Haidar 10.4.

العلاقات العراقية-الأردنية

نزار حيدر، 4 نيسان/أبريل 2005

هنالك عدة حقائق تتعلق برد فعل العراقيين ضد الإرهاب القادم من جار السوء، الأردن:

فلأول مرة، يشهد العالم العربي، تظاهرات شعبية غير سلطوية، لم تدع لها الحكومة، ولم يحرض عليها الحزب الحاكم، كما لم يجبر طلاب المدارس، مثلا، على ترك مقاعد الدراسة للتظاهر في الشوارع، أو موظفي الدوائر لترك أعمالهم للنزول إلى الساحات العامة، تأييدا لسياسات الحاكم الأوحد والرمز الضرورة، بل إنها تظاهرات تحركت من الشارع لتجبر الأحزاب السياسية على إبداء رأي في الحدث، ولتفرض على الحكومة، التي هي في الأصل ضد هذه التظاهرات، ولم تكن لتتخذ موقفا ضد البلد المعني بها، الإسراع في اتخاذ موقف رسمي، على الأقل لذر الرماد في العيون.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، لم يقتصر رد الفعل هذا، على العراقيين في داخل العراق فقط، وإنما شمل كل العراقيين في مختلف دول العالم التي يتواجد فيها العراقيون بدءا من دول أوربا، صعودا إلى استراليا والى قارة أميركا الشمالية، ولو منحتهم الظروف السياسية في البلاد العربية والإسلامية، فرصة مماثلة، لما استثني بلد من بلدان العالم، إلا وشهد من التظاهرات والاعتصامات، ما شهدته بغداد والحلة وكربلاء والبصرة، وكل مدن العراق الأخرى.

إنها التعبير العفوي والصادق في آن، عن الغضب الشعبي المحتقن في نفوس العراقيين من جار السوء هذا، الذي ظل طوال ربع قرن يحتلب العراق في ظل نظام الطاغية الذليل، وبدلا من أن يقف اليوم إلى جانب العراقيين في محنتهم الحالية، عمد إلى عضهم، كالكلب المسعور الذي لا يشبع نهمه شيئا

(...)

إن العراقيين ليستغربون، بل ليضحكون من سخرية القدر، عندما يوصف رد فعلهم الغاضب هذا ضد الأردن، على انه نكران للجميل، وكم أتمنى أن يبادر الإعلام الشجاع إلى فتح ملف العراقيين الذين مروا على الأردن زمن النظام البائد، ليطلع المغفلون على مدى (الجميل الكبير) الذي قدمه الأردنيون (ملكا وحكومة وشعبا) إليهم، أيام المحنة ورحلة العذابات.

إن العراق لم يستفد من منفذه على الأردن، أبدا، على العكس، فلقد استفاد الأردن من ذلك بشكل كبير، كما استفاد من هذا المنفذ، الإرهابيون المنتشرون في المنطقة الغربية من العراق .

إن الأردن الذي تحول إلى المنفذ الوحيد للعراق بعد سقوط النظام البائد، يستفيد بشكل كبير من حركة المال العراقي، كما انه يستفيد كثيرا من كل نشاط سياسي أو دبلوماسي أو أكاديمي، يخص العراق، يقوم على أراضيه، إذ أن مثل هذه النشاطات تدر عليه بالملايين، كما انه يستفيد كثيرا جدا من عقود تدريب الشرطة والحرس الوطني العراقي الجديد.

(...)

ولا شك، فان منفذ العراق عبر الكويت (الجنوب) أفضل بكثير من منفذه على الأردن (الغرب)، وهنا يلزم أن أبين الحقائق التالية:

فمن اجل أن لا يكون كل رد الفعل الشعبي الضخم والكبير هذا، ضد الأردن كقفزة في الهواء، اعتقد انه يجب أن تنتهي الأزمة، بنتيجة واضحة جدا، وان ترسو على بر نهاية واضحة وملموسة.

أما المشروع الذي اعتقد انه الوحيد الذي يساوي ثمن كل هذا الغضب الشعبي، فهو: تحويل منفذ العراق الأول والاهم، من الأردن إلى الكويت.

إن تنفيذ هذا المشروع، سيساهم في تجفيف المنابع الاقتصادية للإرهابيين، في المنطقة الغربية، ويجفف الأرضية التي يقفون عليها، وينتشرون فيه.