الإصلاح والمجتمع المدني في العالم العربي

استقطب المنتدى المدني الأول تحت عنوان "هل يسير العالم العربي في طريق الاصلاح الديمقراطي وتعزيز حقوق الانسان". في بيروت 50 منظمة أهلية عربية. وبهذه المناسبة كان هذا اللقاء مع بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لحقوق الانسان، الجهة المنظمة للمؤتمر.

الصورة: ماركوس كيرشغيسنر

​​

استضافت بيروت في آخر مارس/آذار فعاليات المنتدى المدني الأول والذي كان من المخطط أن ينعقد موازيا للقمة العربية في تونس، وذلك بحضور 60 مشاركاً من 50 منظمة أهلية في 15 دولة عربية. عقد المنتدى بدعم من المفوضية الاوربية تحت عنوان "هل يسير العالم العربي في طريق الاصلاح الديمقراطي وتعزيز حقوق الانسان". وناقش المنتدى في ندواته عدداً من الموضوعات المتصلة بعملية الاصلاح في ظل التطورات الراهنة وخصوصا بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وانعكاسات ذلك على المدى الطويل في خضوع المنطقة العربية لضغوط عديدة لها علاقة بنفس الموضوعات، بحيث يبدو، للوهلة الأولى، أن الضغوطات الخارجية تلتقي وتتزامن مع المطالب الداخلية. وقد رفع التقرير الختامي الى أمانة الجامعة العربية لطرحه على القمة العربية. وبهذه المناسبة كان هذا اللقاء مع بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لحقوق الانسان، وهي الجهة التي نظمت المؤتمر.

هل تلتقي توصياتكم مع الضغوط الخارجية الاميركية لفرض الاصلاح على المنطقة العربية؟

بهي الدين حسن: إنها ليست ضغوطا لفرض جدول اعمال او اهداف معينة. ولكنها ضغوطات من اجل اصلاح الحالة المتردية لهذه المنطقة التي، نتيجة لهذا، صارت مصدرا للتطرف والارهاب ليس فقط لمجتمعاتها كما حدث في الجزائر ومصر واليمن بل صارت مصدرا للارهاب في العالم كما شاهدنا في اميركا في الحادي عشر من أيلول، او كما حدث في مدريد مؤخرا.

نحن كمنظمات حقوق الانسان نعمل من أجل احترام حقوق الانسان العربي منذ أكثر من عقدين من الزمن، وبعضنا كان يشارك في كفاح الاحزاب السياسية منذ ثلاث عقود أو أربعة. فالمسألة ليس لها علاقة بالضغوط الخارجية. بالعكس الغرب في السنوات الماضية كان يتواطأ مع الانظمة والحكومات المستبدة في العالم العربي في مواجهة حركات الاصلاح.

اذا كان هناك موقف جديد فهو الموقف الخارجي، أما نحن فموقفنا أصيل وليس ناتجاً عن ظروف طارئة. ولكن، للأسف الشديد، أغلب الحكومات العربية تبدي حساسية اكثر للمطالب الخارجية مقارنة بالمطالب الوطنية الداخلية النابعة من معاناة شعوبها، ولذلك فإننا لا نفاجئ عندما تستجيب هذه الحكومات لبعض هذه الضغوط بينما هي طوال الوقت تقمع كل المطالبين بالاصلاح من الداخل.

ما هي أهمية المؤتمر في رأيك؟

حسن: اهمية المؤتمر انه عبارة عن بلورة وتكثيف للمطالب الرئيسية من اجل الاصلاح الديمقراطي واحترام حقوق الانسان في العالم العربي وتقديمها في صورة رسالة الى الملوك والرؤساء العرب في اجتماع القمة العربية.

صورة المنتدى بالنسبة لمراقب خارجي تبدو وكأنها تتحرك على الخط الفاصل بين الأنظمة العربية وشعوبها.

حسن: لا أظن ان هذه هي المشكلة. المشكلة ان الحكومات العربية تضع العراقيل لكي تحول دون حدوث الحد الأدنى من التفاعل بين المنظمات غير الحكومية وبين الشعوب، وهي تنظر إلى أي رأي آخر باعتبار أنه طامح في السلطة أو أن يكون بديلاً لها، رغم أن هذا ليس دور المجتمع المدني، إنه دور تنمية ووعي وتنوير، أما قضية السلطة والحكم فهي قضية الأحزاب السياسية سواء كانت في السلطة أو معارضة.

يعقد المؤتمر بدعم المفوضية الأوربية هل هناك شروط لهذا الدعم؟

حسن: هذا المؤتمر يعقد بدعم من المفوضية الأوربية وهذا معلن سواء للصحافة أو على اللافتات الخاصة بالمؤتمر والمعلقة في القاعات أو على غلاف كل ورقة تم توزيعها داخل الندوات بما في ذلك جدول الاعمال. فنحن نحرص على مسألة الشفافية وهو دعم غير مشروط بأي شرط سياسي. الشرط الوحيد هو ان تكون الحسابات المالية دقيقة.

هل يمكن القول ان المناخ العالمي السائد حالياً ساعد في تفعيل دور المنظمات الأهلية والمدنية؟

حسن: هناك بالفعل تطور كبير حدث خلال السنوات الماضية في مجال الوعي بحقوق الانسان وأهمية دور المجتمع المدني في العالم العربي. الأمر الذي يفرض على الحكومات أن تأخذ بعين الاعتبار دور المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان. أما مكافحة الارهاب فكانت لها تأثيرات سلبية لأنها أعطت المشروعية للإجراءات التقييدية التي أثرت على حقوق الانسان والتي تمارس في كثير من الدول العربية بدعوى مكافحة الارهاب، وهذا طبعا أخذ مشروعيته لأن أميركا طبقت إجراءات مماثلة.

كيف سيستقبل هذا المنتدى وتوصياته من قبل أوربا وأميركا؟

حسن: أظن أنه سيستقبل باعتبار أن هناك صوتاً ثالثاً في العالم العربي. الصوت الأول هو المطالب الدولية بالاصلاح، والثاني هو صوت عدد من الحكومات التي ترفض الاصلاح سواء من الداخل أو الخارج، ولدينا صوت المجتمع المدني الذي يقدم تصوراً حول برنامج وأولويات الاصلاح وأهميته أنه يعبر عن صوت الشعوب والأقرب إلى موقفها. إننا نثبت للمراقب الخارجي أن المنطقة العربية ليست فقط مصدراً للإرهاب وليس، أيضا، حكومات عربية ترفض الاصلاحات.

أحرى الحوار حسين بن حمزة، قنطرة 2004

موقع مركز القاهرة لحقوق الإنسان