"عين حمراء" قصة شاب يعيش في المهجر

من خلال روايته أثبت الشاب التونسي الأصل المقيم في السويد أن المهاجرين قادرون على تحقيق أكثر من مجرد عزف موسيقى الراب. يعالج الخميري في كتابه الذي سيصدر قريباً باللغة الألمانية مشكلة التباينات الثقافية والبحث عن الهوية. كريستينا مولر أجرت حواراً معه.

يونس حسن خميري، الصورة: يوهان ماركوسن
يتناول الكاتب الشاب في روايته الأولى مشكلة الهوية وكيفية خلق هوية بعيدة عن الأنماط المعتادة.

​​

ولِدَ يونس حسن خميري عام 1978 لأب تونسي وأم سويدية. ضاق ذرعاً من التركيز على التباينات الثقافية. خميري يعرض في روايته الأولى "عين حمراء" قصة الشاب خليل ذي الخمسة عشر عاما، الذي يحاول عبر تسجيل يومياته، أن يكتتب لنفسه "هوية عربية". معرفته عن وطنه الذي في مخيلته تنبع بشكل أساسي من الأحاديث المروية أو من مقولات سمعها مثل: "الجمل الجبان يشتاق، أما الجمل الشجاع فينطلق".

صدر كتابك عام 2003 في السويد. كيف كان الصدى لدى الجمهور؟

يونس حسن خميري: جيدة جداً. البعض رأى في الكتاب "الصوت الحقيقي للوافدين" الممكن سماعه بعد طول إنتظار. بيد أنني في الحقيقة سعيت لإستكشاف ما إذا كان هناك شيء يدعى "الصوت الأصيل للوافدين" أصلاً. ماذا نقصد حين نقول "مهاجرين"؟

هل أصبح موضوع إزدواجية الهوية في الأدب السويدي أكثر أهمية؟

خميري: نعم. يزداد توجه الكُتّاب نحو البحث عن علاقتهم باللغة السويدية، بغض النظر عن السن أو الإنتماء القومي. وانا أجد ذلك ملهماً. البطل في روايتي يبحث بمساعدة اللغة عن هوية: فخليل الذي يتقن السويدية، يتكلم بلهجة المهاجرين، عندما يتحدث مع سويديين، يغيِّر تركيب الجمل ويستحدث كلمات جديدة. هذه هي وسيلته ضد الإنصهار التام.

خليل يثور ضد إلغاء الدروس العربية في المدارس وضد أبيه الليبرالي. يعكس ذلك موقفك الشخصي؟

خميري: سعيت عندما كنت شاباً ناشئاً لأن أنفي عن ذاتي الهوية السويدية، ووصل الأمر إلى حد التجميل الكلي لأصولي العربية. قلت مرة لوالدي: "سنسافر قريباً إلى الوطن". فسألني أبي: "ماذا تقصد؟". ولدت مثل بطل روايتي في السويد. بيد أن الكتاب ليس سيرة ذاتية بل من وحي الخيال. يساوي بعض النقاد تفكير خليل الأسود والأبيض مع موقفي، مع أنني أود أن أبين تفكيره وأعريه.

هل تنتقد بذلك فشل سياسة اندماج الأجانب؟

خميري: الموقف الذي اتخذه خليل يشكل مثالاً صارخاً لردة الفعل على هذا. حين يُذكّر المرء مراراً وتكراراً بأنه لا يبدو سويدياً، يميل المرء لأن لا ينظر إلى نفسه على أنه سويدي. لكن أكثر ما أشغل نفسي به، ما المقصود عندما يوصف أحد بـ "سويدي"؟

كيف يكون السويدي الأصيل؟ أهو من يشتري من إكيا Ikea، أم الأشقر أو من يسمع أغاني فرقة أبا Abba؟ هل أنا سويدي أصيل أم عربي متسويد (من سويدي)؟ لقد تعبت من التركيز على التباينات الثقافية، وأدعو لرؤية البشر بنظرة فرديl.

يسود في المانيا الإعتقاد بأن سياسة الاندماج السويدية مثال يحتذى به. هل تغيّرت هذه السياسة في السنوات العشر الأخيرة؟

خميري: ببطئ. لكن من المؤكد أنه لم يعد هناك من يسأل عن كيفية دمج الأجانب في المجتمع السويدي؟ وتحول السؤال إلى: ما هي أساليب الإضطهاد التي يمارسها المجتمع السويدي والتي تعيق إندماج المهاجرين. هل نحاول أن نجعل من المهاجرين سويديين عليهم إجتياز إمتحاناً بالسويدية لكي يُقبلوا في المجتمع؟ السؤال بالأحرى: كيف يندمج السويديون في عالم يتصف بالعولمة.

كيف تم تحقيق هذا التغيير بالوعي؟

خميري: (يقول مازحاً) من خلال كتابي بالطبع. يلاحظ الناس بالتدريج أنه لا يجب أن يبحثوا عن التباينات دائماً، وعن معنى "سويدي". هناك دائماً ما لا يؤهل المرء لأن يكون "سويدياً"، أكانت المعرفة اللغوية أو لون البشرة أو ما شابه ذلك. بناءً على هذه المواصفات لن نكون أبداً سويديين. ومن المفيد أن نوضح أن المهاجرين ليسوا هم المشكلة.


أجرت الحوار كريستينا مولر.
ترجمة يوسف حجازي
صدرت المقابلة في مجلة التبادل الثقافي
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2005

قنطرة

التبادل الأدبي الألماني-العربي
يعتبر الأدب دوما أحد الوسائل الرئيسية في حوار الحضارات، وغالبا ما يتمثل هذا في شكل أنشطة صغيرة تعمل في الخفاء، المترجم والناشر مثلا اللذان يعيشان على حافة الكفاف، ويقتاتان من العمل في التعريف بالثقافة الغريبة المحبوبة. ونقدم هنا مبادرات ألمانية وعربية.