هل تدفن آمال السلام؟

عارض الرئيس الفلسطيني محمود عباس إرجاء الانتخابات المزمع إجراؤها في الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني، وهدد، في الوقت نفسه، إسرائيل بعدم إجراء هذه الانتخابات إذا لم تسمح للناخبين في القدس الشرقية بالادلاء بأصواتهم. تعليق بيتر فيليب

عارض الرئيس الفلسطيني محمود عباس مطلب بعض أعضاء حركة "فتح" بإرجاء الانتخابات المزمع إجراؤها في الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني، وهدد، في الوقت نفسه، إسرائيل بعدم إجراء هذه الانتخابات إذا لم تسمح للناخبين في القدس الشرقية بالادلاء بأصواتهم. تعليق بيتر فيليب

هذه التناقضات الفلسطينية تعززت بمواقف متناقضة عن الجانب الاسرائيلي؛ فرئيس الوزاء الاسرائيلي لَمَّحَ إلى أنه يريد، بعد العملية الجراحية على القلب، أن يركز، خصوصاً، على ضم أجزاء واسعةٍ من الضفة الغربية والحصول على موافقة واشنطن على ذلك.

وبهذا، فإن شارون ينسحب، بشكل واضح، عما يسمى ب" بخارطة الطريق" التي تطالب في إطارها الامم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الامريكية، وروسيا، بالتنازل عن الاراضي المحتلة وتأسيس الدولة الفلسطينية. وكتبرير على ذلك، يتهم رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون محمود عباس بعدم التزامه بالتعهدات التي عقدها ضمن مخطط المجموعة الرباعية وبعدم التحرك، بما يكفي، ضد العنف.

وعليه، فإنه من الصعب أن يفهم المرء، في سياق هذه الخلفية، كيف يواصل شارون وعباس حديثهما عن السلام. وهذا راجع، كما يبدو، إلى أنه لا أحد منهما مستعد لتحمل مسؤولية فشل مساعي السلام المبذولة إلى حد الآن.

وعلى كل حال، فالفترة فترةُ انتخابات؛ فإسرائيل ستشهد تنظيم انتخابات في نهاية مارس/ آذار المقبل فيما ستجري في فلسطين الانتخاباتُ التشريعية، لأول مرة، بعد عشر سنوات.

وإذا كان الجانبان، الفلسطيني والاسرائيلي، مَدْعُوَين إلى إظهار استعدادها للسلام، غير أن المعطيات السياسية في عين المكان تكشف عن حقيقة أخرى إذ على الرغم من أن اسرائيل قد انسحبت من قطاع غزة إلا أنها بدأت، في الوقت نفسه، بالضغط عليها جواً ومن خارج القطاع، وليست الهجومات الجوية، والقتل المستهدف للمتشددين الفلسطينيين إلا خير مثال على أن انسحاب حكومة شارون من قطاع غزة قد تم تمييعه وإفراغه من دلالته الايجابية.

من جهة أخرى، لم ينجح الفلسطينيون من الاستفادة من هذا الانسحاب بحيث أن الادارة الفلسطينية لم تستطع أن تفرض سلطتها في القطاع بقدر ما تركتِ المجال لمتشددي حماس إضافة إلى أن فتح قد توانت عن تنفيذ الاصلاحات الضرورية وتشعر بأنها مهددة من قبل الشعبية المتنامية لحماس التي استطاعت أن تفوز على فتح حتى في معاقلها في الانتخابات المحلية بالضفة الغربية.

إن حماس تريد المشاركة، بدورها، في الانتخابات التشريعية، وتستنكر النقاش حول تأجيل هذه الانتخابات كمحاولة من فتح لتفويت الفوز على حماس.

وإذا كان هذا ليس هو السبب الرئيسي لاقتراحات التأجيل، إلا أنه يجب على جميع المعنيين أن يدركوا أنه إذا شاركت حماس في الانتخابات التشريعية، ودخلت، بالتالي، إلى البرلمان كقوة بارزة؛ فإن هذا يعني دفْن آخر ما تبقى من آمال السلام.

بقلم بيتر فيليب
ترجمة محمد أهروبا
حقوق الطبع دويتشه فيله 2006