
الحرب الأهلية في سوريا:نهاية الأسد- أيام معدودات أم سنوات ممدودات؟
الوضع في سوريا مبهم إلى درجة أنه يبدو من المستحيل إيجاد سبل لوقف القتل والعنف. الأزمة السورية ازدادت تعقيداً، كما أن الصراع المستمر خلق أشكالاً أكثر ترويعاً من الأعمال الوحشية والفظائع، وأرضاً خصبة لمزيد من القمع والانتقام والتطرف وغياب العدالة.
الدعم الإقليمي والدولي للمجموعات المقاتلة المنفردة غيّر توازن القوى في الصراع، ذلك أن هذا الدعم زاد من التفرق في صفوف الثوار وأعطى القوى الإسلامية المتطرفة دفعة إضافية. إلى ذلك، ازداد الحديث مؤخراً عن تغلغل عناصر من تنظيم القاعدة في صفوف الثورة السورية، وانتشرت تقارير صحفية عما يقوم به التنظيم في سوريا.
لا يمكن إنكار وجود القاعدة في سوريا، إلا أنه لا يجب تضخيم حجم تواجدها هناك، فالمعارضة السياسية والمتظاهرون السلميون والجيش السوري الحر نأوا بأنفسهم بكل وضوح عن القاعدة، لأنهم يعتبرون وجود منظمة إرهابية على الأراضي السورية تهديداً للثورة.
وفي نهاية الأمر، فإن النقاشات المبالغ فيها حول تواجد القاعدة ودورها في سوريا تصب في مصلحة النظام السوري، لأنها تؤكد ادعاءاته بأن المجموعات الإسلامية المتطرفة والإرهابية هي التي تحاول تقويض الأمن في البلاد. وحتى لو كانت المخاوف من ازدياد قوة المجموعات الإرهابية في سوريا مبررة، فإن تقدير قوتها الحقيقية في البلاد أمر صعب للغاية.
استنفاد الحلول السياسية والدبلوماسية
تشير الإحصاءات الأخيرة للأمم المتحدة إلى أن عشرة ملايين سوري تأثروا بالصراع بشكل ما أو بآخر، وأن حوالي مليوناً ونصف المليون بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية بكافة أشكالها. كما أن الدول المجاورة تستضيف نحو 124 ألف لاجئ سوري مسجل، ناهيك عن حوالي مليون شخص فروا من مناطق سكنهم إلى مناطق أخرى داخل البلاد. وبغض النظر عن النتيجة النهائية لهذا الصراع، فإن معاناة السكان لا يمكن تقديرها بأرقام، مثل الكلفة المالية لإعادة بناء البلاد وعودتها إلى مستوى ما قبل الحرب.
والسؤال يبقى: من سيتحمل تكاليف إعادة بناء البلاد وبناها التحتية وكنوزها الثقافية والتاريخية؟ ومن سيتحمل مسؤولية إعادة السوريين إلى منازلهم؟
في البداية كان السوريون خائفين من أن تمرّ بلادهم بنفس التطورات التي مرت بها دول مجاورة كالعراق ولبنان أو حتى أفغانستان. لكنهم الآن باتوا يخشون من واقع قد يضم كل هذه السيناريوهات معاً.
الانزلاق إلى صراع طائفي
والاعتقاد بأن أيام الأسد باتت معدودة لم يعد مقنعاً، لأن هذه "الأيام المعدودة" قد تستمر لسنوات، وحتى إذا ما فقد النظام السيطرة وانسحب من بعض المناطق الريفية ومن شمال البلاد، فإن الذي سيحسم الصراع في البلاد هي المدن الكبرى. لكن في غضون ذلك، يستمر النظام السوري ببطء لكن بثقة في تدمير نفسه، وفي النهاية ستكون موارده محدودة.

ومن جهة أخرى، فإن ازدياد التطرف في البلاد وعدم القدرة على مواجهته قد يلقي بظلال قاتمة على هذه المرحلة الهامة من تاريخ سوريا الحديث. كما أن الكثير من السوريين يشعر بالإحباط، كونهم يقفون عاجزين أمام التفاف قوى أخرى على ثورتهم واختطافها. لكن كيفما تطور الوضع، لن يستسلم السوريون وسيقررون مستقبلهم بأنفسهم. وفي النهاية سيتمكن السوريون وحدهم من تحرير أنفسهم بعد عقود من القمع والدكتاتورية.
ياسمين رومان
ترجمة: ياسر أبو معيلق
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: موقع تسايت الالكتروني/قنطرة 2012
ياسمين رومان هو اسم مستعار لصحافية ومدونة سورية شابة مقيمة في دمشق حالياً. المقالات التي تكتبها هي جزء من سلسلة حول اللاعبين الجدد في دول الربيع العربي، ينشرها موقع تسايت أونلاين بالتعاون مع مؤسسة كوربر.