيا أن حماية البيئة مبدأ أصيل في الإسلام، لذلك فهى تبذل جهودا لتوعية الجالية المسلمة بهذا الأمر، حتى يساهمون في الحفاظ على البيئة التي يتقاسمون العيش فيها مع غيرهم. بانايوتيس كوبارانيس يعرفنا على هذه الجهود.

يقول بعض الأئمة المسلمين إن حماية البيئة من المبادئ الراسخة في الإسلام

​​تم لأول مرة إبراز العلاقة بين الإسلام وحماية البيئة والمناخ للرأي العام في ألمانيا قبل أكثر من ثمانية أعوام، وذلك خلال المعرض الدولي (إيكسبو) في مدينة هانوفر الألمانية عام 2000، فقد تم في المعرض تخصيص جناح بأسره للإسلام، وتمكّن هذا الجناح من استقطاب نحو مليون زائر خلال الخمسة الأشهر التي استغرقها المعرض الدولي.

وفي قسم من جناح الإسلام حاول المنظمون إبراز التصورات الإسلامية عن علاقة الإنسان بالبيئة والمناخ، والتأكيد على أهمّية الحفاظ عليها، في وقت تتزايد فيه مطالب منظمات دولية وكذلك أحزاب سياسية بوضع قضية حماية البيئة في مقدمة الأولويات السياسية.

ويقول المعنيون إن اهتمام المنظمات والجمعيات إسلامية بحماية البيئة ليس مجرد موضة عابرة، وإنما قضية متأصلة سعى الإسلام إلى تكرسيها بين الناس. في هذا الإطار، يقول عمران ساجير، وهو مسلم ألماني من أصل هندي ورئيس "إنسان"، جمعية إسلامية متعدّدة الأعراق، إن القرآن يتضمن مفاهيم متعدّدة لحماية البيئة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الكون بأسره من خلق الله، حسب الدين الإسلامي، وبالتالي من الضرورة الحفاظ عليه.

اهتمام المنظمات والجمعيات إسلامية بحماية البيئة ليس مجرد موضة عابرة

ينتشر وعي كبير بحماية البيئة في ألمانيا والغرب عموما

​​وعلى الرّغم من أن مفهوم حماية البيئة بدلالته الحديثة قد ظهر في أوروبا قبل حوالي أربعين سنة فحسب، يقول عمران ساجير إن القرآن، وإن لم يتحدّث بصفة واضحة ومباشرة عن حماية البيئة بدلالته المعاصرة، فإنه يتضمّن عددا من الإشارات: مثلا حول كيفية معاملة الحيوانات والرّفق بها، أو إشارات إلى حسن التصرّف في الثروات المائية، ذلك أنه يتعيّن على المسلم عدم الإفراط في استعمال الماء عند الوضوء مثلا، مشدّدا في الوقت نفسه على أن التبذير يُعدّ من ضمن "الخطايا" من منظور الدين الإسلامي.

من جهته، يقول إندر شيتين، المُكلّف بشؤون الإعلام لدى الرابطة التركية الإسلامية، إن أئمة مساجد الرابطة، والتي يبلغ عددها نحو 900 مسجد منتشرة في كافة أنحاء ألمانيا، يعظون المسلمين باحترام مخلوقات الله، بما فيها من حيوانات ونباتات، والحفاظ عليها. وأعرب إندر شتين عن انطباعه بأن الناس في الدول الغربية أكثر تقيّدا بهذا "المبدأ الإسلامي" مُقارنة بالوضع في عدد من الدول الإسلامية.

توعية الجالية المسلمة بأهمية الحفظ على البيئة

ويأمل شيتين في أن يتم تأسيس مُنظمة إسلامية تُعنى بحماية البيئة على غرار مُنظمة "السلام الأخضر"، ولكنّه شكّك في الوقت نفسه في أن تجد هذه المنظمة آذانا صاغية لدى الجالية المسلمة، إذا لم يتم توعية المسلمين في ألمانيا حول أهمّية حماية البيئة والثروات الطبيعية.

تربية الجيل الصاعد على حب البيئة والحفاظ عليها ضرورة معرفية وحياتية

​​وعزا شيتين قلة الوعي بأهمّية هذا الموضوع لدى بعض المسلمين إلى بساطة المستوى التعليمي لدى عدد من المهاجرين، خاصة الجيل الأول منهم. بيد أنه أكّد في الوقت نفسه على أن الرابطة التركية الإسلامية تسعى من خلال دروس الدين الإسلامي إلى تربية الأجيال الشابة والصّغيرة على مبدأ حماية البيئة. ويقول شيتين إن هذه الدروس قد حقٌقت نجاحات ملموسة في توعية الكثيرين حول أهمية الحفاظ على بيئتهم، إذ يقول إنه لاحظ أن الأطفال أصبحوا مثلا لا ينفثون على الأرض، ويضعون القُمامة في الأماكن المخصّصة لها.

وتحاول الجمعية الإسلامية المُتعدّدة الأعراق "إنسان" توعية الجالية المسلمة في ألمانيا بأهميّة الموضوع من خلال نشاطات مختلفة، إذ تم مثلا تقديم دروس تحت عنوان "حماية البيئة في الإسلام" بالاشتراك مع مساجد ومنظّمات إسلامية أخرى، تم فيها إبراز أهمية حماية البيئة من المنظور الإسلامي.

كما تم في هذا الإطار تنظيم حملة تنظيف جماعية في عدد من الأحياء الشعبية في العاصمة الألمانية برلين. ويقول عمران ساجير، رئيس الجمعية إن الهدف من وراء تلك الحملة يكمن ليس في توعية الشباب حول أهمية العناية ببيئتهم فحسب، وإنّما أيضا في دعم اندماجهم في المجتمع الألماني، ذلك أن ألمانيا تعتبر أيضا وطنهم، وعليه يتعيّن عليهم الحفاظ على ثروات وطنهم والعناية به، حسب تعبيره.

بانايوتيس كوبارانيس
ترجمة: شمس العياري
دويتشه فيله 2009