ما هو سر النجاح؟

يحذر الكاتب والمخرج السينمائي الإيراني مجيد مجيدي من الحكم المضلل الذي يقول بأن السينما الإيرانية قد تحولت إلى عنوان جودة عالمية، بإمكان المرء الإقبال عليها بثقة مطلقة. شهرم أحادي أجرى معه هذا الحوار.

الصورة: د ب أ
مجيد مجيدي

​​يحذر الكاتب والمخرج السينمائي الإيراني مجد مجيدي من الحكم المضلل الذي يقول بأن السينما الإيرانية قد تحولت إلى عنوان جودة عالمية، بإمكان المرء الإقبال عليها بثقة مطلقة. شهرم أحادي أجرى معه هذا الحوار.

ما هو تفسيرك للنجاح الكبير للسينما الإيرانية في الخارج على وجه الخصوص؟

مجيد مجيدي: لهذا الأمر أسباب عديدة، في السينما الإيرانية تلعب عناصر مثل الأخلاق والإنسانية والعلاقات بين الناس دورا كبيرا، وهي أشياء لها جذورها في الثقافة الإيرانية. كما أنه بإمكان المرء أن يستشف الكثير من علامات وبصمات الهندسة المعمارية في نجاح السينما الإيرانية. لقد لاحظت أثناء تحقيقاتي أن الكثير من البيوت لها حدائق وباحات فسيحة جدا، لكن الشوارع والأزقة في العديد من الأحياء وبخاصة الفقيرة منها ضيقة جدا. ويقال إن ذلك يضفي عليها بعدا جماليا.

كما أنه لا مفر للناس من التلاقي داخل هذا الفضاء –طال الزمن أم قصر-، وكل واحد يحس بأنفاس الآخر قريبا منه، ولا يسعه بصفة ما سوى أن يتلافى الخصام. ونجاح السينما الإيرانية يكمن بطبيعة الحال أيضا في كونها تقدم للمشاهد أوجها أخرى من الحياة والثقافة في إيران، أعني صورا أخرى غير تلك التي يعرفها المرء من خلال وسائل الإعلام الغربية.

هل تلاقي السينما الإيرانية في إيران نفس النجاح الذي تلاقيه في الخارج ؟

مجيدي: بكل تأكيد. في إيران يتم إنتاج ما بين 70 و 80 شريطا سينمائيا في السنة. ويمكن تصنيفها حسب أنواع متنوعة. هناك الأفلام التجارية البحتة من جهة، وهناك من جهة أخرى تلك الأفلام التي يتم إنتاجها وفقا لما يرتجى أو يطلب من طرف مراكز ومؤسسات معينة أو للتلفزيون، حول شخصية تاريخية مثلا. والأعمال السينمائية الفنية تمثل بدورها صنفا مستقلا.

وهي بالرغم من طموحاتها الفنية العالية تجد صدى لدى جمهور واسع. وبودي أن أشير إلى أمر وهو أن الأفلام التجارية حاليا تتطرق هي أيضا إلى مواضيع هامة، وأنها مقارنة بالسينما التجارية لما قبل الثورة تعتبر أكثر جودة وإتقانا. لقد غدا بإمكان المرء أن يشاهد بعد الثورة الإسلامية لسنة 1979 وجود احتياطي هائل من المواهب والمواضيع. ويلاحظ المرء أن السينما الإيرانية قد حققت قفزة عملاقة بعد الثورة بثمان سنوات تقريبا.

بعض النقاد الإيرانيين والغربيين يزعمون أن هناك مبالغة في ذلك التقدير الذي تلاقيه السينما الإيرانية في الخارج. ما هو موقفك من هذا الرأي ؟

مجيدي: أعتقد أن السينما الإيرانية قد بلغت مرحلة حرجة. وهي تعطي انطباعا بأن الفيلم الإيراني قد شهد دفعة مصطنعة عن طريق المهرجانات السينمائية. هذه الملاحظة ليست دون أساس. هناك انطباع بأن السينما الإيرانية قد تحولت إلى عنوان جودة بإمكان المرء الإقبال عليها بثقة عمياء. لكن لا ينبغي أن ننسى أن السينما الإيرانية قد دخلت الحلبة باحتياطي هائل من الطاقات.

ومع ذلك فأنا أعتقد أن سر هذا النجاح المتواصل للفيلم الإيراني يكمن بالنهاية في مستوى الجودة. ذلك أنه لا يسع حتى أية ماركة شهيرة إلا أن تفقد سمعتها ويطويها النسيان، إذا لم تحرص على البرهنة دوما على حيازة الجودة الضرورية. إن السينما الإيرانية متجهة أكثر مما ينبغي إلى المهرجانات، ويتعلق الأمر بالأساس بجيل الشباب من السينمائيين، بأولئك الوافدين الجدد على الميدان.

إنه لأمر طبيعي أن ينبهر الشباب ببريق وجاذبية مثل هذه المهرجانات العالمية. لكننا قد عاينا من قبل كيف أن حركات سينمائية مهمة من نوع موجة الواقعية الجديدة في إيطاليا قد فقدت إشعاعها وأهميتها عن طريق السأم الذي تحدثه تخمة المهرجانات. صحيح أن المهرجانات تحدد الذوق أو الاتجاه، لكن الفن لا يستطيع أن يضمن لنفسه البقاء على مدى بعيد إلا إذا ما كان موافقا حقا لتوقعات الجمهور.

هنا يطرح السؤال نفسه طبعا، لمن تنجز الأفلام، أو بعبارة أخرى: هل يعد اقتناص الجوائز العالمية هو الهدف الحقيقي للسينمائيين الإيرانيين، أم التوجه إلى الجمهور الإيراني في إيران ذاتها؟

مجيدي: أعتبر المهرجانات السينمائية جسرا وبوابة من أجل تقديم العمل، لا أكثر ولا أقل. إن شريطا سينمائيا لا يمكنه أن يكون عالميا إلا إذا ما استطاع أن يخاطب جمهورا واسعا ويجذبه. والأمر كذلك بالنسبة للأدب أو الرياضة. لماذا تمثل كرة القدم رياضة عالمية وليس الغولف ؟ لأنها تخاطب الجمهور العريض وتشده إليها. لا ينبغي علينا أن نتغافل عما يحرك البشر في العالم كله.

أجرى الحوار شهرم آحادي Qantara.de 2003
الترجمه عن الألمانية علي مصباح

شهرم آحادي محرر في القسم الفارسي في إذاعة دويتشه فيلله

موقع مجيد مجيدي

مجيد مجيدي من مواليد سنة 1959 بطهران. بدأ منذ الطفولة بتقمص أدوار على خشبة المسرح. وفي السينما بدأ أيضا كممثل. بعد إنجاز العديد من الأفلام استطاع أن يظهر على الساحة العالمية بشريط "أبناء السماء"، الذي حاز به على الجائزة الأولى لمهرجان "فجر" السينمائي ومهرجان مونتريال لسنة 1997. كما تُوج بجائزة "دوغلاس زيرك" لسنة 2001 بهامبورغ عن شريط "باران". ينتمي مجيدي إلى جانب جعفر وفرهاد مهرنفار إلى الجيل الثالث من السينمائيين الإيرانيين، الذين غدت لهم شهرة في التسعينات على المستوى العالمي.