
العلاقات الأوروبية المغربيةالاتحاد الأوروبي والمغرب وأسطورة الاستقرار
يوم الخميس 27 حزيران/يونيو 2019، عقدَ الاتحاد الأوروبي والمغرب الاجتماع الأول لمجلس الشراكة بينهما منذ أكثر من أربع سنوات، وقد صُوِّر بأنه مسعى من أجل "إعادة إنعاش العلاقات" بين الرباط وبروكسل. ويأتي ذلك بعد سنوات عدة من التشنجات الدبلوماسية بين الطرفَين بسبب حكمَين صادرين عن محكمة العدل الأوروبية ورد فيهما أن الاتفاقات التجارية حول الزراعة والصيد البحري لا تنطبق على الصحراء الغربية المتنازع عليها.
لقد ساهم مجلس الشراكة مؤقتاً في معالجة هذه المسألة بما يصب في مصلحة الحكومة المغربية – عبر الموافقة عام 2018 على توسيع نطاق اتفاق الزراعة والصيد البحري ليشمل الصحراء الغربية – وقدّم محفلاً لمناقشة الأولويات المشتركة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمغرب في السنوات القادمة. وقد وضع المجلس إعلاناً مشتركاً طموحاً يغطّي مجموعة واسعة من المسائل بما في ذلك القيَم المشتركة، والتجارة والتنمية، والأمن والسياسة الخارجية، والهجرة، والتغيّر المناخي.
تأييد للتغيير السياسي السريع
لكن فيما يعمل الاتحاد الأوروبي على تعزيز علاقاته مع الحكومة المغربية، يُبدي عدد كبير ومتزايد من المغاربة رفضه لتلك الحكومة والمنظومة السياسية الأوسع في البلاد. تُظهِر البيانات الصادرة مؤخراً عن "الباروميتر العربي" أن 49 في المئة من البالغين المغاربة الذين شملهم الاستطلاع يؤيّدون التغيير السياسي السريع، وهي النسبة الأعلى بين البلدان المختلفة التي أُجري فيها الاستطلاع. وينعكس رفض الوضع القائم أيضاً في سلسلة مطردة من الاحتجاجات والإضرابات على الرغم من القمع المتزايد الذي تمارسه السلطات المغربية.
بالإضافة إلى ذلك، قال 44 في المئة من البالغين المغاربة الذين شملهم استطلاع "الباروميتر العربي" إنهم يفكّرون في الهجرة، في حين ارتفعت النسبة إلى 70 في المئة لدى البالغين دون سن الثلاثين. في الواقع، يغادر المغاربة البلاد بأعداد كبيرة – من خلال أساليب نظامية وغير نظامية على السواء. وتشتمل هذه الموجة على هجرة واسعة للأدمغة، حيث يغادر 600 مهندس البلاد سنوياً، ويدرس 38000 مغربي حالياً في فرنسا (ولا يعود سوى عدد قليل منهم)، ويعمل 7000 طبيب مغربي في فرنسا. وعلى صعيد آخر، عبرَ 13076 مغربياً بصورة غير نظامية إلى إسبانيا عام 2018، ما يجعل منهم الجالية الأجنبية الأكبر، مع نسبة 20 في المئة من المجموع، بعدما كانوا يحتلون المرتبة السابعة لناحية حجم الجاليات الأجنبية في إسبانيا عام 2016.

يتحدث المشاركون في الاحتجاجات والإضرابات عن الإخفاقات الإنمائية وغياب المساواة في المجتمع المغربي، غير أن كل واحد من هذه التحركات كان مدفوعاً بإخفاقات أعمق في الحكم غالباً ما ترتبط بشبكات المحسوبيات التي يُمارَس من خلالها النفوذ السياسي والاقتصادي. لقد سلّط الحراك الذي بدأ في الريف في تشرين الأول/أكتوبر 2016، الضوء على الفساد وعدم الكفاءة في تنفيذ المشاريع الإنمائية الموعودة. وقد لفتت حركة المقاطعة التي انطلقت في ربيع 2018، الانتباه إلى كلفة المعيشة، وأيضاً إلى المواقع السياسية والاقتصادية المحظيّة التي تتمتع بها نخبة صغيرة من قادة الأعمال. وركّزت الاحتجاجات الريفية الأوسع نطاقاً على فشل المشاريع الإنمائية في مواكبة التطلعات في مجموعة واسعة من المجالات، وكانت النتيجة أن أبناء الريف بدأوا بخسارة ثقتهم بالنخب السياسية المحلية، وبالمنظومة السياسية الأوسع نطاقاً.
تقوم المقاربة التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي في التعاطي مع المغرب، على دعم الوضع القائم السياسي بحكم الأمر الواقع، مثلما هو الحال في العلاقة مع باقي البلدان المتوسطية التي تُشكّل "دول الجوار الجنوبي" للاتحاد الأوروبي. لا تزال المستندات عن السياسات تسلّط الضوء على أهمية الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكن في الممارسة، يقتصر ذلك على سلسلة من المبادرات التكنوقراطية المتعلقة بالحوكمة وحقوق الإنسان، بما في ذلك التبادلات البرلمانية، وتشكيل لجنة فنية من الخبراء المتخصصين في حقوق الإنسان، ووضع برنامج لدعم إصلاح القضاء وتقديم الدعم المالي للمجتمع المدني. غير أن الاتحاد الأوروبي بذل جهوداً حثيثة للدفع باتجاه التحرير الاقتصادي في المغرب من خلال توقيع اتفاقات تجارية بشأن السلع الصناعية والزراعة والصيد البحري، وقد ساهمت هذه الاتفاقات في فتح السوق المغربية بصورة متزايدة أمام الواردات الأوروبية والمستثمرين الأوروبيين، وأتاحت للمغرب الاندماج في سلاسل القيمة الأوروبية، لا سيما في قطاع صناعة السيارات. كذلك عمل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الأساسية فيه عن كثب مع الحكومة المغربية في إطار مساعي مكافحة الإرهاب.
تعليقات القراء على مقال : الاتحاد الأوروبي والمغرب وأسطورة الاستقرار
يبدوا من الوهلة الأولى وانطلاقا من هذا الاعلان المشترك،، والذي يحمل بين سطوره العديد من التناقضات التي تتمثل في المبادئ الأسمى والتي لطالما تغنت بها دول أوروبا، من حقوق الانسان، العدالة، الحرية وصون الكرامة الإنسانية. كل هذا قد ضربت به أوربا عرض الحائط عندما خضعت للشروط المغربية، وأنا كوني مغربي لست ضد المصلحة الوطنية، ولكن أن تغفل أوروبا على مثل هذه الحقوق، وتمارس بعض الضغط على الدولة لحماية بعض الكرامة الإنسانية للمواطن المغربي، الذي يقبع تحت خط الفقر والبطالة وغياب المحاسبة، لا يسعنا إلا أن نقول بأن أوروبا همها الوحيد هو الصلحة الشخصية لها، ولو كان ذللك على حساب الشعب المغربي.
Abdo03.12.2019 | 17:22 Uhrفمن جهة أخرى، عندما تقوم أوربا باستغلال الثروة السمكية المغربية (الشراكة المغربية الأوربية). فبذلك تقوم بحرمان طائفة كبيرة من الشعب من خيرات وطنه بأثمنة مناسبة، وأصناف متنوعة التي لا نراها عادة الا في البرامج الوثائقية.
لذلك المرجو من المسؤولين الأوربيين عدم اللحن على أوتار الديمقراطي على الأقل يكتفوا داخل دويلاتهم.
الديمقراطية لديهم يمارسونها فقط داخل بلدانهم وبين شعوبهم، وعندما يتعلق الأمر بالآخر لا يكثرثون. المصلحة الوطنية فوق المصلحة الإنسانية.
وأنا أحسدهم لأنهم ديمقراطيون فيما بينهم، أما نحن فقط في الإعلام نستهلكها كما نستهلك أيها منتج.