''تخفيف حدة الحصار على غزة يؤكد نجاح مهمة أسطول الحرية''

يؤكد رامي عبدو، المنسق الاعلامي لاسطول الحرية الثاني، في الحوار التالي مع عبد المولى بوخريص أن هدف الأسطول لا يتمثل فقط في إيصال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة، بل في العمل على إنهاء الحصار بشكل كامل وتوفير حياة حرة وكريمة لسكانه.



ماهي الخطوات التي ستقومون بها بعد عرقلة السلطات اليونانية أنطلاق أسطول الحرية الثاني الى غزة؟

رامي عبدو: دعني أقول بأننا نبذل محاولات اللحظة الأخيرة من أجل إطلاق هذا الأسطول. عملنا خلال الأيام الأخيرة على ثلاثة مسارات أساسية: المسار الأول هو المسار السياسي، لنا أصدقاء في البرلمان اليوناني ورؤساء أحزاب ونقابات إضافة إلى أعضاء في البرلمان الأوربي، عملوا على التواصل مع الحكومة اليونانية من أجل محاولة ثنيهم عن هذا القرار. المسار الثاني قانوني، لدينا فريق من المحامين يتحرك في هذا الاتجاه، والمسار الثالث هو المسار الشعبي.
لكن من الواضح جدا أن هذه الجهود لن تكلل بالنجاح، لأن اليونان خضعت للضغط والإملاء الإسرائيلي، أو بتعبير آخر الابتزاز الإسرائيلي، لأن اسرائيل تمارس حملة من الابتزاز الاقتصادي، وتستغل الظروف الاقتصادية الصعبة لليونان. لكن من المعروف أن هذا البلد، حكومة وشعبا وأحزابا، له مواقف متعاطفة مع الشعب الفلسطيني.
وفي كل الأحوال الرسالة الأهم التي أراد هذا الأسطول أن يبلغها نعتقد أنها وصلت. إسرائيل حاولت أن تظهر بأنها تدافع عن العالم ضد ما تسميه محاولة نزع الشرعية، لكن كان من الواضح أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول أن يدافع عن فرض حصاره على أكثر من مليون ونصف المليون مواطن. جهود رفع الحصار ستستمر، فقد نظمنا قبل ذلك عشر رحلات بحرية نجحت منها أربعة في الوصول، والباقي لم يتمكن من ذلك. وكل هذا لم يستطع النيل من عزيمة المتضامنين، فحملة التضامن مع الشعب الفلسطيني تتسع، ولا يمكن وقفها بأي حال من الأحوال إلا بإنهاء الاحتلال وإنهاء الحصار والظلم الواقع على الشعب الفلسطيني.

استطاعت إحدى السفن الإفلات من المنع، أين وصلت الآن؟

السفينة تتواجد الآن بالمياه الدولية، وكانت انطلقت من ميناء كورسيكا الفرنسي، وعملنا على أن تخرج هذه السفينة من فرنسا لكي نخفف الضغط المتوقع على اليونان، وكي نقول بان هناك دولا أوربية سمحت بإخراج قوارب وسفن من موانئها. في كل الأحوال القارب في طريقه إلى غزة ما لم يطرأ أي جديد، ونتوقع وصوله خلال الساعات الأربع والعشرين القادمة.

اقترحت عليكم السلطات اليونانية ايصال المساعدات بنفسها الى غزة. هل ستقبلون هذا الاقتراح، أم أن هدفكم ليس فقط ايصال المعونات ولكن رفع الحصار؟

بالتأكيد، أولا نحن لم نتلق أي عرض من هذا القبيل من طرف السلطات اليونانية يتحدث عن هذا الأمر، لكن موقفنا معروف مسبقا. نحن، حقيقة، نعمل من أجل إيصال مساعدات إنسانية إلى القطاع، لكن الرسالة الأهم التي نريد إيصالها هي أن هناك حاجة حقيقية لسكان قطاع غزة أن يعيشوا بكرامة، وأن يحصلوا على ممر بحري يصلهم بالعالم، ولما لا إنهاء الحصار بشكل كامل. فخطوة أسطول الحرية تحمل من الدلالات أكثر مما تحمل من البضائع.


هل جاءتكم اقتراحات من بعض الدول كي تنطلقوا من موانئها في اتجاه غزة؟

هذا ما نسعى إليه، هناك اتصالات مع عديد من الدول، جزء منها عربي، من أجل توفير أماكن بديلة للانطلاق، وهذا أمر ينجلي في الأيام القادمة، لكنه من بين الخيارات التي نعمل عليها الآن.

يقوم مجموعة من الناشطين الأمريكيين ومن جنسيات أخرى بتظاهرات أمام البرلمان اليوناني، هل من نتائج لحد الآن؟
واضح جدا أن الحكومة اليونانية في وضع محرج على الأقل أمام شعبها، وكما قلت نعمل على المسار الشعبي ونحاول من خلاله كشف حقيقة ما تعرضت له اليونان، وفضح الموقف اليوناني، لأنه لا ينسجم مطلقا مع الدفاع عن حق الإنسان في الحياة ومع القانون الدولي. لا يوجد قانون يمنع أي مواطنين من الإبحار، حتى قانون الأمم المتحدة المنظم للبحار يمنع منعا باتا اعتراض مثل هذه السفن، وبالتالي نحاول قدر الممكن أن نفضح الموقف الإسرائيلي، والموقف الدولي الذي تواطأ مع إسرائيل في فرض هذا الحصار، ونشكل قوة ضغط على الموقف اليوناني.

هل توجهتم الى منظمات دولية مثل الأمم المتحدة من أجل الضغط على الحكومة اليونانية والإفراج عن السفن؟

حاولنا منذ البداية التواصل مع المجتمع الدولي، عقدنا عدة لقاءات مع مسؤولين في البرلمان الأوربي والأمم المتحدة، وحاولنا قدر الإمكان تبديد المخاوف، ودعونا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والعديد من المنظمات لتفتيش السفن قبل انطلاقها وحتى عند وصولها إلى غزة. لكن للأسف الشديد الحملة التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي، والحشد الإعلامي والعسكري والسياسي، ربما أدى إلى سوء فهم ما يجري في حق المواطنين في قطاع غزة، ونحاول إيضاح الأمور في الأيام القادمة ونأمل الوصول إلى نتائج.
الموقف الدولي للأسف الشديد موقف غير ناضج، ينم عن عدم فهم لحقيقة الوضع، فعندما تتحدث وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون على أن إسرائيل سمحت الأسبوع الماضي بإدخال مواد للبناء من أجل إنشاء منازل ومدارس، فان هذا اعتراف ضمني بأن إسرائيل تفرض حصارا على القطاع. إذن هذا التحرك وهذا الأسطول ضروري، لأن إسرائيل خففت من حدة الحصار رضوخا للأسطول، وهذا ما يعطيه شرعية إضافة إلى شرعيته السابقة.

ما هي الأمور التي قمتم بها على الصعيد الإعلامي من أجل مواجهة الحملة الإسرائيلية ضد أسطول الحرية الثاني؟

اعتقد أننا أوصلنا الرسالة بشكل واضح، ولولا أنني لا أعترف بشرعية الاحتلال، لقلت للمسؤولين الإسرائيليين شكرا، لأن الهستيريا التي أصابتكم ساعدتنا في أن نصل لأهدافنا، والتي كان الجزء الأهم فيها أن نلفت انتباه العالم إلى حقيقة ما يتعرض له المواطنون في قطاع غزة، وحقيقة ممارسات الاحتلال.
هذا التحشيد الإعلامي والكذب أفادنا كثيرا، لأنه أظهر الوجه الحقيقي للاحتلال. كانت هناك حملة من الادعاءات التي لا يمكن لأي عاقل أن يصدقها، هناك تهديد لوسائل الإعلام وهو أمر عكس بشكل واضح نية مبيتة لارتكاب جرائم، وعكس طبيعة الممارسات التي يرتكبها الاحتلال داخل الأراضي الفلسطينية. بالنسبة لنا الرسالة الإعلامية حققناها بجدارة، وهي سبب نجاح هذا الأسطول حتى ولو لم ينطلق.

أجرى المقابلة: عبد المولى بوخريص
مراجعة: لؤي المدهون
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011