إذاعة "صوت المرأة الأفغانية"

ما أن سقط نظام الطالبان في أفغانستان حتى إستطاعت المرأة الأفغانية المشاركة في الحياة الإجتماعية من جديد. حيث أُنشئت محطة إذاعية تُعنى بالنساء منذ أمد قريب. راتبيل شامل كتبت عن ذلك.

الصورة: أ ب

​​

كل بداية صعبة! هذا ما تدركه أيضاً جميلة مجاهد مديرة تحرير إذاعة "صدى- يي زانه أفغان" أي "صوت المرأة الأفغانية". وتقول بشجاعة "يتعين على أحدنا أن يخطو الخطوة الأولى". "صدى- يي زانه أفغان" هي محطة إذاعية من إعداد النساء للنساء، وهي بادرة جديدة في أفغانستان. إذ كانت هناك برامج إذاعية تُعنى بشؤون المرأة قبل مرحلة الطالبان، ولكن لم يسبق أن كان هناك محطة إذاعية خاصة بالنساء أبداً.

التنوير والتعليم

"النساء الأفغانيات كُنَّ دائماً ولازلن محرومات الحقوق في مجتمعنا. نريد أن نُعلِمهُن عبر إذاعتنا بأن لهن حقوق أيضاً"، كما توضِّح جميلة مجاهد، "فأكثر النساء الأفغانيات لا يعرفن على الإطلاق أنهن على غرار الرجال جزء من المجتمع". جميلة مجاهد الناشطة المعروفة في مجال حقوق المرأة في أفغانستان، لا تسعى لخلق قطبين متنافرين بل لتنوير المجتمع. فهي تَعْرِفُ حساسية معظم الرجال الأفغان حين تتعلق الأمور بزوجاتهم. بالرغم من ذلك تصلها يومياً رسائل تهديد واتصلات هاتفية مجهولة الوُجهة.

هذه التهديدات لا تخيف جميلة مجاهد، التي تقول "هناك وقائع في بلادنا يَحرِقنَ فيها البنات الشابات أنفسهن، لأنهن يُرغَمْنَ على الزواج". محطة النساء الإذاعية هي منبر لمحاربة هذا الخلل الإجتماعي. لذا لا تتوجّه محطة "صدى- يي زانه أفغان" إلى النساء فقط، بل أيضاً إلى الرجال كي يتمكنوا بدورهم من فهم زوجاتهم وأخواتهم وبناتهم بشكل أفضل. "سنتحدث عن العنف في بيت الزوجية، وسنعرض حلولا لحياة مشتركة بين الرجل والمرأة تكون أكثر سلاما"، كما تَقول جميلة مجاهد. "ستقدم إذاعتنا إضافة إلى ذلك برامج محو الأمية للنساء".

لدى الجميع جهاز راديو

أكثر من 90 بالمائة من النساء في أفغانستان لا يعرفن القراءة ولا الكتابة. ثلاثة وعشرون عاماً من الحرب وحكم الطالبان تركا آثارا واضحة: إلزام الحجاب، وإغلاق مدارس البنات، ومَنعِ النساء من الظهور في المرافق العامة بدون مرافقة أحد من الذكور - هذه كانت فقط بعض الإجراءات الواسعة النطاق لقمع النساء اللاتي كُنَّ أيضاً محدودات الحقوق من قبل.

لذا تخطط "صدى- يي زانه أفغان" بالإشتراك مع وزارة التعليم لبث برامج تدريس للنساء عبر الإذاعة. وسيكون من ضمن مقدمي هذه الدروس رجال دين مطّلعين. مفاد الفكرة أن يُوضِّح رجال الدين للمستمعات، أن قمع النساء ليس مشيئة الله، مستندين بذلك إلى مراجع دينيةَ.

الإذاعة الأولى للنساء في افغانستان لا تحتوي على برامج إخبارية وتعليمية وحسب، بل تسعى لجذب جمهور كبير من خلال البرامج الموسيقية والترفيهية. جميلة مجاهد وطاقمها المؤلف من تسع زميلات قررن عن وعي اختيار الوسط الإعلامي الإذاعي. "كل شخص في بلادنا يمتلك جهاز راديو. فهو رخيص الثمن ويُمْكِنُ استخدامه بدون التيار الكهربائي" كما تشير جميلة، وتضيف: "عن طريق الإذاعة يُمْكِنُنا أن نصل إلى أكثر النساء في بلادنا".

المطلوب قدرة على الإرتجال

أخفقَت المحاولات الأولى لتأسيس إذاعة نسائية قبل سنتين بسبب نقص المال. الآن يُمْكِنُ استقبال "صدى- يي زانه أفغان" في كابول وخمس مدن مجاورة بفضل المساعدة المبدئية للمؤسسة الألمانية للتنمية DED. بيد أن الإستمرار بتمويل الإذاعة النسائية ليس مضموناً هذه المرة أيضاً. جميلة مجاهد وزميلاتها يعملن بشكل تطوعي ويعقدن الآمال على عائدات من الدعايات. والجدير بالذكر أن بعض رجال الأعمال في كابول قد تبرعوا بمبلغ قدره خمسة عشر ألف دولار تقريباً حتى الآن، لكن هذا ليس كافياً أبداً.

إضافة إلى ذلك تفتقد "صدى- يي زانه أفغان" إلى مبنى خاص. مقر الإذاعة الحالي هو مبنى "Ayena" للإعلام، حيث غرفة واحدة تستخدم للإجتماعات التحضيرية وللإرسال معاً. يتم بث المساهمات مباشرة على الهواء وذلك لعدم توفر غرفة خاصة للتسجيل. الكثير من المثالية، والعديد من رسائل التشجيع التي تصل الإذاعة، يمدون النساء في الإذاعة بالطاقة للتْمَسُّك بمشروعهن.

جميلة مجاهد تأمل أن يُدعم المشروع من قبل المنظمات النسائية من كل أنحاء العالم ومن المحطات الإذاعية الكبيرة. "وإن لم تأت المساعدة" تَقول امرأة الإذاعة الشجاعة من كابول: "لن نستسلم، الدرب القادم لا يمكن أن يكون أكثر وعورة من ذاك الذي سلكناه حتى الآن".

راتبيل شامل

ترجمة يوسف حجازي

© DEUTSCHE WELLE/DW-WORLD.DE 2005