المدونون العرب ـ صانعو ثورات أم مجرد ناقلين للأحداث؟

حين يجري الحديث عن الثورات العربية، أو ربيع 2011 الثوري، يتبادر إلى الذهن فورا المدونون العرب الشباب ومواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر. فهل هذا الانطباع صحيح؟ وما دور المدونين العرب في الحراك السياسي في بلدانهم؟ أحمد حسو والمزيد من التفاصيل.




بالرغم من أن جدول أعمال المنتدى العالمي للإعلام، الذي تنظمه دويتشه فيله سنويا، كان غنيا جدا هذا العام وشمل كل الملفات المتعلقة بالثورات العربية إلا أن المدونين العرب الشباب كانوا شاغلي الناس ومالئي الدنيا في هذا المحفل العالمي الذي استضافته العاصمة الألمانية القديمة بون. فكل وسائل الإعلام ومتابعي المنتدى كانوا يلهثون وراء هؤلاء الشباب ليجروا مقابلات معهم أو ليتسقطوا أي خبر يتعلق بهم ويقود الإعلاميين لمعرفة تفاصيل جديدة عن الربيع الثوري العربي والحراك السياسي الذي تشهده بلدانهم.
.
وإذا كانت السمة الغالبة على المدونين العرب الشباب هي أنهم ينشطون ضد حكومات بلدانهم ويساندون الحركات المعارضة، وخصوصا الاحتجاجات التي تعم شوارع المدن العربية، فإن المدون البحريني سهيل بن غازي القصيبي يشكل الاستثناء. فهذا الشاب النحيل، الذي يجيد بإنكليزية بطلاقة، كان يجاهر بميوله الملكية أمام جمهور المنتدى؛ لكن هذا لا يعني أنه لن يكون "منصفا في تدوينه للحركة الاحتجاجية البحرينية" التي قمعتها الحكومة البحرينية بدعم من القوات السعودية. وحين يدقق المرء في هويته سيفهم خلفية دفاعه عن الملكية، فهو بحريني من أصل سعودي (نجل الوزير السعودي الراحل غازي القصيي)؛ كما يحلو لهه أن يضيف أصلا ثالثا له؛ أي جذور أمه الألمانية.

التدوين والثورة المصرية

الصورة دويتشه فيله
المدون البحريني من أصل سعودي سهيل القصيبي، كان يغرد خارج السرب

​​. ويشدد القصيبي، في حواره مع دويتشه فيله، على أنه لم يكن يهتم بالشأن السياسي حين بدأ التدوين عام ألفين وثمانية بل كانت جهوده منصبة على عالم الأعمال والتسويق، لكن الحركة الاحتجاجية البحرينية، أو ما يطلق هو عليها بأزمة فبراير، جرفته إلى عالم السياسة. وإذا كان التدوين في البحرين أو بعض دول الخليج بعيدا عن السياسة فإن المدونين المصريين ولدوا من رحم السياسة، حسب المدون المصري باسم فتحي. ويضيف فتحي، في حوار مع دويتشه فيله، بأن المدونين المصريين كانوا يركزون في البداية على القضايا العربية، كالقضية الفلسطينية والغزو الأمريكي للعراق، وأن اهتمامهم بالحدث الداخلي المصري بدأ عام ألفين وخمسة.

وربما كانت مصر الدولة العربية الرائدة في مجال التدوين، أو استخدام التدوين ومواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، تويتر، في العمل السياسي. ففي عام ألفين وثمانية استخدم فيسبوك، لأول مرة، في الدعوة إلى إضراب عام في مصر وكان ذلك "من أهم إنجازات الحركة التدوينية والإعلام الجديد". ومع أن الثورة التونسية سبقت المصرية واستخدمت مواقع التواصل الاجتماعي في تغطية يومياتها، إلا أن ثمة انطباعا عند الناس يقوم على الربط بين الإعلام الجديد وبين الثورة المصرية. ويرى فتحي أن التدوين في مصر عمره عشر سنوات تمكن المدنون من خلاله مراكمة تجارب غنية أدت إلى تراكم نوعي ساهم في اندلاع الثورة عام ألفين وأحد عشر.
.

"المدونون لم يطلقوا الحراك السياسي في سوريا"

أما المدون الأردني محمد القاق فدخل السياسة من عالم الثقافة والفنون، التي يصر على وصفها بالبديلة في مقابل الفنون التجارية. فهو بدأ التدوين قبل ست سنوات وأطلق على مدونته كلمة "خبيزة"، وهي عشبة معروفة في بلاد الشام. كما انضم إلى موقع "حبر" الذي ينشر قصص الناس كما هي، وجل ما يفعله هو إزالة الأخطاء النحوية إن وجدت. إلا أن الربيع الثوري العربي وانتقال الاحتجاجات الشعبية إلى الأردن أخذا محمد القاق إلى عالم "النضالات اليومية والمظاهرات". ورغم أهمية مواقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك وتويتر، فإن القاق يشدد، في حواره مع دويتشه فيله، على أنها تبقى وسائل ينقل من خلالها الشباب مفاهيمهم لتطور بلدانهم وتصوراتهم للأوضاع فيها دون رقيب.
.

الصورة دويتشه فيله
المدون المصري باسم فتحي

​​وتشترك المدونة السورية مارسيل شحوارو مع زميلها الأردني محمد القاق في القول بأن دور مواقع التواصل الاجتماعي لم يمكن إطلاق الحركات الاحتجاجية وإنما حمايتها وتوثيقها. وتضيف شحوارو، في حوار مع دويتشه فيله، بأن الحراك السياسي في سوريا بدأ في الشارع، من درعا وامتد إلى مدن سورية أخرى حيث شارك فيها الناشطون فيما بعد. وتقول المدونة السورية الشابة إنه "وبسبب احتكار النظام للإعلام لعب المدونون وشباب الفيسبوك وتويتر دورا كبيرا في نقل يوميات الحركة الاحتجاجية إلى الخارج كيلا يبقى خطاب النظام متسيدا للساحة السورية". فالإعلام الجديد في سوريا "لم يصنع الحدث بل نقله، أي أنه لعب دور وسائل الإعلام. كما أنه أتاح الفرصة للشباب في سوريا كي يعبروا عن آرائهم ويطرحوا تصوراتهم لما يجري في بلادهم".



أحمد حسو
مراجعة: عبده جميل المخلافي