"اختبار الميول والنزعات" يتعارض مع قانون المساواة

تعتبر ياسمين كراكش أوغلو، استاذة في جامعة بريمن، "اختبار الميول والنزعات" مخالفاً للدستور الألماني. في مقابلة مع قنطرة تنتقد كراكش أوغلو وسائل الاعلام لأنها تتبع نماذج توضيحية بسيطة فيما يتعلق بالإسلام وبالمشاكل المتعلقة بالمهاجرين.

ياسمين كاراكش أوغلو، الصورة: www.uni-bremen.de
"يجب ان نعمل على تغيير طريقة تفكير العائلات والأهل والأقارب وذلك من خلال تقديم معلومات كافية لهم وتفعيل الخطاب في مجتمع المهاجرين. "

​​

سيدةكراكش أوغلو، انت من منتقدي ما يسمى "باختبار الميول والنزعات" للحصول على الجنسية الألمانية. أليس من حق الدولة الألمانية اختبار توافق مواطنيها الجدد مع القيم الاساسية لمجتمع التعددية؟

ياسمين كراكش أوغلو: مبدئياً هذا من حقها، اذا كان سيجرى لجميع المتقدمين للحصول على الجنسية الألمانية على حد سواء دون التمييز بين الدين والعرق والجنس. برأيي ان التحديد التعسفي لماهية المسلم وفوق ذلك تعريف المسلم بأنه ذلك الذي يأتي من دولة تنتمي الى منظمة الدول الاسلامية مخالف للقانون الأساسي.

هل كنت ستقبلين الاختبار بشكله الحالي اذا كان سيُجرى للجميع؟

كراكش أوغلو: على الأقل حينها سيتوافق مع قانون المساواة الأساسي. سؤال آخر وهو ان كان مفيدا أو لائقا بنظام ديمقراطي مثل نظامنا أصلا اختبار الناس باستمارة أسئلة مثل هذه تتضمن أسئلة غريبة. أليس من المفروض ان نكتفي بجعلهم يؤدون اليمين بأنهم سيحافظون على دستورنا ويخلصون له؟ وعندما يخالفون دستورنا فسوف ينالون العقاب المناسب، كما هو الحال مع أي ألماني.

واذا تم تغيير أسئلة الاختبار؟

كراكش أوغلو: لا أعتقد ان هذا النوع من الامتحانات هو الأنسب لمعالجة الأمور. أعتقد أيضاً انه ليس هذا هو التعامل المناسب مع الخوف من تصرفات غير ديمقراطية. علينا في مجتمعنا ان تكون لدينا الثقة بأن الناس سيتصرفون بشكل ديمقراطي ويلتزمون بالقانون الأساسي. لدينا أساليب قضائية يمكننا اللجوء اليها في حال مخالفة القوانين.

اذا اردنا حماية انفسنا من خلال اختبارات الميول والنزعات، فهذه التجربة فشلت مراراً في استبعاد المثقفين والمتطرفين اليساريين من الحياة العامة. كانت كل المحاولات في الدخول الى عقول الناس وتحديد ميولهم وقناعاتهم تتعارض مع القناعة الديمقراطية .

يبدو ان هناك فعلاً مشكلة مع المسلمين، فوسائل الاعلام ما انفكت تناقش ظاهرة جرائم الشرف والزواج القسري، ألا يجب ان يتم وضع المسلمين تحت المجهر بشكل اكبر؟

كراكش أوغلو: أريد أولاً ان أوضح نقطة معينة وهي ان جرائم الشرف ليست ظاهرة اسلامية. فاذا نظرنا الى الحالات الفردية التي حصلت ونظرنا الى الواقع فسنرى ان هناك جرائم شرف ارتكبتها اقلية غير مسلمة من انطاليا. أريد ان أؤكد أيضاً انني لست من النوع الذي ينكر الحقائق ويتعامى عن الواقع.

أية أقلية؟

كراكش أوغلو: على سبيل المثال الأكراد اليزيديون، ومن هنا لا نستطيع ارجاع هذه العمليات الى الاسلام، بل هي أقلية الأقلية. ولا يجوز وسم هذه الأقلية أيضا بالقول انهم اذن ليسوا المسلمين الاتراك الذين يقومون بهذا العمل، بل هم الأكراد اليزيديون.

من الواضح ان ضمن هذه الاقلية ثمة اقلية حملت معها معايير ثقافية قديمة الى المانيا وتريد ايضا الالتزام بها. الرأي العام يربط هذه العادات بالاسلام كدين، وهذا خطأ.

هل هذا انتقاد لوسائل الاعلام؟

كراكش أوغلو: نعم، حتماً انتقد وسائل الاعلام التي تتبع بكل بساطة نماذج توضيحية بسيطة والتي تبحث عن مثل هذه النماذح وتقتنع وترضى عندما تلوح لها جملة مثل "هذا يرجع الى ثقافة الاسلام القديمة" وينشرون ذلك أيضاً. هنا يسأل المرء نفسه: هل هذه حالات تتعلق فقط بالمسلمين؟

أما فيما يتعلق بالزواج القسري فأنا أفرق بين الزيجات المنسقة من قبل الأهل وبين الزواج القسري. اود بهذا أن أقول انه من حق المرء أيضاً عن طريق التنسيق المسبق بمشاركة شخص ثالث، بالدرجة الأولى الأقارب والأهل أو حتى أشخاص آخرين، ابرام الزواج والموافقة عليه. هذا لا اسميه مسبقاً بالزواج القسري. هذا التمييز مهم بالنسبة لي وللأسف فان الرأي العام غير مدرك له لأنه مقتنع بتعريف واحد لا غير.

وما يثير حفيظتي ان هذا يُسمى اجبارا. عندما يعرض على شابة عدة شبان ويفرض عليها الاختيار منهم فهذا وضع اجتماعي لا يُطاق على المرء محاربته بكل الوسائل القانونية.

برأيي يجب ان نعمل على تغيير طريقة تفكير العائلات والأهل والأقارب وذلك من خلال تقديم معلومات كافية لهم وتفعيل الخطاب في مجتمع المهاجرين. ما عليهم معرفته هو ان طريقة الزواج هذه لا تتوافق مع واقع حياة وتطلعات الفتيات في ألمانيا.

أجريت دراسة بهذا الصدد؟

كراكش أوغلو: نعم، سألنا 950 فتاة من أصول مهاجرة مختلفة. 213 منهن تركيات. توافق 213 فتاة منهن تحت ظروف معينة على الزواج المنسق مسبقاً. كان السؤال: "هل توافقين على البحث مع أهلك عن شريك لحياتك؟". ربعهن فقط سيوافق فقط اذا اضطرتهن الظروف والباقيات لا يفضلن هذه الطريقة. على الأهل ومجتمع المهاجرين تقبل هذا الواقع.

من جهة أخرى تُنشر الآن كتب لكاتبات تركيات تم تزويجهن قسراً يروين قصصهن، هذه الكتب تلقى رواجاً واستحساناً لدى وسائل الاعلام. أما دراستك فلم تلق ذلك الاستحسان، كيف تفسرين ذلك؟

كراكش أوغلو: لا نستطيع قول ذلك، فان الدراسة التي أجرتها السيدة أورزولا بووس- نونينغ بالإشتراك معي لاقت صدى كبيراً عندما قدمناها للصحافة العام المنصرم. كُتبت عنها تقارير كثيرة، ان لم يكن جد كثيرة، تماماً كما هو الحال مع السير الذاتية لسيدات تم تزويجهن قسراً أو مع كتب جرائم الشرف.

هذا يعني ان نتائج هذه الدراسة أُخذت بعين الاعتبار وكُتب عنها ولكنها للأسف وضعت جانباً. والآن تنشر هذه السير الذاتية في السوق وللأسف لا يخطر ببال أحد أن يطلع على ما أُجري من دراسات تساعدنا على التقييم الى أي مدى تتفق هذه فعلاً مع الحياة الواقعية لقسم كبير أو لأقلية من الناس. طبعاً من الضروري ان تكتب وتتحدث وسائل الاعلام عن هذه الوقائع وعلى الصحافة الا تتكتم على مثل تلك الاحداث. ولكني أطالب وسائل الاعلام بعدم الاكتفاء بنماذج ايضاحية بسيطة.

ولكن ماذا تقولين عن ظاهرة الكتب الكثيرة هذه التي تُنشر في السوق وتُقرأ؟

كراكش أوغلو: انها نظرة المجتمع الاوروبي للغريب. هذا كله بدأ بكتاب ايان هيرسي على، "أنا أشكو" وبعدها أتى "العروس الغريبة" (لنجلاء كيليك) وكلاهما فتحا جدلاً ونقاشاً. وبخضم هذه التوجهات وجد الكثير فرصته ليُقرأ. بالطبع انها مسألة الحصول على مركز مرموق ومنافع اقتصادية تجنى من ورائها.

اكتشفوا نقصاً في السوق وهم يخدمون بهذه الكتب صورة قديمة جداً عن الشرق الغريب الذي بعاداته القديمة وأساليب عيشه غير المعتادة لنا يشبع حاجتنا الى الخوف أحياناً.

أجرت الحوار لاريسا بندر
ترجمة منال عبد الحفيظ شريده
حقوق الطبع قنطرة 2006

ياسمين كراكش أوغلو هي أول أستاذة لــ "التكوين المتعدد الثقافات" في قسم التربية والتعليم التابع لجامعة بريمن. وقد أجرت بمشاركة أورزولا بووس- تونينغ دراسة عن حياة الفتيات والسيدات الشابات من عائلات مهاجرة. صدرت هذه الدراسة عن دار نشر واكسمان بعنون "عوالم متعددة تعيش".

قنطرة

إجراءات منح الجنسية الألمانية
يلقي "الاختبار" المقرر تطبيقه من قبل ولاية بادن- فورتمبيرغ أضواء ساطعة على المخاوف والأحكام المسبقة المهيمنة حاليا على النظرة السائدة عن المسلمين والتي تتجاهل واقع حياة المهاجرين في المجتمع. هذا ما تراه أولغير بولات، الباحثة في شؤون الهجرة.