أوقفوا المغالين عند حدهم!

يولي العاهل السعودي ملف المرأة أهمية بالغة. والآن أصدر وزير التربية والتعليم السعودي السابق كتاباً يدعو فيه إلى المساواة بين الرجل والمرأة، وهو ما أثار نقاشاً حامياً. يوزف كرواترو يقدم قراءته لهذا الكتاب.

الصورة د.ب.ا
"المغالون من علماء الدين - الذين يجبرون النساء المسلمات ليس فقط على ارتداء الحجاب، بل على ارتداء النقاب أيضاً – لا يعبر سوى عن "موقف الأقلية"

​​

منذ أيام تم انتخاب المملكة العربية السعودية عضواً في المجلس التنفيذي لمنظمة المرأة الجديدة التابعة للأمم المتحدة. صحيح أن القرار واجه اعتراضات من جانب منظمات حقوق الإنسان الغربية، إلا أن الناس في البلد الذي بزغ منه نجم الإسلام يرون فيه اعترافاً للجهود الإصلاحية التي تمت حتى الآن فيما يتعلق بسياسات المرأة. لقد تغيرت بعض الأشياء في الرياض بالفعل، وأحد مظاهر ذلك التغيير هو الكتاب الذي نشره محمد أحمد الرشيد، وزير التربية والتعليم السابق في السعودية، حاملاً عنوان: "المرأة المسلمة بين إنصاف الدين وفهم المغالين".

الرشيد – الذي قام بتحديث نظام التعليم المتحجر في المملكة السعودية في الفترة بين 1966 و2005 – لم ينشر كتابه في السعودية، غير أن صدور الكتاب في بيروت الليبرالية نسبياً تسبب في ذيوع شهرة الكتاب في كافة ربوع العالم العربي خلال فترة قصيرة للغاية. وقد ساهم في ذلك بوضوح لافت الصحيفة السعودية الدولية "الشرق الأوسط" وكذلك الصحيفة السعودية المحلية "الوطن". لقد خصصت كلتا الصحيفتين مقالات تفصيلية لعرض الكتاب، ورحبتا بنظريات الكتاب المستفزة لإطلاق نقاش حول الموضوع الذي يثيره الرشيد منحازاً بكل وضوح إلى المساواة بين الرجل والمرأة.

إلغاء الفصل بين الجنسين في الحياة العامة؟

ويرى الرشيد أن رأي "المُغَالين" من علماء الدين - الذين يجبرون النساء المسلمات ليس فقط على ارتداء الحجاب، بل على ارتداء النقاب أيضاً – لا يعبر سوى عن "موقف الأقلية". هذا الرأي يكتسب أهمية وحساسية خاصة لأن المقصود بـ"المغالين" عدداً كبيراً من العلماء في المؤسسة الدينية السعودية، لا سيما وأنها تنطبق على التطور الراهن للدولة الوهابية، وهو تطور يُخفي مفاجآت كثيرة.

لقد أثار الملك نفسه ضجة كبيرة عندما سمح قبل عدة أشهر بالتقاط الصور له وهو جالس في وسط مجموعة من الناشطات في الحركة النسائية السعودية، ولم تكن بينهن امرأة واحدة ترتدي الحجاب. هذه الصورة التاريخية انتشرت انتشاراً هائلاً، لا سيما في العالم الإسلامي، عبر صحيفة "الشرق الأوسط"، ونُظر إليها – إلى جانب ما تلمح إليه الصورة من رفض شبه رسمي للحجاب الكامل - على أنها موافقة مبطنة من الملك بالنسبة إلى قضية يعلن الرشيد رأيه فيها بحسم ووضوح: إلغاء الفصل الذي تفرضه الدولة بين الجنسين في الحياة العامة والذي يُراقب تنفيذه مراقبة صارمة.

حق المرأة المسلمة في التعليم

الصورة د.ب.ا
يقود الملك عبد الله شخصيا إصلاح أوضاع المراة في السعودية

​​

وهكذا يطالب الوزير السابق للتربية والتعليم بالتدريس المختلط في المدارس والجامعات، بل ويحث على إعادة التفكير في عادة نفي النساء أثناء الصلاة في المساجد إلى المناطق الخلفية والجانبية – فحسب رأيه ليس هذا تعبيراً عن مساواة بين الجنسين. وعندما يدافع الرشيد بحرارة وصراحة عن حق المرأة المسلمة في التعليم، فلا بد من اعتبار ذلك جزءاً من سياسة التحديث التي اتبعها في السنوات الأولى بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول 2001 على إثر الضغط الدولى الذي تعرضت إليه السعودية، تلك السياسة التي ما زالت تتبلور ملامحها في المملكة العربية السعودية.

خلف تلك السياسة يقف الملك نفسه الذي يعتبر إصلاح السياسة التي تتبعها المملكة تجاه النساء شأناً شخصياً، ولهذا عيّن في ربيع 2009 التربوية نورا الفائز كأول سياسية في منصب نائبة الوزير، وجعلها مسؤولة عن قسم تعليم البنات في المملكة. هذه المكافحة النشطة فرضت تعيين نساء في وظائف قيادية في إدارة مدارس البنات والتي كانت حتى ذلك الحين مقصورة على الرجال وحدهم.

التربية الرياضية: الموضوع المحرم

المستشارة ميركل في لقاء مع سعوديات في جدة، الصورة د.ب.ا
ثمة مظاهر تحول في وضع المرأة السعودية وحضورها في الحياة العامة

​​

لم تكتف نورا الفائز بذلك، بل أعلنت خلال زيارتها الأخيرة لأحد معسكرات تدريب التلميذات تحضيراً لاشتراكهن في مسابقات أوليمبية مختلفة للشبيبة أنها يمكن أن تتصور أن تصبح واحدة منهن وزيرة في المستقبل، مما أثار اهتماماً كبيراً لدى وسائل الإعلام المحلية والعربية. وحسب ما أعلن، لم تُواجه نائبة الوزير بالنقد بسبب تصريحاتها، وهو ما ينطبق أيضاً على تصريحاتها الأخيرة في حضور ضيوف من الهند بأن البنات من الممكن أن يتلقين دروساً في التربية الرياضية في المملكة العربية السعودية - وهو أمر من المحرمات المطلقة - ولكن لا بد من تهيئة المجتمع لهذا الأمر أولاً، تضيف الفائز.

ولم يول القصر الملكي أي اعتبار للاحتجاجات المتفرقة التي يعلنها غلاة المحافظين بخصوص نائبة الوزيرة التي لا تلتزم بالظهور في الحياة العامة وهي مرتدية الحجاب الكامل في كل الأحوال. ولقد كشفت الصفحة الرئيسية لجريدة "الجزيرة" الصادرة في السادس عشر من نوفمبر / تشرين الثاني إلى أين تسير الأمور في الوقت الحالي، إذ تصدرتها صورة لزوجين شابين وهما يجلسان على أحد أحجار جبل عرفات المقدس وهما مستغرقان في قرآة القرآن – مع ملاحظة أن المرأة، بدون حجاب، هي التي تسمك الكتاب الكريم وتقرأ منه للرجل. وليس من قبيل المصادفة أن يؤكد التعليق على الصورة دور المرأة كوسيطة بين الأديان، فالحكومة تنوي في المستقبل زيادة عدد النساء اللاتي يشرفن على الحجيج زيادة كبيرة.

يوزف كرواتورو
ترجمة: صفية مسعود
مراجعة: هشام العدم
حقوق النشر: قنطرة 2011

قنطرة

صورة المرأة السعودية:
المرأة السعودية- عامل تغيير يحطّم النمطية الشائعة
يجري ذكر النساء السعوديات في الأخبار أسبوعياً تقريباً وخاصة فيما يتعلق بحقهن في قيادة السيارة إلى كيفية التعامل مع رجال يبيعون الثياب الداخلية المثيرة في متاجر المملكة. السعودية لولوة أسعد التي عملت في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ترى في هذا الفضول مؤشرا إيجابيا على التغير في بلادها، لاسيما حضور المرأة في الحياة العامة في المملكة.

مكانة المرأة وحقوقها في المملكة العربية السعودية
هل تود أيها الرجل أن تكون في جلد امرأة ولو ليوم واحد؟
تنتقد الكاتبة وأستاذة التربية السعودية فوزية البكر التعسف الذكوري وتعتبره نتاجاً لسنوات طويلة من التهيئة الذهنية المريضة حول رؤية الآخر، كما تحذر من العواقب السلبية للنظرة القاصرة للأنثى وتحويلها إلى نماذج سلوكية مقبولة ومُشرعة ضمن طريقة عمل المؤسسات الاجتماعية، لأن المجتمع السعودي كله يدفع اليوم ثمن تقييد حرية المرأة.

مؤتمر الثقافي الألماني السعودي في برلين:
حق الانتخاب وقيادة السيارة
قد يسمح للمرأة السعودية بقيادة السيارة قريبا. كان وضع المرأة في المملكة وفي ألمانيا أحد الموضوعات الهامة على جدول أعمال المؤتمر الثقافي الألماني السعودي في برلين، الذي أقامته وزارة الخارجية الألمانية بالتعاون مع وزارة التعليم العالي السعودية. تقرير مارتينا صبرا