في حالة الشك لمصلحة الرجل!

تزداد في تركيا أصوات المدافعات عن حقوق المرأة والناشطات النسويات اللواتي ينتقدن مسودة تعديل الدستور، فالإصلاح الدستوري الذي تنوي الحكومة إجراؤه لا يزيد من حقوق المرأة، بل يحدّ منها بشكل جذري، حسب رأيهن. ديلَك زابتچي أُوغلو أعدّت هذا التقرير من إسطنبول.

البرلمان التركي؛ الصورة: أ ب
ترى المدافعات التركيات عن حقوق المرأة أنَّ مسودة تعديل الدستور الذي تنوي الحكومة إجراؤه لا يزيد من حقوق المرأة، بل يحدّ منها بشكل جذري

​​كانت دهشة هوليا غولبهار رئيسة جمعية "قادر"، التي تعتبر واحدة من أكبر الجمعيات النسوية التركية، كبيرة جدًا، عندما تم تأنيبها من قبل أعلى جهة في البلاد. حيث أقدمت أثناء حضور رئيس مجلس الوزراء رجب طيب أردوغان على طلب إقرار محاصصة نسبية (نيابية) للنساء في الدستور الجديد.

قالت موجهة كلامها لإردوغان: "حتى في قانون رواندا الأساسي يوجد تنظيم محاصصة نسبية كإجراء من أجل تمييز النساء تمييزًا إيجابيًا". فأجابها أردوغان مبتسمًا: "إذا كنت تفضّلين العيش في رواندا - فلا أحد يمنعك من ذلك".

صار من المؤكد الآن أنَّ تركيا سوف تحصل في العام 2008 على دستور جديد. لكن ما هو مضمون هذا الدستور؟ لا يزال هناك اختلاف حول ذلك. من المتوقَّع نشوب معارك شديدة بين مجموعات المجتمع المختلفة، ليس فقط ما بين العاملين وأرباب العمل، بل كذلك بين الرجال والنساء.

انتقادات شديدة للإصلاح الدستوري

لا يشكّ أحد في ضرورة قيام الجمهورية بإجراء تعديلات جذرية على قانونها الأساسي، الذي تمّ إقراره في العام 1982 من قبل العسكريين. بيد أنَّ حزب العدالة والتنمية الحاكم قام بتكليف لجنة من الخبراء بكتابة مسودة الدستور خلف أبواب موصدة، بسبب عدم تمكّن الأحزاب السياسية من الاتفاق على المضمون.

لم تكد تفاصيل المسودة تتسرّب في بداية الخريف حتى صار هذا الاصلاح الدستوري يتعرّض لانتقادات شديدة. تكمن أهم نقاط الخلاف في السؤال عن الصيغة التي ستحدِّد شكل العلمانية، أي مبدأ فصل الدين عن الدولة، والمبادئ الكمالية والدولة المركزية في مقدّمة الدستور؟ هل سيسمح على سبيل المثال بارتداء الحجاب بالنسبة لموظّفات القطاع العام وفي الجامعات؟

كان جواب حزب العدالة والتنمية على الانتقادات المتسرِّعة الموجَّهة له من قبل معارضيه، والتي تفيد بأنَّ حزب العدالة والتنمية يريد حذف العلمانية والمبادئ الكمالية من مقدّمة الدستور وتحويل الدولة المركزية إلى "جمهورية فيدرالية متعدِّدة القوميات"، بالإسراع في سحب مسودته. وصفت الحكومة هذه الانتقادات بأنَّها لا تقوم على أيّ أساس من الصحة.

صرَّح في آخر المطاف نائب رئيس حزب العدالة والتنمية دنكير مير محمد فرات قائلاً: "لن نغيِّر المقدّمة الحالية"، وأكَّد على أنَّ القانون الأساسي الجديد لن يتضمّن "حرية ارتداء الحجاب".

أما إذا كان الدستور التركي الجديد، الذي يجب أن تتم المصادقة عليه بأغلبية ثلثي أعضاء البرلمان، سوف يتعامل مع "قضية الحجاب" وبأيّ شكل، فهذا الأمر يبقى غير واضح إلى حين.

خلاف على محاصصة نسبية للنساء

لكن على ماذا تم تأنيب السيدة هوليا غولبهار رئيسة جمعية "قادر" من قبل رئيس مجلس الوزراء رجب طيب أردوغان؟ لأنَّها سألته عن إقرار المحاصصة النسبية للنساء، التي اكتسبت مؤخرًا أهمية أكبر من قضية الحجاب.

ترى المدافعات التركيات عن حقوق المرأة أنَّ مسودة تعديل الدستور الذي تنوي الحكومة إجراؤه لا يزيد من حقوق المرأة، بل يحدّ منها بشكل جذري.

يتمحور الجدال حول التغيير في المادة العاشرة من الدستور الحالي - "المساواة أمام القانون". تنص هذه المادة على أنَّ: "الجميع متساوون تمامًا أمام القانون بصرف النظر عن لغتهم وعرقهم وجنسهم وأفكارهم السياسية وعقيدتهم ودينهم وانتمائهم الطائفي ومميِّزاتهم الأخرى. الرجال والنساء يتمتّعون بنفس الحقوق. تلتزم الدولة بمراعاة تطبيق هذه المساواة".

لقد تمت إضافة الجملة الخاصة بمساواة الرجال والنساء إلى الدستور فقط في العام 2004 بفضل كفاح مرير خاضته الجمعيات والمنظمات النسوية. جملة جعلت روح الدستور ديموقراطية - على الأقل حسب رأي النساء.

منتدى من أجل دستور جديد

لكن سيتم الآن في المسودة الجديدة إلغاء هذه الجملة المضافة واستبدالها بهذه الصيغة: "الجميع متساوون تمامًا أمام القانون... لا يجوز تفسير الاجراءات الخاصة بحماية المجموعات التي تحتاج إلى الحماية بصورة خاصة، مثل النساء والأطفال والشيوخ والأشخاص المعوّقين، بما يضر بمبدأ المساواة".

لكن أن يُقرر الآن إلغاء المساواة ما بين الرجل والمرأة، التي تم إرساؤها في القانون الأساسي التركي بصيغة واضحة بعد كفاح مرير استمر طيلة عقد من الزمن، ويتم الحط من قيمة المرأة ووضعها بجانب "الأطفال والشيوخ والأشخاص المعوّقين"، فهذا أمر لا تقبل به الجمعيات والمنظمات النسوية التركية والمدافعات عن حقوق المرأة.

قامت ست وثمانون جمعية من مختلف الأطياف السياسية، من الكردية حتى التركية ومن العلمانية حتى الإسلامية، بعقد لقاء في شهر تشرين الأول/أكتوبر في إسطنبول وبتأسيس "المنتدى النسوي من أجل دستور جديد" Anayasa Kadin Platformu وبعد اجتماعات وجلسات طويلة اتّفقت هذه الجمعيات على تغيير صيغة مادة المساواة.

الالتزام بمعاهدات دولية

اتّخذت النساء، اللواتي يوجد بينهن الكثير من القانونيات ممن يعملن في المحاماة والقضاء، قرارًا يقضي بتلخيص مطالبهن في مذكّرة وعرضها على رئيس مجلس الوزراء عبد الله أردوغان حتى نهاية الشهر الجاري تشرين الثاني/نوفمبر. من المقرر أن يتم في هذه المذكّرة تذكير الحكومة التركية بالمعاهدات الدولية، التي وقّعت عليها تركيا من قبل - من هذه المعاهدات قرارات لهيئة الأمم المتَّحدة والاتِّحاد الأوروبي تتعلّق بحماية حقوق المرأة.

تحتل النساء في تركيا، التي يبلغ عدد سكّانها ثمانين مليون نسمة ونصفهم من النساء، ثمانية وأربعين مقعدًا في البرلمان التركي، الذي يبلغ مجموع مقاعده خمسمائة وخمسين مقعدًا. لكن على الأقل كانت توجد امرأة واحدة في لجنة الخبراء، التي صاغت مسودة الدستور بتكليف من الحكومة.

بقلم ديلَك زابتچي أُوغلو
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2007

قنطرة

خطوة الى الأمام
تضاعف حجم التمثيل النسائي في البرلمان التركي المنبثق عن الإنتخابات التي جرت مؤخراً مقارنة بالتمثيل النسائي في البرلمان السابق. ومع ذلك يؤكد بعض المدافعات عن حقوق المرأة التركية أن العدد وحده ليس الفيصل في موضوع المساواة. تقرير من عايشة تكين.

المجتمع على المحك
ليس فقط في ألمانيا وفرنسا يدور رحى جدل حول غطاء الرأس يزداد حدة يوما بعد يوم، وإنما في تركيا أيضا، حيث يهدد هذا النقاش في شرخ المجتمع. تقرير ديليك سباتجي أغلو من إسطنبول.

جهود حثيثة لزيادة نسبة السياسيات
أعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم أنه سيتم زيادة نسبة المشاركة النسائية في عضوية الحزب إلى 30%. وتسعى منظمة "جمعية تدريب ودعم النساء المرشحات"، إلى زيادة المشاركة النسائية في المشهد السياسي التركي. هنريته فريغه تحدثت الى رئيسة الجمعية، المحامية سيهون أكشي أغلو.