يجب علينا ألَّا نخدع أنفسنا: إذ إنَّ تجَّار المظهر الحَسَن يتناسبون تمامًا مع عالم ترامب. فهم يخلقون واقعًا بديلًا. وما زالوا يفعلون ذلك. على سبيل المثال بتنا نسمع فجأة أنَّ جمال خاشقجي لم يكن "شخصًا طيِّبًا" قطّ. وأنَّه كان يتعاطف مع "الإسلاميين". لذلك فلا عجب من أنَّ شخصًا مثله وقف في طريق إصلاحات ولي العهد السعودي!

من الممكن في عالم ترامب التقليل من شأن جريمة اغتيال من خلال الحديث بشكل سيء حول ضحية الاغتيال. وهكذا تفقد اللغة وظيفتها الأساسية كوسيلة لوصف الواقع والتفاهم حول المعايير الأخلاقية.

ولذلك يجب على المرء أن يُقيّم بحذر تصريحات رؤساء الشركات الأمريكية، الذين ألغوا مشاركتهم في مؤتمر المستثمرين في الرياض. "الحذر" ليس بمعنى أنَّ رئيس شركة أمازون جيف بيزوس ومدير شركة بلاكروك لاري فينك وكذلك دارا خسروشاهي -الرئيس التنفيذي لشركة أُوبَر- سيسافرون سرًا في هذا الأسبوع إلى محمد بن سلمان لحضور مؤتمر "دافوس في الصحراء".

بل يجب توخي الحذر من هذه الناحية لأنَّ اعتذارهم عن المشاركة لا يعني أنَّ هذه الشركات لن تتعامل في المستقبل مع محمد بن سلمان. رؤساء الشركات لن يتمكنوا من مقاومة إغراء الرياح المواتية، التي يقدِّمها لهم دونالد ترامب في طريقهم إلى المملكة العربية السعودية الجديدة تحت قيادة محمد بن سلمان.

جو كايزر رئيس شركة سيمنز: أعمال في ظل رياح ترامب

هناك رجل أعمال ألماني يتبع خط ترامب من دون طُرُق ملتوية: إنه السيّد جو كايزر، وهو الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز. فهو يريد وعلى الرغم من مقتل جمال خاشقجي حضور مؤتمر المستثمرين في الرياض وقد برَّر ذلك أثناء ظهوره في مدينة تورنتو الكندية، بقوله: "إذا توقّفنا عن التواصل مع الدول التي يُفتقد فيها أشخاص، فعندئذ يمكنني البقاء في المنزل". وأضاف إن كنا نريد تغيير شيء ما فيجب علينا أن نتحدَّث مع الناس، وليس حول الناس. ولكن قبل يوم واحد من بداية المؤتمر، ألغى كايزر حضوره.

فكيف تتناسب كلماته ومراوغته مع موضوع منشار العظام؟ حين يتعلق الأمر بتحريف الكلام والإهمال الأخلاقي يبرهن رئيس شركة سيمنز -المشاركة في مؤشر الأسهم الألماني داكس- أنَّه تلميذ جيِّد لدونالد ترامب.

في شهر أيَّار/مايو (2018)، قال كايزر في مقابلة مع قناة سي إن إن الأمريكية إنَّه يتبع "دائمًا توجيهات السياسة". وكان يقصد بذلك سياسة دونالد ترامب، وبصيغة أدَّق انسحاب ترامب من الصفقة النووية مع إيران ومطالبة الشركات بوقف أعمالها التجارية مع إيران. كان كايزر من أوائل المطيعين.

اقرأ أيضًا: مقالات مختارة من موقع قنطرة