فتوى خامنئي بتحريم السلاح النووي...ضمانة مطمئنة للغرب؟

رغم تصاعد حدة الصراع بين الغرب وإيران حول ملف طهران النووي يرى حسين موسويان، المتحدث السابق باسم المفاوض النووي الإيراني، توفر فرص واقعية للخروج من الأزمة، ومنها إمكانية الاستفادة من الفتوى الدينية التي أعلنها آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، والتي تحرّم أسلحة الدمار الشامل ، كما يقول موسويان في حواره التالي مع زيلكه مارتينز.

الكاتبة ، الكاتب: Silke Mertins

بعد أكثر من عشر سنوات من المفاوضات النووية مع إيران لا يلوح أي حل في الأفق حتى الآن. فهل الصراع العسكري أمر لا مفر منه؟

سيد حسين موسويان: ليس هناك أي سبب يستدعي التدخل العسكري، طالما أن إيران لا تقوم بإنتاج قنبلة نووية. وليس هناك أي مبرر للحديث عن هذا الموضوع إطلاقا. وحتى لو قرر بلد ما الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي وصناعة قنبلة نووية، فلن يكون هذا أيضا مبررا للهجوم عليه.

وإنْ كنتَ لا تقبل بأي مبرر للقيام بضربة عسكرية – ألا تعتقد أن مثل هذا الصراع بات وشيكا؟

موسويان: لا، لأن إيران تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) وخفضت من تخصيب اليورانيوم كما اتخذت خطوات لتطمين الغرب. والسبب بسيط وراء عدم حدوث انفراجة: فأيادي "مجموعة الخمسة زائد واحد" – أي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي بالإضافة إلى ألمانيا – خالية، وليس لديهم ما يقدمونه.

من وجهة نظرك ما هو السبيل للخروج من هذا الصراع؟

موسويان: "مجموعة الخمسة زائد واحد" قدمت حزمة من التدابير لمزيد من الشفافية، ومن أجل الحد من عمليات تخصيب اليورانيوم. وإذا تم الجمع بين هذه التدابير مع الاعتراف بحقوق إيران ورفع العقوبات عنها، فإن هذا سيكون حلا مقبولا بالنسبة لإيران.

ولكن لأن هذه الضوابط والقيود تتجاوز بكثير معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، تدخل في اللعبة الآن فتوى آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى في إيران، الذي أعلن في فتوى دينية أن أسلحة الدمار الشامل "حرام" شرعا، وتمثل خطيئة. يمكن الاستفادة من هذه الفتوى في إطار آخر.

آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران. د ب أ
مناورة تكتيكية أم نية صادقة؟ أعلن آية الله خامنئي العام الماضي 2012 أن إيران لن تقوم بصناعة أسلحة نووية، ووصف امتلاكها بأنه "خطيئة"، وقال إنها " غير نافعة بل ضارة وخطيرة".

​​كيف ولماذا؟

موسويان: عن طريق هذه الفتوى، يمكن لإيران أن تقدم أقصى حدود الشفافية. ولأنه يتعين على إيران الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية بناء على مطالبات بذلك.

فيمكن الاستفادة من هذه الفتوى كمبرر لإيجاد حل للأزمة يحفظ ماء الوجه. وكجزء من المفاوضات يمكن تحويل هذه الفتوى إلى قانون يقره البرلمان (الإيراني)، وبهذه الطريقة يتم إعطاء ضمانات مطمئنة للغرب.

يرى بعض النقاد أن الفتوى نفسها لا تبعث على الثقة، لأنه يقال إن الخداع والمناورات أمور مباحة عند الشيعة لحماية عقيدتهم والمجتمع. ما رأيك في هذا؟

موسويان: هذه حجة مضللة تماما. فحتى خلال حرب العراق في الثمانينيات، عندما قتل وجرح أكثر من 100 ألف من الإيرانيين باستخدام الأسلحة الكيمياوية لم تثأر إيران باستخدام أسلحة الدمار الشامل انطلاقا من مبررات دينية. فأي دليل يحتاجه الغرب بعد هذا؟

ولكن إيران لم تكن تمتلك أسلحة دمار شامل إطلاقا في ذلك الوقت كي تستخدمها، أليس كذلك؟
موسويان: الأمر ليس هكذا. فقد أكدت منظمة حظرالأسلحة الكيمياوية بعد الحرب أن إيران كانت تملك بالتأكيد القدرة على إنتاج الأسلحة الكيمياوية، ولكنها لم تفعل.

أنت تدعو إلى مفاوضات مباشرة بين ايران والولايات المتحدة. ولكن خامنئي رفض ذلك مؤخرا، فما الموقف الآن؟

موسويان: كلا، المرشد الأعلى لم يرفض المفاوضات. فمن يقرأ النص الكامل لخطابه، سيدرك أن رسالته مفادها: إيران مستعدة لإجراء محادثات مباشرة إذا توقفت الولايات المتحدة عن تهديدها لإيران.

إيران لن تفاوض تحت التهديد. فهذه التهديدات إشارة واضحة بأن عرض المفاوضات من واشنطن ليس عرضا صادقا ولا جادا. فما تهدف إليه الولايات المتحدة هو تغيير النظام.

ألمانيا هي الدولة المقصودة بعبارة "زائد واحد" في مجموعة التفاوض "الخمسة زائد واحد". فكيف تقيم الدور الألماني في المفاوضات؟

موسويان: العلاقات بين ألمانيا وإيران عادة علاقات جيدة وما زالت ألمانيا تحظى بثقة إيران مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى لأنها تاريخيا لم تلعب أي دور سلبي. ألمانيا هي القوة الأوروبية الوحيدة التي يمكن أن تقوم بدور الوساطة. وكنت أتمنى أن تستغل ألمانيا هذه الإمكانية أكثر من ذلك.

فشل المفاوضات النووية في موسكو 2012. فارس
انتكاسة جديدة في المفاوضات النووية بين الغرب وطهران: في يونيو/حزيران عام 2012 خرجت القوى التي تملك حق الفيتو بالأمم المتحدة من اجتماعها مع إيران في موسكو بدون التوصل إلى أية نتيجة.

​​هل يمكن أن تتيح انتخابات الرئاسة الإيرانية المقبلة في شهر يونيو/حزيران 2013 الفرصة لاستئناف المفاوضات من جديد؟

موسويان: لن يكون هناك تغيير جوهري في المواقف الإيرانية بعد الانتخابات، باستثناء واحد، وهو: أن الانتخابات يمكن أن تخلق مناخا جديدا أفضل، لأن الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد متهم بإنكار المحرقة وبرغبته في محو إسرائيل من على الخريطة.

ولكن حتى إذا تهيأ مناخ أكثر إيجابية للمفاوضات فسيتعين على "مجموعة الخمسة زائد واحد" أيضا الاعتراف بحقوق إيران ورفع العقوبات عنها، وإلا فلن يتم التوصل إلى حل.

هل ستجبر العقوبات والضغوط الاقتصادية إيران في النهاية على الإذعان في صراعها مع الغرب؟

موسويان: العقوبات أحدثت عكس ذلك. ففي عام 2005، أي قبل فرض العقوبات، كانت إيران تمتلك ألف جهاز طرد مركزي، واليوم وصل العدد إلى عشرة آلاف. وقبل فرض العقوبات، كانت إيران تخصب اليورانيوم إلى مستوى 3.5 في المئة، واليوم وصلت هذه النسبة إلى 20 في المئة.

في عام 2005، كانت إيران تستخدم أجهزة الطرد المركزي من طراز IR1، ومنذ ذلك الوقت تم تطويرأجهزة الطرد المركزي من طراز IR2 وIR3 وIR4. الضغط المتنامي دفع إيران إلى زيادة قدرة برنامجها النووي أكثر فأكثر.

 

 

حاورته : زيلكه ميرتينز
ترجمة: صلاح شرارة
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: قنطرة 2012

ولد سيد حسين موسويان عام 1957، وعمل سفيرا لإيران لدى ألمانيا في من عام 1990 وحتى عام 1997. كان يرأس لجنة السياسة الخارجية لمجلس الأمن الأعلى الإيراني في ظل حكم الرئيس السابق محمد خاتمي.

وكان متحدثا باسم المفاوض النووي السابق حسن روحاني في الفترة بين عامي 2003 و2005. وأخيرا ألقي القبض عليه واتهم بالتجسس في عهد الرئيس أحمدي نجاد. يعيش موسويان منذ عام 2009 في الولايات المتحدة، حيث يعمل باحثا في جامعة برينستون.