انتصار "بيّارات" الليمون على "جرافات" الموت

أثار الفيلم الجديد للمخرج الإسرائيلي عيران ريكليس ضجة كبيرة في مهرجان برلين السينمائي الدولي هذا العام. في فيلم "شجرة الليمون" يتناول المخرج بسخرية لاذعة الصراع الحدودي والجغرافي بين الإسرائيليين والفلسطينيين. يوخن كورتن في رؤية نقدية للفيلم.

لوحة دعائية للفيلم
يشكل الفيلم صورة مصغرة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي

​​يهتم جمهور السينما في ألمانيا اهتماماً خاصاً بالسينما الإسرائيلية. ويعود هذا الاهتمام من ناحية إلى الفظائع التي ارتكبها النظام النازي في ألمانيا بحق اليهود، مما أثار اهتماماً كبيراً بمصير دولة إسرائيل عموما، وبثقافتها على وجه الخصوص. ومن ناحية أخرى فإن الصراع المتضخم في الشرق الأوسط يشغل بالطبع أذهان الناس في ألمانيا.

عندما عُرض فيلم "شجرة الليمون" في سلسلة "بانوراما" في مهرجان برلين السينمائي الدولي هذا العام كان الكل متفقا على أنه يستحق جائزة. غير أن أفلام "بانوراماً" لا تنافس على جائزة الدب الذهبي أو الفضي. ولذلك مُنح فيلم "شجرة الليمون" جائزة الجمهور.

بستان ليمون سلمى في خطر

تعيش الأرملة الفلسطينية سلمى على قطعة أرض مملوكة لها في الضفة الغربية على الحدود مع إسرائيل مباشرةً. تريد السلطات الإسرائيلية اقتلاع الأشجار من حديقتها الصغيرة المزروعة بالليمون، فوزير الدفاع الإسرائيلي قد انتقل للسكن في منزل قريب منها، والإجراءات الأمنية تتطلب قطع الأشجار المحيطة بالمنزل لأنها تعني – حسب رأي قوات الأمن – قدراً عالياً من المخاطرة، إذ إن المسلحين قد يستخدمون هذا الأشجار الكثيفة للاختباء بينها.

مشهد من الفيلم، الصورة: برليناله
انتصار روائح أشجار الليمون على روائح الكراهية..

​​ولكن الفلسطينية سلمى لا تستسلم بسهولة. وهكذا تبدأ كفاحها. بمساعدة محام فلسطيني شاب ترفع الأمر إلى القضاء. هذا النزاع حول بستان الليمون يثير أيضاً الخلاف بين وزير الدفاع وزوجته التي تبدي تفهماً لموقف جارتها الجديدة.

عبر الحواجز والأسوار

فيلم "شجرة الليمون" ينقل صورة عن الصراع الذي يتسيد نشرات الأخبار ليلاً ونهاراً. يتناول الفيلم أكثر المناطق الحدودية حساسية في العالم كله، كما يعرض لحياة الناس الذين يعيشون ويعملون على هذه الحدود. إنه يدور في النهاية حول الأرض التي تتنازع مجموعات مختلفة على ملكيتها.

ويبلغ الصراع في الفيلم ذروته عندما تقف سلمى مع محاميها وصديقها الأبوي أمام أعلى هيئة قضائية إسرائيلية في القدس.

مع مجموعة من السينمائيين أخرج عيران ريكليس في السنوات الأخيرة عدة أفلام حققت ازدهارا للسينما الإسرائيلية الشابة. في فيلمه يركز ريكليس بالطبع على القوة الإيحائية للصور، كما يضمن فيلمه قصة حب، دون أن يستغني تماماً عن الميلودارما.

داوود أمام جلياط

المخرج عيران ريكليس، الصورة: برليناله
الفيلم يروي قصة ثورة الضعفاء ضد الأقوياء وأصحاب السلطة

​​عيران ريكليس ينحاز هنا أيضاً للفلسطينيين، ويروي حكاية أخرى لنضال داوود ضد جلياط، وبهذا يروي قصة ثورة الضعفاء ضد الأقوياء وأصحاب السلطة. هذه القصة المشبعة بالرموز لسلمى ومحاميها اللذين يحاربان الآلة العسكرية الضخمة التي تمتلكها الدولة الجارة يستخدمها المخرج كي يطلق إشارة. إشارة تنتصر للتسامح والسلام.

يفعل المخرج ذلك على نحو مُقنِع للغاية يجعل كل مشاهد تقريباً يفهم مصالح الجانبين أو يتفهم ذلك. "شجرة الليمون" فيلم سياسي وتراجيديا إنسانية في آن واحد، وهو يعكس مصيراً فردياً يهز نفس المشاهد هزاً: مصير إنسان يجد نفسه في بؤرة أحداث العالم.

بحكاية بسيطة متخيلة ينجح المخرج في تناول صراع كبير حقيقي تناولاً سينمائياً. هذا ما شعر به جمهور مهرجان برلين السينمائي الدولي بكل وضوح، وهذا ما سيشعر به المشاهدون في صالات السينما الألمانية في الأسابيع القادمة أيضاً.

يوخن كورتن
ترجمة: صفية مسعود
قنطرة 2008

فيلم "شجرة الليمون" (2007) إنتاج إسرائيلي ألماني فرنسي مشترك، إخراج عيران ريكليس، سيناريو سهى عراف وعيران ريكليس. بطولة هيام عباس وعلي سليمان ودورون تافوري.

قنطرة

الكاتبة والرسامة عايدة نصرالله:
أزمة الهوية... "مَن أنا"..."أين أنا" "
صدرت حديثاً الترجمة الألمانية لرواية "عزيزي من وراء البحار" للكاتبة والفنانة الفلسطينية -الإسرائيلية عايدة نصرالله. في هذه الرواية تستكشف الكاتبة أبعاد الهوية المركبة للفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل. مارتينا صبرا التقت عايدة نصرالله في مدينة كولونيا خلال الرحلة التي قامت بها في ألمانيا للتعريف بكتابها الجديد.

كتابان عن إسرائيل وفلسطين:
شعبان ...رحلتان...دليلا سفر
"رحلة في ربوع إسرائيل" و"رحلة إلى فلسطين": أكثر مما يتوقع المرء بكثير، إذ يكمل هذان الكتابان بعضهما بعضا – الكتاب الأول كتبته الصحفية الألمانية زيلكه تيمبل، والثاني بقلم الكاتب الفرنسي إريك هازان. مارتين فوربيرغ في رحلة نقدية للكتابين.

حوار مع الكاتب الإسرائيلي آساف غافرون:
لعبة كمبيوتر في خدمة السلام
وضع الكاتب الإسرائيلي آساف غافرون نصوص لعبة كمبيوتر تحمل اسم "صانع السلام" في محاولة منه لتعزيز رؤية السلام في الشرق الأوسط. غافرون عرض كذلك في روايته "اغتيال جميل" وجهات نظر غير معتادة بسبره غور العالم الداخلي الخاص بشخص إسرائيلي وقع ضحية الإرهاب وبشخص انتحاري فلسطيني. أريانا ميرزا تحدَّث مع هذا الكاتب الإسرائيلي.