أكاديمية الإعلام العراقي – من أجل سلطة رابعة حقيقية

افتتحت كل من القنصلية الألمانية العامة في إربيل ومنظمة "الإعلام عبر التعاون وفي التحول" أكاديمية الإعلام العراقي التي تمولها وزارة الخارجية الألمانية لدعم استقلال المشهد الإعلامي العراقي بوصفه مقياسا للثقافة السياسية. مناف الساعدي من أربيل- بغداد والمزيد من التفاصيل.



في إطار عملها على توطيد علاقاتها بالعراق الجديد، تقوم ألمانيا بالعديد من المشاريع السياسية والاقتصادية منذ عام 2003، وقد اتسع هذا الدعم ليشمل الإعلام أيضاً. فبهدف تطوير المشهد الإعلامي في العراق والنهوض به، افتتحت كل من القنصلية الألمانية العامة في إربيل ومنظمة "الإعلام عبر التعاون وفي التحول" منتصف حزيران/ يونيو الماضي أكاديمية الإعلام العراقي(MICT)، التي تمولها وزارة الخارجية الألمانية في برلين.
فضلاً عن ذلك، تقدم الخارجية الألمانية مبلغ قدره مليون و500 ألف يورو لدعم استقلالية المشهد الإعلامي في العراق بوصفه مقياساً للثقافة السياسية والدستورية.


من أجل الوصول إلى سلطة رابعة حقيقية


الصورة دويتشه فيله
هنريك أوجونز مدير مشروع الأكاديمية

​​وعن سبب مشاركته في الأكاديمية، يقول أحد الدارسين: "أرغب في تطوير خبراتي وإمكانياتي الصحفية في أسلوب الكتابة واختيار المواضيع المناسبة لعمل قصص جيدة تخرج عن الإطار المحلي والاستفادة من خبرات المدربين الأجانب والورش التي تنظمها الأكاديمية".  ويضيف أحمد محمد حسن (23 عاماً) في حوار مع دويتشه فيله: "بحكم عملي في مجال الصحافة المطبوعة أجد أن الصحافة العراقية تفتقر إلى خبرات عديدة، تناقشها الأكاديمية كأسلوب الكتابة بشكل حرفي وكذلك الأمور التقنية التي ترافق إعداد القصص كاختيار الصور التي تناسب القصة أو الموضوع". ويشير حسن إلى ضرورة إقامة مثل هذه المشاريع لكي يرتقي الإعلام العراقي إلى مستوى الطموح عن طريق تطوير الوسائل الإعلامية المختلفة مهنياً لكي "نصل إلى مرحلة تصبح فيها الصحافة العراقية فعلا السلطة الرابعة"، على حد تعبيره.


أما محمد عامر علي، فقد التحق هو الآخر بإحدى الدورات في مجال التصوير الصحفي، أقامتها الأكاديمية في العاصمة بغداد، ويعزي سبب انضمامه إليها بقوله: "لدي رغبة كبيرة في تطوير وصقل مهاراتي وكسب خبرات أكبر في مجال التصوير الصحفي وبتقنية حديثة". ويضيف علي (27عاماً)، والذي يعمل في إحدى الصحف العراقية: "تعلمت من خلال هذه الورشة الكثير عن كيفية التعامل مع الناس وإقناعهم بالتقاط بعض الصور أثناء المقابلة الصحفية أو في الأماكن العامة".
ومن المؤكد أن هذه الخبرات توسع من آفاق الفضاء الحر، الذي سمح بتأسيس عدد كبير من القنوات الإعلامية والصحف بعد سقوط النظام السابق عام 2003، سواء أكانت حزبية أم مستقلة. وهذه "الفورة الإعلامية" باتت بحاجة إلى دراية كافية بمفردات العمل الإعلامي والصحفي، وهي بحاجة أيضاً إلى دورات تأهيلية للتعريف بأهمية العمل الصحفي كسلطة رابعة.


تعزيز الصحافة النوعية

 


وعن الدور الذي ستضطلع به هذه الأكاديمية يقول هينريك اوغنس، مدير مشاريع أكاديمية الإعلام العراقي (MICT)

الصورة دويتشه فيله 2011
أحمد محمد حسن يرغب في تعلم الجديد لتحسين عمله الصحفي

​​في أربيل: "إن أكاديمية الإعلام العراقي تعتبر مؤسسة استشارية مستقلة، تعمل على توفير خدمات مصممة خصيصاً للإعلاميين والصحفيين والمتحدثين الرسميين في العراق". ويضيف أوغنس أن "هدفها يتمثل في تعزيز الصحافة النوعية والاقتصادية فضلاً عن الاستقلالية ودعم استدامة وسائل الإعلام في العراق وفق المبادئ الصحفية المتعارف عليها دولياً".


ويضيف أوغنس في حوار مع دويتشه فيله أن "الورش التدريبية التي تقيمها الأكاديمية عبارة عن دورات إعلامية حديثة ومتطورة، يتم من خلالها تدريب وتطوير الكوادر العاملة في الصحف والقنوات الإعلامية العراقية"، مشيراً إلى أن "البرنامج مخصص للعاملين في مجال الإعلام ومن لديهم خلفية عن العمل الصحفي". وعلى الرغم من وجود مقر الأكاديمية في أربيل، إلا أن نشاطاتها تغطي العاصمة بغداد أيضاً. عن ذلك يوضح اوغنس بالقول: "هناك مشاريع عدة تقوم بها الأكاديمية في العاصمة بغداد باعتبارها مركزاً مهماً يضم العديد من وسائل الإعلام والتي تقدر نسبتها بـ70 بالمائة من مجمل المشهد الإعلامي العراقي، مقارنة ببقية المحافظات".


وتهتم أكاديمية الإعلام العراقي بتطوير قدرات الشباب الصحفية من خلال تنظيم دورات تدريبية لهم بالاستعانة بمدربين محليين ودوليين من مختلف الجنسيات.  ويبين اوغنس أن عمل الأكاديمية يقوم على محورين أساسيين في إقامة دوراتها، أولهما: الورش المفتوحة ويتم الإعلان فيها عن إقامة دورة في مجال الصحافة المطبوعة أو السمعية والمرئية ويتم قبول المتدربين فيها بشرط امتلاكهم خلفية عن العمل الصحفي. أما النوع الآخر من الورش فيقام داخل المؤسسات الإعلامية وذلك بالتنسيق المشترك معها، لتطوير خبرات كوادرها، وذلك بالاعتماد على المدربين المحليين والدوليين أيضاً.


محطات إذاعية باللهجة المحلية


وعن خطط الأكاديمية ونشاطاتها المستقبلية يكشف اوغنس عن العمل على دعم وسائل الإعلام المسموعة الصغيرة (الراديو)، بافتتاح محطات إذاعية داخل القرى والأرياف تبث "بلهجة القرية" أي باللهجة الدارجة والمفهومة لدى سكان القرى. ويشير هنا إلى أن "البرنامج يتم تمويله من قبل وزارة الخارجية الألمانية وبالتنسيق مع القنصلية الألمانية في اربيل".
من جانبه أكد نائب رئيس البعثة الألمانية والقائم على أعمالها في العراق اولريش كنه، على حرص بلاده الكبير على تطوير الإعلام العراقي بصورة حرة ومستقلة من أجل دعم مسيرة الديمقراطية في العراق الجديد، مشيراً إلى أن "العراق مازال في وضع انتقالي وبحاجة إلى تحسين نوعية الإعلام الذي يسهم في إحلال السلام".


وقال اولريش كنه في حوار خاص مع دويتشه فيله إن "وزارة الخارجية الألمانية في برلين دعمت أكاديمية الأعلام العراقي في اربيل بمبلغ قيمته مليون و500 ألف يورو لمدة ثلاث سنوات"، مبيناً في الوقت ذاته أن هذا المشروع سيستمر بقاؤه في العراق من دون سقف زمني محدد، وأنه واحد من عدة مشاريع تعتزم ألمانيا أقامتها في العراق مستقبلاً.

 

مناف الساعدي/ أربيل- بغداد
مراجعة: سمر كرم

حقوق النشر: دويتشه فيله 2011