الصحفي أكبر غانجي في خطر

يعتبر الصحفي الايراني أكبر غانجي، المعتقل منذ أكثر من خمس سنوات، أحد أهم أفراد المعارضة الايرانية. وقد نقل في اليوم الـ 36 من اضرابه عن الطعام الى مستشفى ميلاد الحكومي في طهران بحجة اصابته بفسخ غضروفي. تقرير بهمان نيرومند

أكبر غانجي، الصورة: صحفيون بلا حدود
الثورة تلتهم أولادها!

​​يعتبر الصحفي الايراني أكبر غانجي، المعتقل منذ أكثر من خمس سنوات، أحد أهم أفراد المعارضة الايرانية. ولقد قام على أثر الإفراج عنه لفترة قصيرة في بداية حزيران/يونيو بمواصلة اضرابه عن الطعام الذي بدأه قبيل ذلك. وقد نقل في اليوم الـ 36 من اضرابه عن الطعام الى مستشفى ميلاد الحكومي في طهران بحجة اصابته بفسخ غضروفي. تقرير بهمان نيرومند

يعتبر القسم الذي نقل اليه أكبر غانجي في مستشفى الميلاد منطقة عسكرية مغلقة. ولم يسمح لا لذويه ولا لمحاميه – بما في ذلك شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام – بزيارته. الشخص الوحيد الذي سمح له بالدخول اليه مرة واحدة ولفترة وجيزة بعد مرور ثلاثة أيام على دخوله المستشفى هي زوجته.

ومن الجدير بالذكر أنه تم اعتقال غانجي عام 2000 أثر مشاركته في مؤتمر حول ايران نظمته مؤسسة هاينريش بول الألمانية في برلين، وقد حكم عليه من جراء ذلك بعشر سنوات سجن وخمس سنوات نفي. بعد ذلك خفض الحكم الى ست سنوات سجن.

الجيل الثوري الأول

ويعتبر هذا الصحفي المعارض من ضمن جيل كان مع بداية الثورة الايرانية قبل ستة وعشرين عاما يهتف باسم آية الله الخميني من أجل تأسيس دولة إسلامية.

ولقد كان غانجي لفترة طويلة من ضمن الحرس المرافق لآية الله الخميني. الا أنه وكما هو حال غالبية المثقفين فقد أدار ظهره للدولة الاسلامية بسبب خيبة الامل التي أصابته بعد مرور بضع سنوات على الثورة.

أثبت غانجي نفسه كصحفي حر بعد أن اختتم دراسة علم الاجتماع. ولقد كان يصدر الصحيفة الاسبوعية "الطريق الجديد". كانت الصحيفة حينها منبرا للمتنورين الدينيين، للحوار حول علاقة الاسلام بالحداثة. وعلى أثر منع الصحيفة، بدأ غانجي يكتب لجرائد وصحف مختلفة.

ولقد اشتهر غانجي عندما قام بفضح دور القيادة الايرانية، وبشكل خاص دور رئيس الدولة السابق هاشمي رفسنجاني، في مجموعة من عمليات القتل ضد كتاب معارضين ومثقفين، خاصة فيما يتعلق بما يسمى بسلسلة القتل التي نفذت في عام 1999.

وبإضرابه عن الطعام يحتج غانجي على ظروف الاعتقال، ويطالب باطلاق سراحه غير المشروط. ولكن السلطات القضائية، التي تخضع للضغط الداخلي والخارجي على السواء – فليس فقط منظمات حقوق الانسان هي الوحيدة التي تطالب بالافراج عنه، وانما أيضا الرئيس الامريكي بوش والبرلمان الاوروبي – لا تريد الافراج عنه سوى تحت شروط معينة.

على غانجي سحب أقواله الناقدة. وفي حال رفض ذلك فهو مهدد بعقوبة جديدة أشد قسوة من سابقتها، هذا ما تم تهديده به حسب أقواله. ويعاني غانجي منذ فترة طويلة من الربو الحاد وألم شديد في الظهر، مما يتطلب معالجته الضرورية خارج السجن.

سياسة الحكومة الإيرانية التعسفية

وفي رسالة من داخل السجن مؤرخة في 14 تموز/يوليو يوضح غانجي، لماذا اختار بنفسه طريق "الهلاك" من أجل تحقيق هدفه. انه يرفض أي شكل من أشكال العنف، لكنه يريد أن يرى العالم كيف تتم معاملة "من يفكر بطريقة أخرى" من قبل الجمهورية الاسلامية.

ويقول في رسالته بأنه تم في السنوات الأخيرة وبتوجيه من المرشد الاعلى علي خامنئي، الذي يقال بأنه وصف الصحافة الليبرالية على أنها "نقطة ارتكاز" لأعداء الدولة الاسلامية، تم منع أكثر من مئة صحيفة وسجن اعداد كبيرة من الصحفيين.

كما يقول غانجي أيضا بأن خامنئي يتحدث بدوره أيضا عن وجود حرب ثقافية ضد الجمهورية الإسلامية، ولذا فانه، حسب ما يكتب غانجي، اتخذ ذلك مبررا "للتصفية المنظمة" للعديد من المثقفين والمبدعين.

ويضيف غانجي بأنه قد نفذت عمليات قتل في الخارج ضد منتقدي النظام الايراني. كما يشير غانجي في رسالته المذكورة الى أن قمع المظاهرة الطلابية واعتقال العديد من أصحاب محلات الانترنت ومستخدمي الوب ليست سوى مؤشرات اخرى على الهدر السافر لحقوق الانسان: "لا يوجد في بلادنا سوى صوت واحد، هو صوت مرشد الثورة وعلى الاصوات الاخرى أن تسكت".

الخيارات الصعبة

وأضاف غانجي في رسالته أن خمينئي يمتلك سلطات غير محدودة ويتحمل المسؤولية عن كل ما يدور في ايران، ولكن لا يسمح بتوجيه النقد اليه أو محاسبته قضائيا على قراراته. ويضيف غانجي قائلا بان هذا استهانة بالديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية، ويكفي ستة عشر عاما من استبداد خاميني.

لا يرد غانجي أن يصبح بطلا، هذا ما يكتبه. "هل ينبغي علي أن أخضع لمطالب السلطات القضائية وأتراجع عن أقوالي؟" ويقول بأنه يقف أمام خيارين، فإما أن يكذب على ذاته أو ان يتابع احتجاجه. انه يقول بأنه يفضل خيار طريق النضال، وانه لن يتراجع عن رفضه لهذه الدولة ولن يتنازل عن موقفه من أجل حقوق الانسان والديمقراطية.

ومما يدعو للسخرية هو ما تدعيه كل من السلطات القضائية ومدير مستشفى ميلاد، بأن الوضع الصحي لغانجي طبيعي جدا، وأنه لم يقم قط بالاضراب عن الطعام. وكذلك الادعاء بأن سبب تحويله الى المستشفى هو فسخ غضروفي كان يتطلب المعالجة الجراحية:

"لا توجد أية اشكالات صحية لدى غانجي على الإطلاق، انه يأكل بشكل طبيعي ويتمتع بصحة ممتازة"، هذا ما أفاد به رئيس مستشفى ميلاد لوكالة الانباء الايرانية ارنا. وعن سبب الفسخ الغروفي، قال فاتحي:

"انني لا أعرف ذلك. في العادة يحصل ذلك من جراء ممارسة الرياضة." ولم يفصح فاتحي برأيه حول الصور التي نشرت لغانجي في كافة أنحاء المعمورة وهو مستلق بزنزانته الانفرادية نحيل البدن وواهن القدرة.

من جهته أيضا أوضح وكيل النيابة العامة الإيراني، سيد مرتضوي، المعروف عنه بأنه "قاتل الصحافة والصحفيين" والمثير للرعب والهلع، بأن كل هذه الزوبعة في الصحافة المحلية والعالمية حول ما يدعى بأنه اضراب عن الطعام ينفذه غانجي، ليست سوى حرب نفسية ضد الجمهورية الإسلامية" تديرها أيدي خارجية.

"ان مواطنينا يعرفون هذه الأساليب تمام المعرفة، ولن يعيرون مثل هذه الاكاذيب أية أهمية تذكر"، هذا ما قاله مرتضوي. ويضيف بأن غانجي سوف يتمم عقوبته في السجن بعد معالجته الطبية.

أما زوجة غانجي فقد قالت بعد زيارتها القصيرة له في المستشفى للصحافة، بأن زوجها مازال قيد الاضراب عن الطعام، ووضعه الصحي أسوأ مما كان عليه في السجن، وهو في حالة غيبوبة. ان حياته في خطر كبير.

ويعتقد المراقبون السياسيون بان غانجي اما ان يقتل في المستشفى أو ان يتم سحب تنازل منه عن أقواله، كما جرى لمعارضين آخرين من قبله، بمساعدة المخدرات والعقاقير الصيدلية، بحيث يبتز اعترافه ابتزازا في حالة فقدانه ارادته.


بقلم بهمان نيرومند
ترجمة مصطفى السليمان
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة

حرية الإعلام في إيران
يغامر الصحفيون في الجمهورية الإسلامية بحياتهم إذا لم يتبنوا لسان الإيديولوجية الحاكمة. ويعد القضاء الإيراني اليوم أقوى خصم للإعلام الحر، ولكن هناك ثغرة بدأت تحدث في جبهة المنافسين القوية المكونة من رجال القانون المتشددين والمراقبين. تقرير بهمان نيرومند

الانتخابات الرئاسية في إيران
كما في الجولة الأولى حقق المرشح المحافظ محمود أحمدي نجاد مفاجأة في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية وفاز على علي أكبر هاشمي رفسنجاني أحد رموز الثورة الإيرانية. أسباب الفوز كثيرة لعل أحدها نسبة المشاركة الضعيفة، هذا ما يقوله بيتر فيليب في تعليقه.