هوس عمليات التجميل في مصر

"إذا كنت ترغبين في رشاقة نانسي عجرم، تعالي إلينا ". إنه نموذج من ضمن الإعلانات الموجودة حالياً في مصر. والمثير أن الكثير من المصريات يقبلن عليها بتهافت عجيب. نيللي يوسف تبحث عن الأسباب.

المُغنية إليسا قبل وبعد عملية التجميل، الصورة:www.egyptsons.com
عمليات التجميل تُحول المغنية إليسا من اليسار إلى اليمين

​​"إذا كنت ترغبين في رشاقة نانسي عجرم، خصر أليسا، شفاه نوال الزغبي أو صدر هيفاء وهبي، تعالي إلينا لنحقق لك كل ذلك في يوم واحد"، هذه الإعلانات تنتشر في وسائل الإعلام المختلفة وفي شكل ملصقات إعلانية بالشوارع وحتى على جدران وسائل النقل. فعمليات التجميل تشهد ازدهارا كبيرا في مصر. نيللي يوسف تبحث عن الأسباب.

تؤكد الإحصاءات أن هوس البحث عن ملامح نجمات الفيديو كليب بين النساء المصريات ساهم في زيادة رواج عمليات التجميل حيث ارتفعت إلى حوالي 450 ألف عملية سنويا وارتفع عدد الأطباء المتخصصين في إجرائها من 30 طبيباً إلى 308 خلال الخمس سنوات الماضية نظرا لأرباحها الكبيرة مقارنة مع التخصصات الطبية الأخرى.

وتعد العملية التجميلية الأكثر إقبالا عند المصريات هي عملية تصغير الثدي. ويبلغ عددها نحو 25 ألف عملية سنويا، و تتراوح تكلفتها ما بين 3000 إلى 5000 جنيه مصري، ثم عمليات شفط الدهون حيث أن 60% من المصريات يعتبرن بدينات وتتكلف العملية ما بين 2000 و حتى 7000 جنيه، تليها عمليات تجميل الأنف وتكلفتها 2000 جنيه، في حين يتكلف تجميل العيون والشفاه 5000 جنيه. وهناك أيضا عمليات تضييق المهبل، بالإضافة لعمليات أخرى تصل تكاليفها في المستشفيات الأكثر شهرة إلى عشرات الآلاف من الجنيهات.

شرطة التجميل

ولم تعد عمليات التجميل مقصورة فقط على الطبقة الثرية في المجتمع المصري، بل تلجأ إليها أيضا الكثيرات من أصحاب الطبقة المتوسطة والفقيرة برغم ظروفهن الاقتصادية الصعبة. وخاصة بعدما انتشرت مراكز التجميل في الأحياء العشوائية والمناطق الفقيرة، وتقدم خدماتها بأسعار رخيصة حيث تحول الأمر إلى تجارة يعمل فيها غير المتخصصين.

الأمر الذي أدى لحدوث تشوهات عديدة لبعض النساء، ووفاة البعض الآخر ممن ارتدن هذه المراكز. فقد لجأت بعض السيدات إلى الشرطة - التي أصبح يطلق عليها "شرطة التجميل" لكثرة تلقيها شكاوى واتهامات تجاه عدة مراكز تجميل - اكتشفت أنها غير مرخصة من وزارة الصحة والعاملين فيها غير مؤهلين علميا.

وقامت وزارة الصحة المصرية بتوجيه تحذيرا للنساء بأن أغلب هذه المراكز ما هي إلا مافيا للنصب عليهن باسم التجميل. فلقد استغل تجار هوس النساء والفتيات المصريات اللاتي أصبح التجميل لديهن شيئا ضروريا وحلما يسعين لتحقيقه، وخاصة أن عصر الفضائيات والعولمة كرس لمفهوم الجسد والجمال على كونه ضرورة وليس ترفيهاً.

ويعزو بعض خبراء علم الاجتماع الإقبال المتزايد على تلك العمليات لارتفاع نسبة العنوسة عند الفتيات، حيث أكد آخر تقرير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري أنه يوجد حوالي 9 مليون عانس، ولذلك تلجأ الكثيرات منهن لهذه الجراحات، أملا في الحصول على زوج.

الحرية المفقودة والضغوط السياسية

الممثلة المصرية الكوميدية سعاد نصر، الصورة: www.egyptsons.com
الممثلة المصرية سعاد نصر كانت إحدى ضحايا عمليات التجميل القاتلة التي أودعتها في غيبوبة ما زالت تعاني منها حتى الآن

​​ويرجع الباحث الاجتماعي أحمد المجدوب هذا الهوس بعمليات التجميل إلى عدة أسباب، منها الاهتمام المتزايد بتقليد الغرب ونموذج الجمال الغربي، طغيان المادة، تشتت الهوية وفقدان الهدف لدى الشباب المحبط في ظل فوضى اجتماعية وسياسية واقتصادية في المجتمع المصري كله.

يضاف إلى ذلك حالة القهر التي يعيشها الشباب، فيحاولون البحث عن الحرية المفقودة في حرية التصرف في وجوههم وأجسادهم لأنها الحرية الوحيدة لهم في ظل مناخ سياسي يقمع أي حرية أخرى لهم. فمحاولات تجميل الوجه والجسد ما هي إلا محاولات لتجميل الواقع المر من حولهم.

بينما يرى بعض المحللين السياسيين أن الشباب يعيش حمى التغيير ويحلم به في كل مناحي الحياة. فمثلما توجد حركة شباب من أجل التغيير والتي تدخل ضمن حركة " كفاية"، فهم يريدون أيضا تغيير الشكل لتحقيق مستوى أفضل من السعادة.

وخلال العام الماضي، أصبح الرجل أيضا منافسا للمرأة في عمليات التجميل حيث يقبل على عمليات زرع الشعر وشفط الدهون.

اختلاف الآراء بين الشباب

وتنقسم أراء الفتيات والشباب في مصر حول هذه العمليات، فهناك من يراها ضربا من الجنون في أن ترغب فتاة أو شاب في تغيير الشكل الذي خلقهم الله عليه. كما أنه يعد من وجهة نظرهم ترسيخا لثقافة المظهر دون الاهتمام بالجوهر وكأن كل المشكلات في مصر من فقر وبطالة وفساد قد انتهت حتى تذهب الفتيات لتعديل الأنف أو نفخ الشفاه، مشيرين إلى أنه قريبا ستتشابه العيون والشفاه لو أطلقنا العنان لهذه العمليات.

بينما ترى الفئة المؤيدة من الشباب لهذه العمليات على أنها حرية شخصية ولا تستحق كل هذا الهجوم عليها، وخاصة أنها تواكب التقدم العلمي والاجتماعي والثقافي والحضاري لأي مجتمع. ويؤكدون أن المجتمع يعيش ازدواجية متناقضة. فهو من جهة يؤيد بعض عمليات التجميل الموروثة بحكم العادات والتقاليد، مثل ختان الإناث أو اضطرار بعض الفتيات لإجراء عملية إعادة غشاء البكارة خوفا من اضطهاد المجتمع لهن بعد دخولهن في تجربة جنسية خارج إطار الزواج، وهو من جهة أخرى يرفض تجميل الأنف أو تصغير الثدي.

وكان قد وجه الشيخ على جمعة مفتي الديار المصرية رسالة لأطباء التجميل بأن بعض ما يجرونه من عمليات - وخاصة تلك التي تجري على سبيل الترف والبذخ - محرمة شرعا، و لكن في حالة ما إذا كانت هناك تشوهات في البدن تدخل الهم والغم إلى النفس وتجعلها في حزن دائم، فيمكن إجراء عملية تجميل.

نيللي يوسف
حقوق الطبع قنطرة 2006

قنطرة

حين تتحول جراحة التجميل إلى موضة
تتشابه الشابات في "مقهى برازيليا" في طهران إلى درجة تثير الريبة. يعتقد المرء من النظرة الأولى أن الموضة هي السبب

عالم عربي مصاب بعلل مزمنة
رسم مشهد عام للعالم في فضاء العولمة، التي تطرح نفسها بقوة في القرن الجديد، بمشاكلها المعقدة وتحدياتها المستقبلية الهائلة، هذا هو هدف كتاب"أطلس العولمة"،الصادر تحت إشراف"لوموند ديبلوماتيك" الصحيفة الفرنسية الشهرية.

جينز إسلامي
طرحت شركة إيطالية أول سروال "جينز" بمواصفات إسلامية إلى الأسواق: فضفاض ويسهل على مرتديه الركوع والسجود. كما أن شعار الشركة المنتجة حيك باللون الأخضر استيحاء لرمزية هذا اللون في الإسلام