"إسرائيل تستغل تشرذم العرب لتدمير قدرات حماس وإفشال الوحدة الفلسطينية"

يرى الخبير اللبناني أوهانس غوكجان أن إسرائيل تريد استغلال ظروف تفكك تحالفات حماس مع مصر وسوريا، وحالة التشرذم العربي والأوضاع في سوريا والعراق، لتدمير بنياتها التحتية، وإجهاض المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح. كما يرجح أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت أن تكون عملية " الجرف الصامد" العسكرية التي تقوم بها إسرائيل ضد حماس، محدودة في نطاقها وأن لا تصل إلى حد مواجهة واسعة النطاق أو دفع الأمور إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.

الكاتبة ، الكاتب: منصف السيمي

أستاذ أوهانس غوكجان، برأيك هل ستكون حماس ستكون هذه المرة أضعف عسكريا وسياسيا في مواجهة إسرائيل، بالنظر لتفكك تحالفها مع سوريا وقطيعتها مع مصر وبرود العلاقات مع السعودية وإيران؟

أوهانس غوكجان: أولا ينبغي أن نعرف بأن إسرائيل لا تريد مواجهة عسكرية كبرى مع حماس، وتحاول استغلال الوضع المفكك في الشرق الأوسط سواء بسوريا أو العراق أو المشاكل بين حماس ومصر، للتصعيد ضد حماس وهي تقول ـ أي إِسرائيل ـ إنها تريد تدمير البنيات التحتية للحركة.

لكن هدف إسرائيل يكمن في أن لا تستمر عملية السلام، وهي تحاول استخدام الوحدة (المصالحة) الفلسطينية بين حماس (وفتح بقيادة) محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية، كذريعة ضد الفلسطينيين.

وأكبر دليل على عدم رغبة إسرائيل في استمرار عملية السلام هو فشل وزير الخارجية الأميركي جون كيري في إقناع إسرائيل في ملفات الاستيطان وقضايا أخرى في المفاوضات.

من الناحية العسكرية، هل تبدو حماس في وضع أضعف من السابق؟

أوهانس غوكجان: هذا وارد، ولكن حماس لديها مخزون من الصواريخ تستطيع أن تقصف بها إسرائيل، وربما تكون قدراتها العسكرية أضعف من السابق.

إسرائيل تريد تدمير البنيات التحتية لحركة حماس، بهدف وقف اتفاق المصالحة بين الفلسطينيين ودفعهم إلى الانقسام من جديد، وهي تأخذ بعين الاعتبار حالة التشرذم العربي والوضع في سوريا والعراق، الذي يجتاز تحديات كبرى، بالإضافة إلى علاقة حماس غير الجيدة مع مصر.

إسرائيل تستغل تشرذم العرب لتدمير قدرات حماس وإفشال الوحدة الوطنية الفلسطينية
يرجح الدكتور أوهانس غوكجان أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في بيروت أن تكون عملية " الجرف الصامد" العسكرية التي تقوم بها إسرائيل ضد حماس، محدودة في نطاقها وأن لا تصل إلى حد مواجهة واسعة النطاق أو دفع الأمور إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة.

وهل شن هجوما بريا إسرائيليا على قطاع غزة وارد على الأقل بالشكل الذي تم في حرب 2008؟

أوهانس غوكجان: لا أرجح اتجاه قيام إسرائيل بحملة عسكرية واسعة جدا، لأن الوضع الداخلي الإسرائيلي أيضا لا يحتمل ذلك. هنالك انتقادات إسرائيلية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باعتباره المسؤول عن وقف عملية السلام وعن توتر العلاقات الأميركية الإسرائيلية.

ولذلك من المرجح أن تكون هذه العملية العسكرية محدودة، وفي إطارها تظل إسرائيل قادرة على تدمير بعض قدرات حماس لكن ليس إلى حد التدمير الكامل للقدرات العسكرية والصاروخية للحركة، وذلك لاعتبارات عديدة أشرنا إليها.

ألا تعتقد أن حماس يمكن أن تستفيد من حالة الغضب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس إثر مقتل شاب فلسطيني على متطرفين يهود؟

أوهانس غوكجان: أعتقد أن إسرائيل تريد أن تؤذي حماس وأن تدمر بقدر المستطاع قدرات حماس العسكرية والصاروخية، لكن لا أعتقد أن إسرائيل تريد قيام انتفاضة ثالثة، لأن ذلك ليس من مصلحتها. ولذلك لا أتوقع أن تتعقد الأمور أكثر، بقدر ما ستسعى إسرائيل للاستمرار في قصفها لمواقع حماس لإذايتها عسكريا وسياسيا عبر منع قيام الوحدة (المصالحة) الفلسطينية بين فتح وحماس.

ما هو الثمن الذي يمكن أن تدفعه إسرائيل إقليميا ودوليا في حال إقدامها على شن حرب واسعة النطاق ضد حماس؟

أوهانس غوكجان: الاتحاد الأوروبي مستاء من هذا الوضع، وينتقد الأوروبيون المواقف الإسرائيلية وخصوصا في ملف الاستيطان وتجميد عملية السلام مع الفلسطينيين. إن إسرائيل تريد أن تؤذي حماس ولكنها لن تذهب إلى حد إحداث قطيعة مع الإتحاد الأوروبي. ولذلك أرجح أن تبقى العملية الإسرائيلية محدودة في الزمان والمكان، لأن توسيع العملية العسكرية سيؤدي إلى توتر متصاعد في العلاقة مع الاتحاد الأوروبي.

وكيف ترى موقف محمود عباس في حال تطور المواجهة بين إسرائيل وحماس، هل سيؤدي ذلك إلى التوقف عن التقارب مع حماس أم سيتجه لتصعيد موقفه ضد إسرائيل؟

أوهانس غوكجان: أعتقد أن محمود عباس يمكنه أن يتحرك في ظل الوضع الراهن وتطوراته المحتملة، باتجاه يمكن فهمه من خلال إشاراته أمس الاثنين، إلى نيته التحرك لدى الأمم المتحدة واللجوء للقانون الدولي. ولكن ستكون الأنظار موجهة للموقف الأميركي الذي يكتسي أهمية كبيرة جدا، فهل سيكون موقف إدارة الرئيس باراك أوباما إلى جانب الفلسطينيين أم لا؟ هذه علامة استفهام كبيرة. ولكن عموما يمكن لمحمود عباس أن يأخذ هذا التوتر العسكري إلى الأمم المتحدة والقانون الدولي.

رد انتقامي على مقتل الشبان الثلاثة
رد انتقامي على مقتل الشبان الثلاثة: ُقتل فلسطيني اسمه محمد أبوخضير (16 عاما) من القدس الشرقية بعد خطفه في وقت مبكر من صباح الأربعاء (2 يوليو/ تموز). ووجهت أصابع الاتهام إلى مجموعة تعرف باسم "العائلة"، تضم المشجعين اليمينيين المتطرفين لنادي بيتار القدس لكرة القدم المعروفين بممارساتهم العنصرية، ومنظمة "لاهافا" التي تنشط ضد الزواج المختلط خاصة بين العرب واليهود.

وعلى المستوى الداخلي، هل تعتقد أنه سيتخلى عن تقاربه مع حركة حماس؟

أوهانس غوكجان: لا اعتقد أنه سيفعل ذلك، لأن محمود عباس يدرك جيدا أن المشكلة في عملية السلام ليست بسبب الوحدة الفلسطينية بين حماس وفتح، وإنما تكمن المشكلة في إسرائيل ومواقف نتنياهو بالتحديد. وحسب رأيي فإن الجانب الفلسطيني، في ظل الوضع الحالي، هو الذي ليس لديه شريك في عملية السلام، والعكس ليس صحيحا.

لكن عندما تتم عمليات اختطاف لإسرائيليين مثلما حدث قبل أسابيع، وتُطلق صواريخ من غزة الخاضعة لنفوذ حماس، ألا يعني ذلك أن حماس تمارس في الواقع عرقلة لأي جهد تفاوضي يمكن أن يقوم به عباس مع إسرائيل؟

 

أوهانس غوكجان: يقودنا هذا السؤال لتساؤل حول أين تكمن مصلحة حماس؟ لأن جر الفلسطينيين إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل لا تؤدي إلى النتيجة المرجوة، ففي نهاية المطاف ستؤذي إسرائيل الفلسطينيين بشكل أكبر وكذلك ستؤذي حماس بقدر أكبر.

ولذلك اعتقد أنه ليس من مصلحة حماس فتح أبواب مواجهة عسكرية مع إسرائيل، لكن حماس لا يمكنها أن تبقى مكتوفة الأيدي في هذه الحالة وسترد بحسب القدرات العسكرية والصاروخية المتوفرة لديها.

 

وعموما لا اعتقد أن العملية الحالية التي تطلق عليها إسرائيل "الجرف الصامد" ستتطور أكثر وتؤدي إلى مواجهة عسكرية مفتوحة على جميع الجبهات وعلى مدى طويل، لأنه ليس من مصلحة الفلسطينيين، محمود عباس وحماس، ولا من مصلحة إسرائيل أن يحدث ذلك.

 

 

أجرى الحوار: منصف السليمي

حقوق النشر: دويتشه فيله 2014

تحرير: عبده جميل المخلافي