مسؤولية صربيا عن مذبحة سربرينيتسا

رفضت محكمة العدل الدولية في لاهاي الدعوى التي قدمتها البوسنة والهرسك ضد بقية يوغوسلافيا. إلا أن القضاة صنفوا لأول مرة مذبحة سربرينيتسا كجريمة الإبادة الجماعية وحمّلوا دولة صربيا مسؤولية المشاركة في الجريمة. تعليق بنيامين برغان

​​رفضت محكمة العدل الدولية في لاهاي الدعوى التي قدمتها البوسنة والهرسك عام 1993 ضد بقية يوغوسلافيا (صربيا وجمهورية الجبل الأسود)، بتهمة الإبادة الجماعية للبوسنيين الكروات والمسلمين. إلا أن القضاة صنفوا لأول مرة مذبحة سربرينيتسا كجريمة الإبادة الجماعية وحمّلوا دولة صربيا مسؤولية المشاركة في الجريمة. تعليق من بنيامين برغان

مرة أخرى تعطي المجموعة الدولية قرارا واضحا "لا نفي فيه ولا إثبات". إن المرء ليتفهم خيبة أمل ضحايا الحرب من الأغلبية المسلمة في البوسنة والهرسك. ذلك لأن الكثير منهم شرّدوا وعذّبوا واغتصبوا على يد قوات الاحتياط وأفراد العصابات من صربيا ومونتينيغرو.

لهذا فإن أهالي ضحايا المسلمين البوشناق في المدينة البوسنية بيلينيا لن يفهموا أبدا مثل هذا القرار. كيف وقد قضى ذويهم نحبهم في الأيام الأولى للحرب على يد القوات الخاصة والكوماندوز الذين جاءوا من صربيا واقترفوا جرمهم برضا حكومة بلغراد آنذاك.

وقد حدث مثل هذا في بعض مدن أخرى بالبوسنة والهرسك وثبت ذلك أكثر من مرة في القضايا التي قدمت إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي. وقد أكدت ذلك رئيسة محكمة العدل الدولية القاضية روزلين هيغنز بصورة غير مباشرة وقالت أن صربيا قدمت مساعدات عسكرية ومالية للبوسنيين الصرب لدرجة كبيرة.

هل كانت هذه المساعدات الكبيرة سببا في المسؤولية المباشرة عن الإبادة الجماعية؟ أم أن القضية لم يتم البت فيها بصورة نهائية أو – وهذه هو الأرجح – أن قضاة محكمة العدل الدولية لم يكن لديهم الجرأة الكافية والصبر على عمل ذلك دون مراعاة المؤثرات السياسية المحتملة.

على الرغم من ذلك كان لحكم محكمة العدل الدولية جانب إيجابي، فحتى الآن كانت غالبية رجال السياسة الصربية تتحدث عن حكم مسبق ضد الصرب عامة. هؤلاء – وغالبيتهم من القوى القومية – استغلوا الفرصة وقدموا لشعبهم قبل ذلك حكايات عن حكم قهري ظالم ضد الصرب عامة.

بعض الصرب صدقوا هذه الحكايات – شاكرين – خاصة إذا كانت المسألة تتعلق بدورهم الخاص أثناء سنوات الحرب. إن إصدار حكم ضد صربيا كان من الممكن أن يزيد من قوة مثل هؤلاء الناس. وعلى كل الأحوال هذه هي المرة الأولى التي ترفع فيها دعوى ضد دولة بتهمة الإبادة الجماعية.
والآن اختفى عذر من الأعذار كان يقف أمام تقديم مجرمي الحرب من جنرالات الصرب إلى محكمة جرائم الحرب في لاهاي. وهذا الحكم يعتبر خطوة مهمة في طريق فردنة مسؤولية الجرم، وهذا ما كان يطالبه الصرب غالبا.

إن حكومة بلغراد سوف تفسر هذا الحكم بالأحرى على أنه بمثابة تخفيف للعبء. لهذا فإن المجتمع الدولي وعلى وجه الخصوص الإتحاد الأوروبي يجب عليه أن يبينا للصرب أن التعاون مع محكمة العدل الدولية في لاهاي يظل شرطا للتقرب من البنى الأوروأطلسية. وإلا فسوف تتوقف محاولات الصرب الضعيفة لمعاقبة مجرمي الحرب بسرعة ودون أن يسمع عنها أحد.

بقلم بنيامين برغان
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع قنطرة 2007

بنيامين برغان صحفي ألماني يعمل في إذاعة دويتشه فيلله

قنطرة

حوار مع المدير السابق لمعهد ماكس بلانك للقانون الجنائي الدولي
في الحوار التالي يقدم ألبين إسر تفسيره للحكم الصادر من محكمة العدل الدولية بحق صربيا ومسؤوليتها عن الجرائم خلال حرب البوسنة