قوانين ملزمة تحمي جميع الخاشقجيين وحق المعرفة

يتفق الناشط البارز في حرية التعبير داوود كُتّاب مع من يرون في قتل خاشقجي سابقة خطيرة تُعَرِّض الإعلاميين للخطر وتحد من حرية الإعلام وحق الجمهور في المعرفة، ويطالب بقوانين ملزمة تضمن حماية الصحفيين.

الكاتبة ، الكاتب: Daoud Kuttab

لمدة شهرين، غطت أحداث مقتل الصحفي السعودي المقيم في الولايات المتحدة -جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول-  وتداعياتها الجيوسياسية على عناوين الصحف في كافة أرجاء العالم. ولكن القضية ليست فريدة من نوعها عالمياً، فبحسب المعهد الدولي للصحافة فإن العنف ضد الصحفيين والإفلات من العقاب يعتبر "من أكثر المخاطر على الإعلام في العالم اليوم."

الحكومات  غالباً ما تستعمل العصى والجزرة في محاولة احتواء والسيطرة على الإعلاميين. فالبعض يقوم بمكافأة الصحفي لالتزامه بالرواية الرسمية للدولة من خلال مساعدات مالية أو من خلال رشى بأشكال مختلفة. ولكن في حال رفض الصحفي لتلك الهبات فمن الممكن أن يتم سحب حقوقه مثل عدم تجديد جواز سفره أو محاولة تدمير سمعته/ها.

وفي المدة الأخيرة أصبح العديد من الحكام الشموليين يكررون أقوال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب باعتبار الصحفيين "أعداء الشعب" لأنهم ينشرون "أخبار كاذبة." ويعتبر هذا تراجعا كبيرا للولايات المتحدة والتي كانت تاريخيا تسطر مثالا قوياً بحماية حرية الصحفيين ومن خلال ثقافتها المشجعة للتحقيقات الاستقصائية.

صحفيون يجرؤون على مواجهة الحكام بالحقائق

السجن هو أيضاً أحد الطرق المفضلة للأنظمة الديكتاتورية لإسكات الصحفيين الذين يجرؤون على مواجهة الحكام بالحقائق. ففي مصر لا يزال الصحفي محمد حسين موقوفا لمدة سنتين بدون محاكمة. وفي الإمارات العربية المتحدة يقضي الصحفي تيسير النجار حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات والتي قد تمدد إذا لم تستطع عائلته دفع الغرامة الباهضة بمبلغ حوالي 136 ألف دولار بسبب مداخلة له على منصة تواصل اجتماعي. وفي تركيا يعاني 150 صحفيا في السجون منذ محاولة الانقلاب الفاشلة. في تموز/يوليو 2016 مما صنع من  تركيا أكبر سجان للصحفيين.

الرئيس الأمريكي ترامب وولي عهد السعودية محمد بن سلمان 2017 في الرياض.  Foto: picture-alliance/AP
Waffendeals statt Menschenrechte und "America First": westliche Länder haben es versäumt, klar Stellung zu beziehen. Trump etwa hat erklärt, er "stehe zu" Saudi-Arabien, einem engen Verbündeten der USA – weitgehend, um die großen Waffengeschäfte mit dem Königreich nicht zu gefährden.

{الحكومات  غالباً ما تستعمل العصى والجزرة في محاولة احتواء الإعلاميين والسيطرة عليهم.}

طبعاً هناك الصحفييون الذين دفعوا التضحية القسوى في محاولتهم بخدمة الحقيقة. فقد تم قتل 75 صحفياً لغاية الآن خلال هذا العام، وأشارت لجنة حماية الصحفيين إلى  12 دولة في العالم حيث لم يتم حل خمس حالات قتل لصحفيين أو أكثر خلال عام 2017.

ويشمل هذا مناطق حروب وعنف مثل العراق والصومال وسوريا ودول ديمقراطية أو شبه ديمقراطية مثل البرازيل والهند والمكسيك والنيجر وروسيا. تلك الدول وبعضها حلفاء لأمريكا ودول غربية أخرى- لم يعانوا من دفع ثمن سياسي أو دبلوماسي لأعمالهم. وفي هذا المضمار فإن ما حدث نتيجة لمقتل خاشقجي يبعث برسالة قوية.

ولي العهد السعودي متهم بأنه أمر بقتل خاشقجي ولكن الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان في العديد من الدول النامية التي تستفيد ماديا من دعم السعودية يطلب منهم بصورة مؤدبة (وأحياناً بصورة غير مؤدبة) أن يحتفظوا بصمتهم أثناء تجول محمد بن سلمان في مناطقهم وهو يحاول تحسين صورته.

في العديد من الدول العربية -على سبيل المثال- تعتبر جريمة إذا ما قام أحد بعمل أو نشر مادة قد تؤذي سمعة "دولة شقيقة أو دولة صديقة". ففي حين قام بعض نشطاء حقوق الإنسان في تونس بالاحتجاج العلني لزيارة ابن سلمان الأخيرة، امتنع النشطاء العرب في دول عربية أخرى من أي عملية احتجاجية رغم معارضتهم للمسؤول السعودي خوفا من السجن.

وفي دول غربية أيضا، امتنع المسؤولون عن اتخاذ أي موقف. فقال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مثلا إنه "يقف مع" حليفه السعودي رافضا اتهام ولي العهد، وذلك لحماية مصالحه وصفقات الأسلحة الضخمة التي تنوي السعودية شراءها من واشنطن.

إعلاميون شجعان

ومن الإعلاميين القلائل الذين امتلكوا الشجاعة للمعارضة كان الصحفيين الفلسطينيين تحت الاحتلال. فقد وقع أكثر من 150 صحفيا فلسطينيا مستقلا عريضة على موقع أفاز، معتبرين أن عملية قتل خاشقجي "وضعت سابقة خطيرة ستعرض صحفيين آخرين للخطر وستحد من حرية التعبير وحرية العمل الصحفي وحق الجمهور بالمعرفة.

احتجاجات ضد زيارة محمد بن سلمان إلى تونس.  Foto: Reuters
Proteste gegen "Abul Irhab" alias Mohammed bin Salman: In vielen arabischen Ländern etwa ist es ein Verbrechen, etwas zu tun oder zu veröffentlichen, was dem Ruf "eines Bruder- oder befreundeten Landes" schaden könnte. Während also viele tunesische Menschenrechtsaktivisten gegen MBS' jüngsten Besuch protestierten, mussten viele arabische Aktivisten trotz ihrer deutlichen Ablehnung der Handlungen des saudischen Kronprinzen hiervon absehen, um nicht ins Gefängnis zu wandern.

{العنف ضد الصحفيين والإفلات من العقاب يعتبر "من أكثر المخاطر على الإعلام في العالم"، بحسب المعهد الدولي للصحافة.}

وحاولت العريضة النظر إلى ما هو أبعد من قضية خاشقجي حيث طالب الموقعون بتشريع "قوانين ملزمة تضمن حماية الصحفيين وتوفر لهم الحق في العمل المهني بحرية ودون عقاب مع تأكيد ضرورة عقاب من ينتهك ذلك الحق".

فبوجود جرائم واسعة ضد الصحفيين، وفي نفس الوقت أهمية عمل الصحافة المستقلة للمجتمع، يجب احترام مطالب العريضة من قبل المواطنين في أي منطقة يتم تحديد حرية الصحافة فيها، وتضع عمل المهنيين في خطر.

 

 

داوود كُتّاب

حقوق النشر والترجمة: بروجيكت سنديكيت 2018

 

ar.Qantara.de

داوود كُتّاب كاتب مساهم في صفحة "نبض فلسطين" في موقع المونيتور. وهو صحفي فلسطيني وناشط إعلامي، وبروفيسور سابق في الإعلام والصحافة في جامعة برينستون، وهو المدير العام لشبكة الإعلام المجتمعي، وهي منظمة غير ربحية تسعى لدعم الإعلام المستقل في المنطقة العربية. كُتّاب ناشط في الدفاع عن حرية الإعلام في الشرق الأوسط، وهو كاتب أعمدة في صحف "جوردان تايمز" و"جيروزالم بوست" و"ديلي ستار" اللبنانية، وشارك في إنتاج عدد من الأفلام الوثائقية الحائزة على جوائز وبرامج الأطفال التلفزيونية. نال عدة جوائز دولية، بما فيها جائزة حرية الصحافة من لجنة حماية الصحافيين في نيويورك، وجائزة لايبتسيغ للشجاعة في الحرية، وجائزة السلام عبر الإعلام من مؤسسة نيكست البريطانية.