ازدياد الضغط الشعبي للحصول على مزيد من الحرية

أدلى الفلسطينيون بأصواتهم وتبعهم العراقيون والآن تحرك اللبنانيون. ولكن هل يمكن اعتبار هذه الخطوات باتجاه الديموقراطية نتيجة للسياسة الخارجية الامريكية؟ تعليق بيتر فيليب

لبناني ينظر إلى تمثال حافظ الأسد المتضرر من الاحتجاجات المعادية لسوريا، الصورة: أ ب
لبناني ينظر إلى تمثال حافظ الأسد

​​

استقالت الحكومة اللبنانية تحت ضغط الرأي العام اللبناني واستطاع عشرات الآلاف من المتظاهرين أن ينجزوا ما لم يكن بمقدرة القوى العظمى كالولايات المتحدة أن تحققه حتى الآن: إجبار دمشق على الانسحاب من البلد المجاور، الذي ما يزال حزب البعث الحاكم يعتبره كجزء من سوريا الكبرى.

وتحاول دمشق أن تقوض تحركات المفكرين الليبراليين السوريين، إلا أن أحدا منهم لا يرغب في العودة الى فترة القمع التي اتسم بها عهد الرئيس حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي. وشم المثقفون السوريون نسيم ربيع انفتاح خفيف بعد سنوات من الظلم، وهم يودون الانضمام الى حركة التحرر واستيقاظ الآمال السائدة حاليا في العالم العربي.

آمال انتشار الديمقراطية بوتيرة متمهلة لكن في الوقت نفسه دائمة وعميقة، وتيرة تعتمد على تفريغ بطيء وفعلي لسلطة الحكام المطلقة، وليس على انتشار سريع للديمقراطية عن طريق انقلابات، التي لا تأتي بتغير يذكر إذ أن مفعولها محدود. لم يعد الشعب في لبنان وجزئيا في سوريا يعتقد أنه ضحية لقدر لا يمكن تغييره.

إذ اختار الفلسطينيون محمود عباس خلفا للرئيس عرفات وقرروا تغير المنهج السياسي، وتوجه العراقيون بالرغم من تهديدات الإرهابيين الى صناديق الاقتراع لانتخاب حكومة انتقالية. كما أن السعوديين يشاركون للمرة الأولى في الانتخابات المحلية، في حين أعلن الرئيس المصري حسني مبارك موافقته على السماح لأكثر من مرشح بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

إنها خطوات أولى وبسيطة، إلا أن هناك شعورا بأن التغيير سيحصل. فهل يمكن اعتبار ذلك نتيجة لنظرية الدومينو في مسيرة الديمقراطية التي تنبأ بها الرئيس الامريكي بوش؟ يمكن التوصل الى هذه الاستنتاجات إذا ما تم تقييم الوضع سطحيا، ولكن التطورات الحالية هي خيار الشعب العربي وليست نتيجة الحرب على العراق. إذ بدأت الشعوب تكتشف أنها ليست ضحية القوى العظمى، إنما ضحية حكامها الذين عرفوا كيفية استغلال الموقف.

ويمكن القول إن انتشار وسائل الإعلام العربية الحرة على نطاق واسع منذ عشر سنوات من أهم أسباب هذه اليقظة، حيث استطاعت قناة الجزيرة وعدد من القنوات الأخرى أن تفلت من قبضة الحكام الاقليميين وأن تنشر وعيا جديدا وصورة جديدة للعالم، في منافسة مع المحرضين الذين يروجون للعنف والقتل باسم الصدام بين الثقافات.

هكذا يزداد الضغط للحصول على مزيد من الحرية وعلى الحكام المستبدين أن يقدموا التنازلات إذا ما أرادوا البقاء في السلطة. ولماذا لا يكتب لتغيير السلمي في العواصم العربية النجاح كما حصل في أوكرانيا مؤخرا؟ ليست واشنطن وراء هذا التطور، إلا أنها في أحسن الأحوال سرّعت في تحريكه.

بقلم بيتر فيليب، حقوق الطبع دويتشه فيله 2005
ترجمة لينا هوفمان