عميل سري ألماني وجيرانه المسلمون

يعرض المخرج الألماني التركي جونيت كايا في فيلمه الأول الذي يحمل عنوان "أمَّة - بين الأصدقاء" صورة مناقضة للأحكام المسبقة الشائعة عن الأجانب في ألمانيا. أنكه شترنبورغ شاهدت هذا الفيلم الذي تدور أحداثه في حي نويكولن البرليني المثير للجدل الذي يسكن فيه مسلمون كثيرون وتصف الفيلم بأنه بمثابة دعوة لفهم المسلمين في ألمانيا والتعرف عليهم.

الكاتبة ، الكاتب: Anke Sterneborg

يعود دانيال من مهمة سرية قام بها لجهاز الاستخبارات الألمانية مثل الجندي العائد من الحرب إلى أرض الوطن. ومع كلِّ جراحه الجسدية والروحية يتم نقله إلى شقة متهالكة تقع في وسط حي نويكولن في برلين، حيث يتحتَّم عليه الاختباء طيلة ثلاثة أشهر إلى أن تهدأ الأمور بعد مشاركته في مهمة مثيرة للجدل قامت بها قوَّات الأمن الألمانية في محيط النازيين الجدد داخل مدينة هامبورغ.

ويؤدِّي الممثِّل الألماني فريدريش لاو دور هذا الشاب المضطرب قليل الكلام، دانيال الذي تنعكس في تعبيراته أيضًا الشكوك في مؤسَّسات الرقابة ومحاربة الجريمة التي كانت مشتعلة أيضًا قبل فضيحة تجسّس وكالة الأمن القومي الأمريكي NSA.

وتبقى لقاءاته الأولى في محيطه الجديد مسمَّمة بشكوكه المهنية وريبته تجاه جارته الجميلة التي ترحِّب به بلطف وكذلك تجاه صاحب محل بيع الأجهزة الإلكترونية المستعملة (كيدا خضر رمضان) الذي يبيعه بكثير من الكلام جهاز تلفاز قديم.

ولكن بعد ذلك لا يستغرق الأمر وقتًا طويلًا حتى تبدأ لديه الأحكام المسبقة ومخاوفه بالتلاشي وذلك بفضل المعاملة اللطيفة وغير المعقَّدة التي تفتح له هنا الأبواب على ثقافة غريبة في عملية اندماج في اتجاه عكسي.

يتم عرض منطقة نويكولن في هذا الفيلم بطريقة لطيفة لا تصوّرها على أنَّها منطقة متأزِّمة، بل تظهرها وبكلِّ بساطة باعتبارها منطقة سكنية عادية جدًا: خالية من العنف المستعر والعدوانية المشتعلة والشقاء والاشتباه بوجود الإرهاب.

نويكولن منطقة سكنية اعتيادية

وفي هذا الفيلم يتم عرض منطقة نويكولن بطريقة لطيفة لا تصوّرها على أنَّها منطقة متأزِّمة، بل تظهرها وبكلِّ بساطة باعتبارها منطقة سكنية عادية جدًا؛ خالية من العنف المستعر والعدوانية المشتعلة والشقاء والاشتباه بوجود الإرهاب. وعلى الرغم من أنَّ سائق سيارة الأجرة يتحدَّث متذمِّرًا قليلاً عن هذه "المنطقة السيِّئة"، ولكن بعد ذلك لا يتم ذكر هذه الصور النمطية والكليشيهات الشائعة عن هذا الحي المعروف بمشكلاته الاجتماعية.

يبرز المخرج الألماني التركي جونيت كايا في فيلمه الأوَّل صورة مناقضة للأحكام المسبقة الشائعة عن الأجانب في ألمانيا. ولذلك يمكن اعتبار فيلمه التمثيلي هذا بمثابة دعوة من أجل فهم المسلمين في ألمانيا والتعرّف على أمَّتهم - ومن هنا حمل الفيلم عنوانه اللطيف "أمَّة - بين الأصدقاء".

وربما يبدو ذلك في بعض من مشاهد هذا الفيلم مثل حكاية خرافية مبالغ فيها، ولكن شخصية كيدا خضر رمضان جعل شخصية هذا العميل السري المتسامح الذي يشجّع التفاهم بين الشعوب إنسانًا يمكن فهمه - رجل يعارض الفكر الأصولي ويناهض الاختيار إمَّا بين الأبيض أو الأسود. وفي المقابل ينظر المرء إلى عملاء الاستخبارات والشرطة على أنَّهم يبالغون قليلاً في عملياتهم المعادية للأجانب.

ولكن على الرغم من ذلك فإنَّ المخرج كايا يسرد قصَّته بطريقة متواضعة وهادئة تجعل المشاهد ينجذب إلى الفيلم ويتابعه بشوق. ومع هذا الشاب الفضولي الساذج إلى حد ما الذي ينتقل حديثًا إلى برلين ويحمل معه ذات مرة الكحول لحفل زفاف إسلامي، ولكنه في وقت لاحق يبدأ بالاهتمام بدورة لتعليم القرآن، يتعرَّف المشاهد على ثقافة لا ترمز فقط لجرائم الشرف وإجبار النساء على ارتداء الحجاب، بل تُعرَف بكرم الضيافة. ولكن عندما يبدأ دانيال للتو بالشعور بالاستقرار في بيئته الجديدة، يتم استهداف أصدقائه من قبل المسؤولين عنه في جهاز الاستخبارات، وهنا يتحتَّم عليه الاختيار بين إبلاغ أصدقائه أو خيانتهم.

 

 

أنكه شترنبورغ

ترجمة: رائد الباش

تحرير: علي المخلافي

حقوق النشر: زود دويتشه تسايتونغ/ قنطرة 2013

 

فيلم "أمَّة - بين الأصدقاء"، ألمانيا 2013. من تأليف وإخراج جونيت كايا . تصوير: سيباستيان بويملر. إعداد: ليلى نعيمي. موسيقى: فرانك شرايبر. تمثيل: فريدريك لاو ومنى بيرزاد وكيدا خضر رمضان وبوراك يجيت. توزيع شركة سيناتور. مدَّته 107 دقائق.