كابوس الإرهاب يلاحق المواطن الأوروبي

خميس قشة، مدير المركز الثقافي الاجتماعي في روتردام/هولندا
16 نوفمبر/تشرين الثاني 2005

إن من تبعات أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وتفجيرات مدريد وحادث اغتيال المخرج الهولندي" فان غوخ"
وتفجيرات لندن، انعدام الأمن والأمان في المجتمع الغربي الذي تعود على الاستقرار والرفاه الاجتماعي، فالأمن نعمة لا يحسه ويعرف قيمته إلا الذي يفقده .

ويلعب الإعلام والسياسات الأمنية المتبعة دورا سلبيا بتهويله لقضايا وحوادث بسيطة، وإشاعته الفزع بين الناس بكثرة البلاغات الكاذبة عن وجود قنابل أو هجمات إرهابية محتملة في محطات الأنفاق ومحطات القطارات التي أصبحت شبيهة بثكن عسكرية وقد أذهلني وأرعبني مشهد محطة القطارات الرئيسية بروما عندما استقبلتنا كلاب الأمن مرحبة تتحسس وتتشمم الحقائب وأصاحبها ويعقبها صوت عون الأمن متلعثما ومتعتعا بالإنكليزية لا تخف نحن في خدمتك ونسهر على سلامتك.

والحقيقة إنني كنت خائفا وكيف لا أخاف وأنا بمجرد رُؤية عون الأمن في بلدي العربي ترتعد مفاصلي وترتعش فما بالك أن يكون مدجج بسلاحه ورفقة كلبه المفترس الضخم وهممت بالابتعاد ركضا عن أمتعتي تجنبا للعاب الكلب ونجاسته وعدت عن ذلك لما استحضرت حادث قتل المواطن البرازيلي الأصل في لندن عندما لم ينتبه لنداءات أعوان الأمن البريطاني فاردوه قتيلا وذلك ضمن حزمة جديدة من إجراءات مكافحة الإرهاب .

ويعزز هذه المخاوف إجراءات أمنية ووقائية كما يدعون لم يسبق لها مثيلا ففي المطارات يجبر المسافر على خلع حذائه ونزع حزامه وبعض ملابسه ويمر للتفتيش الشخصي والتدقيق بحقائبه وأمتعته مما يعطل حركة السير وتسبب في الاكتظاظ والازدحام في طوابير طويلة يتطلب من المسافر ساعات من الانتظار قد تُفوت عليه رحلته كما حصل معي ومع عدد من المسافرين.

ولم تسلم المؤسسات الحكومية (البرلمان ومقرات المخابرات و الداخلية و بعض السفارات) و لأماكن السياحية العامة كالمنتزهات والمراقص والملاهي من التحذيرات أحيانا ومن الإخلاء أحيانا أخرى, اجل لقد كدر الوضع الأمني حياة الناس فقوبلت هذه الإجراءات باستنكار واستهجان وسببت اضطرا بات نفسية جعلت المواطن الأوروبي الذي عاش وتربي في مناخ من الأمن والاستقرار والاسترخاء مهددا وهذا ما لا يمكن أن يتحمله لوقت طويل.

و تتباين مواقف وردود أفعال الشارع الأوربي الذي بدأ منقسما ومتناقضا في آرائه بين من يحمل المسلمين المسؤولية كاملة، وكأن المسلمين يشكلون عبئا وخطرا على ثقافة وأمن المجتمع، مستدلين بمواقف السياسيين والمثقفين الذين يثيرون مظاهر الحقد والكراهية بين الناس بطريقة مباشرة وغير مباشرة وكأنهم يوحون لهم أن كل أجنبي قد يكون قنبلة موقوتة يهدد حياتهم وينغص أمنهم ويضيق عليهم عيشهم .

وبين آخر يحمل المسؤولية لجهات سياسية تنفد أجندة خارجية على حساب أمنهم واستقرارهم و لسان حالهم يقول مالنا ومال مشاكل الشرق والغرب نحن في بحبوحة من العيش وعندنا من البترول ما يكفي نريد أن نعيش في امن وأمان وسلام واستقرار.

فهل ينصت أصحاب القرار لشريحة كثيرة من مواطنيهم ويعيدوا النظر في الأسباب الحقيقة لانعدام الأمن والأمان في الشارع حتى يطمئنوا الناس ويحفظوا لهم حريتهم وكرامتهم.

أما الجالية العربية والإسلامية من شمال إفريقية والعراق وسورية فقد ذاقوا القهر والفقر، وتجرعوا المهانة والذل، وفقدوا الأمن والأمان لسنوات في أوطانهم فهذه الإجراءات والمعاملات لا تقارن على ما تربوا عليه، لذلك لا يلقون بالا ولا اهتماما كبيرا لما يجري من حولهم.

و تظل الأقلية المسلمة بهولندا البالغ عددها مليون ونصف نسمة أكثر الفئات تضررا من هذا الوضع الذي يؤجج مشاعر الكراهية والتفرقة العنصرية ويهدد نسيج المجتمع الهولندي الذي يشكل المسلمون أحد خيوطه المهمة.

قنطرة

أئمة منفتحون على المجتمع الغربي
ترى الحكومة الهولندية أن بعض الأئمة الذين يأتون من البلاد الإسلامية للعمل في المساجد وراء تطرف الشباب المسلم. أخيرا فتحت جامعة أمستردام باب الدراسة في تخصص الدين الإسلامي لتأهيل أئمة على دراية بالنمط الغربي للحياة.