"المفاوضات المباشرة ستستمر والبدائل الفلسطينية غير جديه"

يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني المعروف خليل شاهين أن المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية قد تستمر ولكن قد لا تستطيع تحيق أي اختراق، معتبرا أن البدائل الفلسطينية لن تنجح في تحقيق أهدافها. كما يرى أن المشهد القائم يدفع نحو حل الدولة المؤقت، مطالبا أوروبا في الوقت ذاته بالخروج من المظلة الأمريكية فيما يتعلق بالصراع الشرق أوسطي. مهند حامد التقى المحلل شاهين في رام الله وأجرى معه الحوار الآتي:

خليل شاهين، الصورة مهند حامد
يتساءل الصحفي شاهين عن جدوى المفاوضات في ظل استمرار الاستيطان.

​​ هل تعتقد أن المفاوضات المباشرة قد انتهت؟

خليل شاهين: من المبكر الحكم على المفاوضات المباشرة انتهت أم لم تنته. أعتقد أن المفاوضات تشهد بعض الانتكاسات صعودا أو هبوطا بسبب الفجوات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي من جهة، وبسبب عدم وجود موقف أمريكي ضاغط على الطرف الأكثر تعنتا في المعادلة التفاوضية؛ أي إسرائيل. بتقديري أن المفاوضات قد تستأنف خلال الفترة القادمة. المشكلة ليست في استئناف المفاوضات أو عدم استئنافها، بل في مدى القدرة على تحقيق اختراق للوصول إلى حل يحقق ما يريده الفلسطينيون؛ أي دولة فلسطينية على خط ال67 من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية. وكذلك إن لم يتم التغلب على مشكلة تمديد تجميد الاستيطان فإن الانفجار قادم في العملية التفاوضية حتى لو استأنفت في المرحلة المقبلة.

هل هناك بدائل فلسطينية في ظل عدم تجميد الاستيطان؟

شاهين: أحد الأسباب التي تبقي استمرار المفاوضات المباشرة أنه لا يوجد بدائل أو لا يوجد تفكير فلسطيني جدي بالبدائل. ولا أعتقد أن هناك إرادة سياسية لدى السلطة الفلسطينية وتحديدا لدى الرئيس محمود عباس بالتفكير في البدائل الجدية المطروحة. الرئيس عباس بات يؤكد باستمرار أنه لا يوجد لديه خيار سوى التفاوض ثم التفاوض والتفاوض، حيث تظهر العملية التفاوضية بحد ذاتها هدفا للسلطة الفلسطينية. المشكلة الأساسية ليس في غياب البدائل وإنما بعدم وجود تفكير استراتيجي فلسطيني في البدائل المتاحة وأعتقد أن هذه البدائل على قلتها، إلا أنها حاسمة التأثير إن أحسن استخدامها.

 من مستوطنة جبل ابو غنيم، الصورة مهند حامد
يؤكد الفلسطينيون انه لا تفاوض في ظل استمرار الاستيطان

​​ هناك طرح في حال فشل المفاوضات باللجوء إلى مجلس الأمن للاعتراف بالدولة الفلسطينية، ما مدى نجاحها وتحقيقها على أرض الواقع؟ هل تؤمن بواقعية هذا الطرح ؟

شاهين: الرئيس عباس طرح أمام لجنة المتابعة العربية ثلاثة خيارات أساسية تتمثل أولا في التوجه إلى الولايات المتحدة ومطالبتها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وإن لم ينجح ذلك سوف يتم التوجه إلى مجلس الأمن أو الجمعية العامة لطلب الاعتراف في الدولة الفلسطينية وحدودها، وإن لم ينجح هذا الخيار الثاني سوف يتم التوجه للخيار الثالث وهو طلب الوصاية الدولية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ولكن في نهاية الأمر، هذه الخيارات الثلاث تعني الخيار نفسه؛ أي أنها مرتبطة بشكل رئيسي بمدى موافقة واشنطن على مثل هذا التوجه. أعتقد أنه لا توجد فرصة على الإطلاق لنجاح لمثل هذه الخيارات، لذلك أنا أرى أن هذه الخيارات قد تكون مطروحةز كما أنه من غير الممكن التحرك باتجاه الأمم المتحدة دون أن ينجح الفلسطينيون والعرب بإحداث تعديل في ميزان القوى القائم على الأرض في الأراضي الفلسطينية، ومن ثم على المستوى الدولي؛ أي حشد أكبر عدد من المؤيدين لصالح الدولة الفلسطينية. ويتطلب في هذه الحالة اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند "الاتحاد من أجل السلام"؛ لأن الجمعية في هذه الحالة تكون مسلحة بصلاحيات لا تقل عن صلاحيات مجلس الأمن.

ما هي السيناريوهات المحتملة في حال فشل المفاوضات؟

شاهين: السيناريو الأول هو السيناريو القائم؛ أي عدم استمرار المفاوضات. غير أن هذا الوضع سيولد سينورهات أخرى في تقديري. ففي حال فشل العملية التفاوضية على الأغلب سوف يتجه الطرفان لتعزيز وضعه بشكل أكبر؛ بمعنى أن الإسرائيليين سوف يسرعون عملية الاستيطان وفرض الوقائع بقوة، والفلسطينيون سيسعون إلى تعزيز موقفهم في مواجهة هذه السياسة الإسرائيلية ويتضمن ذلك العودة إلى المقاومة الشعبية وهو ما قد يولد انتفاضة ثالثة.

ولكن هناك سيناريو آخر وهو أن المفاوضات لن تفشل بالضرورة وستؤدي في نهاية المطاف إلى المزيد من الضغوط على الجانب الفلسطيني لدفعه للقبول بحل انتقالي وهو حل مطروح إسرائيليا وأمريكيا وعند بعض الأوساط العربية والأوروبية. وهذا يعني تحقيق اختراق في المفاوضات على حساب تراجع الموقف الفلسطيني، وهذا الاحتمال في هذه المرحلة الراهنة يبدو ضعيفا ولكنه قد يتدحرج مثل كرة الثلج خلال الفترة القادمة، بحيث يصبح الحل الانتقالي؛ أي الدولة الفلسطينية ضمن الحدود المؤقتة حل واقعيا يضغط على الفلسطينيين من أجل القبول به ضمن ما يعرف به باتفاق "الإطار". وبالنسبة للفلسطينيين يعتبر حل الدولة المؤقت حلا انتحاريا، ولكنني ليس متأكدا من أن من يتخذ قرارات الاستمرار في المفاوضات لا يبحث عن خيارات أخرى حتى تكون لديه القدرة على مقاومة الضغوط من أجل عدم الموافقة على مثل هذه الحلول.

د.ب.ا
بدائل اخرى لدى الفلسطينيين سوى التفاوض، كما يرى الصحفي شاهين

​​ كيف تنظر الى خطة سلام فياض في بناء المؤسسات تمهيدا لبناء الدولة الفلسطينية؟

شاهين: من المكن أن تقوم دولة سلام فياض وفق خطته بناء على الوضع القائم، لكن لا يمكن التوصل إلى تطبيق لهذه الخطة دون وجود تسوية تفاوضية تؤدي إلى انسحاب إسرائيلي من الأراضي المحتلة. فتجربة المفاوضات الحالية تشير إلى عدم وجود رغبة إسرائيلية تعمل على اتخاذ قرارات مصيرية كبرى تتعلق بالحل السياسي المتمثل في الانسحاب إلى حدود 67 وإزالة المستوطنات وليس فقط تجميدها، لكي يتاح المجال لتطبيق فكرة الدكتور سلام فياض.

غير أن هناك رأيا يرى بأنه بغض النظر عن النوايا الصادقة للدكتور سلام فياض في مساعيه لبناء المؤسسات، إلا أنه من الناحية العملية ثمة مخاوف من أن يبقى الاحتلال. وهذا المسعى لحكومة فياض قد يساعد في فرض الدولة ضمن الحدود المؤقتة وليس على أراضي الدولة الفلسطينية.

ما هو مصير المصالحة الفلسطينية؟

شاهين: هناك جهود تبذل من أجل الحوار بين حركتي حماس وفتح ولكن أعتقد أن الملفات أكبر بكثير من مجرد إدارة حوار من أجل موضوع الترتيبات الأمنية. فما زالت عقلية المحاصصه تسيطر على مجمل الفصائل، وخاصة حماس وفتح دون وضع المصلحة الفلسطينية العليا كأساس للحوارات التي انطلت مؤخرا في دمشق.

لا أعتقد أنه بالإمكان التوصل إلى مصالحة حقيقية. ولكن قد نكون قريبين من مشهد احتفالي بالتوقيع على الورقة المصرية من قبل حركة حماس. غير أنني لا أتعقد أننا سنكون أمام عملية سلسة تعيد الوحدة الوطنية بشكل كامل لبناء النظام السياسي بشكل ديمقراطي والتوجه إلى الانتخابات بعد ذلك. المطلوب التقاط الجانب الايجابي لهذا الحوار ودعمه للتوصل إلى وحدة وطنية وليس مجرد التوقيع على ورقة المصرية أو إعادة تقاسم مؤسسات السلطة بما فيها الأجهزة الأمنية بالضفة الغربية وقطاع غزة بين حماس وفتح.

ماذا يترتب على أوروبا في هذه المرحلة ؟

شاهين: ما زال الموقف الأوروبي يراوح في مربع انتظار السياسة الأمريكية. ويبدو أن سياسة الاتحاد الأوروبي في الشرق الوسط تتمثل بشكل عام في انتظار السياسة الأمريكية وما يمكن أن ينتج عنها من تحركات في المنطقة. ولا يمكن أن يلعب الاتحاد الأوروبي دورا فعالا وخصوصا في المسار الفلسطيني الإسرائيلي، إلا إذا اعتمد على استقلالية دوره. ولذلك فإن غياب مثل هذه الاستقلالية سيبقي أوروبا في دور الممول ليس إلا.

أجرى الحوار: مهند حامد
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2010

قنطرة

حوار مع مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية خليل الشقاقي:
تناقضات شرق أوسطية.....مفاوضات وهمية وتوقعات سلبية
مع بدء المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في واشنطن يرى مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية خليل الشقاقي أن الجانب الإسرائيلي أوجد طريقة للتخلص من الضغط الأمريكي بخصوص الاستيطان وأن الطرف الفلسطيني ليس لديه ثقة في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كما يؤكد أن ذهاب الطرفين للمفاوضات المباشرة هو مجرد محاولة لعدم إغضاب الإدارة الأمريكية. مهند حامد حاور الباحث المعروف الشقاقي في رام الله.

إمكانيات قيام الدولة الفلسطينية المستقلة:
الأراضي الفلسطينية من دون رؤية مستقبلية
عقدت مؤسسة هاينريش بول الألمانية ندوة في برلين تحت عنوان "التحوّل الفلسطيني"، وفي هذه الندوة تبادل الخبراء المشاركون الآراء حول تاريخ الفلسطينيين منذ قيام دولة إسرائيل في العام 1948 وأفاق التوصل إلى تسوية سلمية تفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة. بيتينا ماركس تلقي الضوء على بعض محاور هذه الندوة.

إسرائيل والسياسة الأمريكية الخارجية:
"يجب حماية إسرائيل من
يرى عالم الاجتماع الإسرائيلي ليف غرينبيرغ أنَّ الساسة الإسرائيليين طالما نظروا بسياساتهم إلى الولايات المتَّحدة الأمريكية ولهذا السبب بدأت الحرب الإسرائيلية على غزة في فترة اقتراب تنصيب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة. والآن توجب عليه الضرورة القصوى أن يحمي إسرائيل من قوَّتها.