النساء في وسائل الإعلام

الحالة المعيشية للنساء في أوروبا وفي العالم العربي وعرضها في وسائل الإعلام، كانت موضوع الحوار الإعلامي الأَلماني-العربي الذي عقد مؤخرًا في الرباط. تقرير مارتينا صبرا.

الحالة المعيشية للنساء في أوروبا وفي العالم العربي وعرضها في وسائل الإعلام، كانت موضوع الحوار الإعلامي الأَلماني-العربي الذي عقد مؤخرًا في الرباط. يقوم معهد العلاقات الخارجية الأَلماني في شتوتغارت منذ عدّة سنين بدعم الحوار الإعلامي ما بين إعلاميين من أوروبا والعالم العربي. تقرير مارتينا صبرا.

ديما ترحيني،مذيعة في البرنامج العربي للقناة التلفزيونية دويتشه فيله، الصورة: دويتشه فيلله
"كثيرًا ما تُستخدم النساء في نشرات الأخبار كمذيعات، بينما تبقَ في الغالب برامج الندوات والحوارات محفوظة للرجال."

​​كان يتحتّم قبل قرون قليلة على المرأة المتزوِّجة في أَلمانيا، أَنْ تستأذن زوجها عندما تريد فتح حساب مصرفي أو ممارسة مهنة ما. عندما روت السيدة أنّه برينتس العاملة في وزارة الخارجية الأَلمانية ذلك في بداية المؤتمر الإعلامي الذي عقد في الرباط، وقف المشاركون العرب موقف المرتابين من ذلك.

إذ علَّقت الدكتورة المصرية سحر خميس، رئيسة قسم الإعلام في جامعة قطر، مندهشة: "تعاني النساء في العالم العربي من التقاليد الأَبوية. بيد أَنَّ النساء يتمتَّعن في الإسلام منذ القدم بحق الملكية الخاصة".

كذلك بدت الدهشة على المشاركين والمشاركات القادمين من المناطق الناطقة بالأَلمانية؛ فقد اندهشوا مثلاً من أَنَّ الدولة في تونس حدّدت بالقانون منذ السبعينيات الفترة الزمنية التي يجوز فيها إجراء عمليات الإجهاض. لم يكن السبب في سنّ هذا القانون التونسي هو حق النساء في تقرير مصيرهن، بل السياسة السكانية.

ومع ذلك لا يزال تحديد الفترة الزمنية التي يجوز فيها الإجهاض شيئًا غير معقول في معظم بلدان أوروبا حتى يومنا هذا؛ أَمّا أَنْ يترك بلد إسلامي بالذّات القرار للنساء في هذا الأَمر، فهذا شيء لا يتناسب مع صورة إسلام يبدو أَنَّه قادر على التطوّر.

عدم إكتراث وسائل الإعلام

حتى وإن لم تكن الأَمثلة المذكورة أَمثلة نموذجية، فهي تُظهر بشكل خاص أَنَّ الكليشيهات الخاصة بصورة المرأة المعاصرة - من ناحية المرأة المسلمة المحجبة معدومة الحقوق ومن ناحية أخرى سيدة الأَعمال الغربية المعادية للأسرة - ليس لها إلاّ صلة ضئيلة بواقع الحياة اليومية للفتيات والنساء في كلا الثقافتين.

"كثيرًا ما لا تكون النساء هنّ موضوع النقاشات التي تدور في أَلمانيا حول النساء المسلمات أو العربيات"، على حد تحليل العالم السياسي يوخين هيبّلَر: "إذ يتعلَّق الأَمر في الباطن بالهجرة، وبخوف الأَلمان من الغريب".

وجَّهت أستاذة الدراسات الإسلامية في جامعة غوتنغن، إيرينه شنايدر، انتقادها إلى عدم اكتراث وسائل الإعلام الأَلمانية الرئيسية لتطورات إيجابية لصالح النساء العربيات، على سبيل المثال الإصلاحات الجذرية التي أُجريت في قوانين شؤون الأُسرة في المغرب عام 2004؛ "لا يزال يوجد لدينا الكثير من الكليشيهات في التقارير الإعلامية عن النساء العربيات".

مشاكل مشتركة

وهذا موجود أَيضًا بشكل عكسي، على حدّ قول خديجة رضوان، محررة شؤون السياسة الخارجية في الصحيفة اليومية المغربية المقرَّبة من القصر “Le Matin du Sahara”. كثيرًا ما تكون علاقة الفتيات والنساء العربيات متناقضة مع بنات جنسهن في أوروبا: "فالكثيرات منهنّ يعتبرن الأوروبيات مثالاً يحتذى به ويسعين إلى تقليده".

أَما الأخريات فيعتقدن أَنَّ الكثير من الحرية للنساء يؤدي إلى تدمير الأسرة والثقافة العربية. اتَّضح لها - على حدّ قولها - أَثناء إقامات عمل في أوروبا وأَلمانيا، كيف يتم التفكير آليًا لدى كلا الطرفين. لفتت خديجة رضوان الأَنظار إلى أَنَّ "القواسم المشتركة لدى النساء في أوروبا والعالم العربي هي أَكثر بكثير مما يُعتقد".

فهي تقول بدلاً من أَنْ يبتعد بعضنا عن الآخر، يجدر بنا أَنْ نعالج المشاكل المشتركة: "النقص في الديموقراطية، الذي يعاني منه النساء والرجال على حدّ سواء، الفقر والآثار السلبية للعولمة، تترك آثارًا خاصة على النساء، ويجدر بنا أَنْ نُعنى بذلك".

النساء في وسائل الإعلام

لم تعد حال النساء الأوروبيات والعربيات في يومنا هذا على ما كانت عليه قبل عقود قليلة: "إنَّ حوالي نصف العاملين حاليًا في أَلمانيا في مجال الإذاعة والتلفزة هم من النساء"، على حدّ قول دغمار سكوباليك، التي كانت في السابق مندوبة للمساواة، وتقوم حاليًا على شؤون العلاقات الدولية في القناة التلفزيونية الأَلمانية الثانية ZDF.

بيد أَنَّها تضيف أَنَّ التفائل الزائد عن حدِّه ليس في محله: "يبقى القسم الأَعظم من النساء في درجات سفلى من السلَّم الوظيفي". يوجد في العالم العربي تطوّر مشابه؛ حيث روت مديرة المعهد العالي للإعلام والاتصالات ISIC في الرباط، لطيفة أخرباش، أَنَّ عدد الطالبات في المعهد أكثر من النصف. وفيما بين أَصبح تقريبًا نصف العاملين في المحطات التلفزيونية الفضائية العربية من النساء.

بيد أَنَّ أنس بوسلامتي المخرج في تلفزيون دبي (٤٠ بالمائة نساء) ينتقد أَنَّ النساء لا يزلن يُعرضن في الدعايات والفيديو كليب كربَّات بيوت أو كمهرجات. ويضيف أَنَّه كثيرًا ما تُستخدم النساء في نشرات الأخبار كمذيعات، بينما تبقَ في الغالب برامج الندوات والحوارات محفوظة للرجال.

لكنَّ بوسلامتي يقرّ بأَنَّ عدد المراسلات يزداد في نفس الوقت - وهذا ليس بديهيًا في ثقافة يُحفظ فيها تقليديًا الظهور العلني للرجال.

تقارير إعلامية للجنس اللطيف

طالبت محاسن الإمام رئيسة مركز الإعلاميات العربيات (في عمّان) من الإعلاميات العربيات، أَنْ يتحدّن وأَنْ يكافحن سويةً من أَجل المزيد من الحرية الإعلامية وتحسين شروط العمل. ونبَّهت دغمار سكوباليك من القناة التلفزيونية الأَلمانية الثانية ZDF، إلى عدم الارتياح للحضور العددي للنساء في وسائل الإعلام.

ونوَّهت إلى أَنَّ كيفية عرض الرجال والنساء في التلفزيون، هي في الدرجة الأولى مسألة تتعلَّق بتوجيه الكاميرا أو تقنية الحوار، وغالبًا ما تكون النساء - أي الجنس الطيف - في هذا الصدد أَقل قدرة من زملائهم الرجال.

لهذا السبب يبقَ الأمر متوقفًا على دمج قضايا الجنوسية في تعليم الصحفيات. وفي الختام أوضحت لطيفة أخرباش قائلة: "لا يزال يوجد لدينا نحن النساء في المغرب مشكلة مع صورتنا عن ذاتنا. إذ تم تعليمنا في الصغر، أَنَّنا أقل قيمة وأَنَّنا يجب أَنْ نكون على كل حال ربّات بيوت وأمَّهات رائعات إلى جانب المدرسة أو العمل. أَعتقد أَنَّ الأَجدر بنا كنساء أَنْ نعمل بنشاط في وسائل الإعلام، لنغيِّر الصورة الشئعة عن النساء".

بقلم مارتينا صبرا
ترجمة رائد الباش
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة

الثقافات الإعلامية وتحديات العولمة
ما هي نتائج المنافسة بين الفضائيات الغربية والعربية؟ يقدم أوليفر هان أستاذ الصحافة في جامعة دورتموند الألمانية تحليلا للوضع الحالي ويقترح تعاونا إعلاميا وثيقا متعدد الثقافات

صحفيون ألمان مختصون بالثقافة في الشرق الأوسط
بعدما زار أربعة كتّاب عرب متخصصين بالثقافة ألمانيا في صيف هذا العام، قام أربعة صحفيين ألمان بزيارة بيروت والقاهرة ورام الله والرباط. وقد التقى كل الصحفيين المشتركين في بيروت لتبادل الخبرات ولبحث فرص التعاون. تقرير برنهارد هيلنكامب