"انحسار النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط"

يرى الخبير الألماني أودو شتاينباخ أن جولة بوش الشرق أوسطية جاءت متأخرة، لاسيما بعد أن تغيرت موازين القوى في المنطقة وصعود إيران كقوة إقليمية وتزعزع ثقة الدول العربية المعتدلة بقدرة واشنطن على ضمان حمايتها.

الرئيس الأمريكي بوش، الصورة: أ.ب
الشكوك تحيط بنجاح جولة الرئيس الأمريكي في التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الاوسط

​​أية دلالة تحملها زيارة الرئيس بوش لإسرائيل؟

شتاينباخ: يأمل الرئيس الأمريكي أن يعطي إشارة بأنه قادم لحل أعقد مشكلة في الشرق الأوسط. انتظرنا طويلا أن يقوم بشيء في هذا السياق، ثم جاءت أنابوليس، لكنها لم تحقق إلا تقدما بسيطا. والآن تأتي زيارة الرئيس بوش بهدف دفع الأمور باتجاه التسوية النهائية، غير أن حظوظ حل هذه الأزمة تبدو بعيدة المنال في إطار سقف زمني محدد بانتهاء فترة رئاسة بوش الثانية. لقد جاءت هذه الزيارة متأخرة طويلا، خاصة بعد خُلطت الأوراق في المنطقة.

عبر العديد من الدول العربية في أنابوليس عن استيائه من سياسة الاستيطان الإسرائيلية. هل يمكن لإسرائيل أن تراجع سياستها الاستيطانية؟

هناك إشارات متناقضة من القدس، فصحيح أن الاستيطان لم يتوقف، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن عن نية الحكومة الإسرائيلية تفكيك بعض المستوطنات ووقف بناء مستوطنات جديدة. لكنه في الآن نفسه يعلن أن مستوطنات أخرى مثل مستوطنه معالي أدوميم المحيطة بالقدس سيستمر بناؤها. وفي هذا الإطار فإن التحدي الأكبر يكمن في قدرة بوش على إقناع الإسرائيليين بوقف عملية الاستيطان، لذا فإن إخفاقه في ذلك سيؤدي إلى فشل زيارته، ما قد يعني أن وزن الولايات المتحدة في إسرائيل يعادل الصفر.

يزور بوش خلال جولته الشرق الأوسطية السعودية والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة من أجل حشد تحالف لعزل إيران كقوة إقليمية صاعدة في المنطقة. كيف تقرؤون ذلك؟

هذا النهج السياسي معروف منذ زمن طويل، إذ تحاول الإدارة الأمريكية أن تخلق تحالفا بين الدول العربية المعتدلة، التي شاركت في مفاوضات أنابوليس والتي يزورها بوش الآن خلال جولته الشرق أوسطية، وبين إسرائيل. لكن بعد عودة السياسيين العرب من أنابوليس مباشرة عشنا شيئا مثيرا للغرابة، إذ أقدم مجلس التعاون الخليجي على استضافة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في اجتماعه السنوي، مما يعني أن الدول العربية المعتدلة لا تثق ببوش ولا بقدرة سياسته على التصدي للتحديات الإقليمية. فزعماء محور الاعتدال في العالم العربي شرعوا بالبحث عن طريق خاص بهم، وهذا الطريق يقودهم إلى التقرب من إيران، وليس إلى تبني سياسة واشنطن الرامية إلى عزل طهران.

 ،أودو شتاينباخ يعمل أستاذا في مركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط بجامعة ماربورغ، الصورة: د.ب.ا
شتاينباخ: "جولة بوش الشرق أوسطية جاءت متأخرة، لاسيما بعد أن تغيرت موازين القوى في المنطقة وتزعزع ثقة الدول العربية المعتدلة بقدرة واشنطن على ضمان حمايتها"

​​تراجعت صورة الرئيس الأمريكي بوش في مصر، أهم بلد عربي، بشكل كبير. هل تعتقدون بوجود تقارب بين القاهرة وطهران؟

كان من المتوقع أن يتحقق هذا التقارب منذ زمن طويل، خاصة وأن سياسة الولايات المتحدة الرامية إلى خلق تحالف بين الدول العربية وإسرائيل ضد إيران لن تنجح، لاسيما في ظل الفتور، الذي يشوب العلاقات بين واشنطن والقاهرة في السنوات الأخيرة.

هناك تكهنات حول إمكانية قيام بوش بزيارة مفاجئة لكل من العراق ولبنان. فإلى ماذا سيؤول وضع العراق بعد انتهاء فترة رئاسة بوش؟

إن الإدارة الأمريكية مقتنعة أنها اختارت الاتجاه الصحيح، حين عززت قواتها الموجودة في العراق في ربيع سنة 2007. وبالفعل فقد تراجع معدل العنف بشكل ملموس. ويتوجب على بوش الآن أن يحاول الاستمرار في تطوير هذه الآليات لحسم الصراع في العراق بشكل أو بآخر.

أما فيما يتعلق بملامح سياسة الإدارة الأمريكية المقبلة، فمن الصعب التكهن بها. فقد بعث كل من مرشحي الرئاسة هيلاري كلينتون وباراك أوباما بإشارات مختلفة تماما. لكن مما لاشك فيه أن الأزمة في العراق سوف لا تحل في الثلاث سنوات القادمة، وحتى مع تولي إدارة جديدة زمام الأمور في البيت الأبيض.

وعلى الصعيد اللبناني، فإن جميع الاحتمالات قائمة، إذ قد تؤدي زيارة بوش إلى تحقيق انفراج سياسي يتم من خلاله تجاوز الأزمة الرئاسية في بيروت.

ما هو الإرث الذي ستتركه إدارة بوش في العالم العربي؟

إدراة بوش ستترك فوضى كبيرة في الشرق الأوسط. فقد انتهى دور الولايات المتحدة التقليدي كشرطي دولي في هذه المنطقة الحيوية، لأنها فقدت الكثير من مصداقيتها، حتى لدى أقرب حلفائها. وخير دليل على ذلك هو التقارب بين إيران والدول العربية، التي باتت غير واثقة من قدرة الإدارة الأمريكية على ضمان حمايتها. وعلى هذا النحو يمكن أن تؤدي ملفات إيران ولبنان، إضافة إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إلى مزيد من الفوضى.

ما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه أوروبا في الشرق الأوسط في الوقت الراهن؟

لم ينجح الأوروبيون في استغلال فرص التأثير على مسرح الأحداث في الشرق الأوسط خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى فراغ في منطقة الشرق الأوسط خلفته الولايات المتحدة الأمريكية. لكن فشل الإتحاد الأوروبي في صياغة سياسة أوروبية خارجية مشتركة أعاق قيام أوروبا بلعب دور أكثر فاعلية في المنطقة. أنا أشك في نجاح أوروبا، حيث فشلت الولايات المتحدة في تحقيق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

البروفيسور أودو شتاينباخ يعمل أستاذا في مركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط بجامعة ماربورغ الألمانية. كما عمل رئيسا لمعهد الشرق في هامبورغ فترة طويلة.

أجرت المقابلة: إيفا أوزي
ترجمة: عماد م. غانم
حقوق النشر: دويتشه فيله 2008

قنطرة

زيارة بوش الأولى إلى الشرق الأوسط
"تهيئة المناخ الإقليمي لعزل إيران"
يعتبر المفكر السوري برهان غليون أن هدف الزيارة الأولى للرئيس الأمريكي للشرق الأوسط يكمن في تحجيم نفوذ إيران المتصاعد وتحسين الشروط الإقليمية لعزلها. كما يري أن المنطقة تتجه نحو مزيد من التصعيد وتفاقم أكبر لأزماتها المتعددة.

أخطاء الولايات المتحدة القاتلة بعد 11 سبتمبر:
إخفاق إستراتيجية القوة الأميركية
بدأت الولايات المتحدة الأميركية حملتها القائمة على أوهام السيطرة على الشرق الأوسط بعد اعتداءات 11 أيلول الإرهابية، فأغرقت نفسها في مستنقع سوف يصعب عليها حتى الخروج منه. البروفيسور باول روجرز يكشف في هذه المقالة الفجوة القائمة بين أحلام بوش في العام 2001 وواقع الفشل المزري الذي انتهت اليه.

وكالة أميركية تستطلع آراء مسلمين حول الحرب ضد الإرهاب:
تزايد العداء للأميركيين في العالم الإسلامي
معظم المواطنين في مصر والمغرب والباكستان وإندونيسيا يطالبون بانسحاب القوَّات الأمريكية من البلدان الإسلامية. وهناك كثيرون يؤيِّدون شن هجمات مسلحة ضد الجنود الأميركيين من أجل تحقيق هذا الغرض. هذا ما كشفت عنه دراسة نشرتها مؤخَّرًا "وكالة أميركية لاستطلاع الآراء. تقرير كتبته أنا ليمانّ.