رسائل تطمينية إيرانية لمواجهة سياسات الاصطفاف الإقليمية

يعتبر مدير مركز الشرق للدراسات الإقليمية والإستراتيجية في القاهرة مصطفى اللباد تصريحات وزير الخارجية الإيراني متكي في منتدى المنامة، والتي عمد فيها إلى طمأنة الدول العربية والغرب بشأن طموحات بلاده النووية، محاولة لتوظيف الدبلوماسية العامة بهدف الحفاظ على موقع بلده التفاوضي. أميرة محمد حاورت مصطفى اللباد حول خلفيات وأبعاد الحراك الدبلوماسي الإيراني.

، الصورة دويتشه فيله، الدكتور مصطفى اللباد، مدير مركز الشرق للدراساات الإقليمية في القاهرة
"المصلحة الإيرانية تكمن في منع الدول العربية من خلق اصطفاف إقليمي في مواجهة برنامجها النووي"

​​ اعتبر وزير الخارجية الإيراني في كلمته أن تصريحات نظيرته الأمريكية الأخيرة بشأن إمكانية تخصيب إيران لليورانيوم إيجابية، لأي مدى يعتبر ذلك خطوة للأمام كما وصفها متكي ؟

مصطفى اللباد: يعتبر خطوة للأمام، لأنه متوقع خلال أيام قليلة أن تبدأ مباحثات حول الملف النووي الإيراني مع الدول الست الكبرى. وبالطبع من غير المتوقع أن تكلل هذه المحادثات بالنجاح من أول لقاء لكن وزير الخارجية الإيراني يريد تهيئة الأجواء لهذه المفاوضات، وتنفيس الضغوط المنتظرة على إيران في حال رفضها الانضمام إلى هذا اللقاء أو إبدائها مواقف غير مرنة. لذا، نجد أن متكي يستخدم أدوات السياسة الخارجية وهي ما تعرف بالدبلوماسية العامة للحفاظ على مواقع بلاده التفاوضية.

تعتقد إذاً أن تلك التصريحات يمكن أن يكون لها مردودها الإيجابي على اجتماع جنيف المقرر عقده اليوم الاثنين؟

اللباد: أعتقد أن مردودها الإيجابي سيكون ضئيلا لأن الهوة الفاصلة بين مواقف الطرفين، إيران من ناحية، والدول الست الكبرى من ناحية أخرى، تستعصي على التقارب بمجرد إدلاء تصريحات بناءة لأن كل طرف يتمسك بمواقفه ويرى أن الطرف الآخر يتلاعب بالمفاوضات. لذلك، قد تسهم هذه التصريحات في توفير مناخ أفضل للتفاوض، لكن في صلب العملية التفاوضية هناك اختلافات حادة تستعصي على تجسير الهوة بين الطرفين.

متكي، الصورة ا.ب
الدكتور اللباد: متكي يستخدم الدبلوماسية العامة للحفاظ على مواقع بلاده التفاوضي

​​ أليس من مصلحة الطرفين، الأمريكي والإيراني، في هذا التوقيت أن تسود هذه الأجواء الإيجابية قبل بدء اجتماعات جنيف؟

اللباد: بلى، أعتقد ذلك، لأن إدارة الرئيس باراك أوباما في حرج كبير بعد نشر وثائق "ويكيليكس"، إضافة إلى ورطتها الدائمة في العراق، وفي أفغانستان. وبالتالي هي تعتقد أن اختراقا في المفاوضات مع إيران قد يساعد كثيرا في دفع السياسة الخارجية لإدارة أوباما في طريق السلامة الدولية. لذلك، هناك مصلحة أمريكية وأخرى إيرانية، لكن النظرة الأعمق لمواقف الطرفين، تقول بأن الهوة كبيرة وأن هذه التصريحات تمهد للتفاوض، لكن أثناء عملية التفاوض نفسها ستبرز مشاكل على المدى المتوسط.

الصورة د.ب.ا
مخاوف عربية حقيقية من امتلاك إيران القنبلة النووية

​​ بالانتقال للجانب العربي-الإيراني.. وأنت تطرقت لوثائق "ويكيليكس".. بماذا تفسر تلك النبرة الودودة - إن جاز التعبير – لوزير الخارجية الإيرانية مع الدول العربية، لاسيما وأنها تأتي بعد أيام من تسريبات الوثائق لمعلومات تفيد بأن قادة عرب كانوا يحثون الإدارة الأمريكية على ضرب إيران ؟

اللباد: إيران تميزت دوما بالبراعة، وكانت تعلم دائما بدوافع ونوايا بعض الزعماء العرب حيال برنامجها النووي حتى قبل نشر وثائق "ويكيليكس". لكن هذه التصريحات تأتي لكي تعبد طريق طهران أمام التعاون مع الدول العربية، وكأنها تقوم بإيصال رسالة لهم مفادها أنها لا تصدق ما جاء في الوثائق، وأنها مازالت تعتبر أن التعاون مع الدول العربية مهما لها.

في الواقع، المصلحة الإيرانية الأعمق من هذه التصريحات هي منع الدول العربية من خلق اصطفاف إقليمي في مواجهة إيران وطموحاتها النووية والإقليمية في المنقطة. هذه التصريحات تهدف في الواقع إلى إحباط هذا الاصطفاف، وليس فقط إلى ترطيب الأجواء. على السطح يبدو الهدف وكأن المطلوب هو ترطيب العلاقات العربية-الإيرانية، وهو أمر بالفعل جيد، إنما النظرة الأعمق تقول إن إيران تسعى إلى منع اصطفاف إقليمي ضدها.

هل تتصور أن الدول العربية يمكن أن تتجاوب مع التطمينات الإيرانية؟

اللباد: أعتقد أن الطمأنة مهمة نفسيا، لكن أيضا المواقف العربية والإيرانية بعيدة عن بعضها البعض. هذه الهوة في المواقف أيضا لا يمكن تجسيرها بتصريحات حتى وإن كانت هذه التصريحات إيجابية وطيبة. هذه التصريحات بداية جيدة لكن يجب أن تتلوها حوارات بين الطرفين العربي والإيراني. من المهم خلق هذه الحوارات وإلا فلن تسهم هذه التصريحات الإيجابية في خلق أجواء متفائلة لمدة يوم أو يومين ثم سرعان ما تعود المصالح المتضاربة السياسية والجيوسياسية الأعمق لتكرس هذه القطيعة.

أجرت الحوار: أميرة محمد
مراجعة: طارق أنكاي
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010

قنطرة

دول الخليج العربي والبرنامج النووي الإيراني:
خشية من جارة كبيرة تمتلك القنبلة النووية
تنظر دول الخليج العربي بقلق وريبة إلى جارتها إيران، وتخشى من أن تكون هذه الدولة المجاورة قد تسعى إلى فرض رغبتها في السيطرة على المنطقة من خلال امتلاكها القنبلة النووية، الأمر الذي لا يمكن للمرء تنبّؤ عواقبه. بتينا ماركس في قراءة لبعض ردود الفعل العربية على البرنامج النووي الإيراني وأبعاده على دول الخليج العربي.

السياسة الألمانية والأوروبية تجاه إيران:
تعثّر التقدّم وصعوبة التغلب على عقدة انعدام الثقة
يرى الخبير المعروف في شؤون الشرق الأوسط ومدير المعهد الألماني للأمن والدراسات الدولية في برلين، فولكر بِرتس، أن على الغرب أن يمد يده ناحية إيران في المسألة النووية، غير أن عليه في الوقت ذاته أن ينتقد انتهاكات حقوق الإنسان هناك.

تاريخ البرنامج النووي الإيراني:
"الفكر النووي الإيراني".....دروس التاريخ ومخاوف المستقبل
تعود فكرة البرامج النووي الإيراني إلى سبعينيات القرن الماضي وذلك على الرغم من أن فكرة الأسلحة الذرية كانت تعتبر لدى القيادة الإيرانية "غير إسلامية". بيد أن تجرب الحرب العراقية الإيرانية أدت إلى قناعة طهران السياسية بأن البلاد بحاجة إلى هذا النوع من الأسلحة كنوع من الردع ولتحسين موقعها كقوة إقليمية. كتاجون أميربور تلقي الضوء على تطور تاريخ البرنامج النووي الإيراني.