تمارين سرية وخوف من المتطرفين

في كابول تم افتتاح اول مركز نسائي للتمارين الجسمانية والرشاقة. إلا ان صاحبة النادي تحافظ على سرية المكان خوفا من إثارة غضب فئات متمسكة بالعرف والتقاليد حتى بعد ثلاث سنوات من سقوط نظام حركة طالبان. تقرير علي مطر

نساء في إحدى شوارع كابول، الصورة: أ ب
الكثير من النساء يرغبن في الحفاظ على رشاقة وجمال مظهرهن.

​​

حياة المرأة الافغانية تختلف كثيرا عن ما تعرفه اخواتها من بنات حواء في بلدان الجوار، فهن يعشن في عزلة شديدة لا يؤثر فيها تقلب الانظمة والحكومات أو الزعماء، وذلك بسبب التقاليد والعرف المتبع والذي يحرص الجميع على احترامه بكل ايجابياته وسلبياته.

ولا يخاطر كثيرون من الساسة بالمطالبة العلنية او المباشرة بتغييره بل يلجئون لسبل المواربة وللتلميح والاشارة في دعوتهم لتغيير نمط عيش المراة الافغانية.

وفي افغانستان، حصلت النساء مؤخرا على اول مركز للتمارين الجسمانية والرشاقة في تاريخ ذلك البلد؛ الا انهن اضطررن للابقاء على سرية مكانه احتراما للعرف والتقاليد وخشية من ردود الفعل التي قد تأتي من عامة الشعب.

حيث لا تزال هناك مخاوف كبيرة من معارضة التقاليد والعرف الموروثة حتى بعد ثلاث سنوات من سقوط نظام حركة طالبان. فمن خارج المبنى لا يوجد ما يوحي بأنه مخصص للالعاب الرياضية النسوية. ولا يبدو ما يفيد بوجود "جيم" للنساء – كما يسمى - من وراء ألواح الزجاج التي تغطي ابواب المكان.

وما هو مكتوب على اللوحة الخارجية لا ينم عن شيء سوى انه صالون حلاقة للسيدات. اما في الداخل فإن هناك اشياء اخرى بالاضافة الى وجود مكائن صالون حديثة للشعر وللزينة والعناية بالاظافر؛ فهناك المعدات التي تستخدم عادة في تزيين العرائس ورفيقاتهن؛ ولكن هناك ايضا مرفق لنادي رشاقة للافغانيات من مختلف الاعمار وللمتزوجات وغيرهن من العازبات لكي يحافظن على شكل اجسامهن.

موسيقى غربية

واصبح من المألوف في هذا النادي رؤية النساء اللاتي يتسمن بأنهن ممتلئات الجسم وهن يدفعن بأجسامهن جيئة وذهابا على ادوات الرياضة وتخسيس الوزن وفي الخلفية تنساب موسيقى غربية هادئة لتشنيف الاذان وتهدئة الاعصاب.

وهناك 13 اداة رياضية للاختيار منها في النادي الذي تبلغ مساحته 20 مترا مربعا؛ وتتراوح هذه المعدات ما بين الدرجات الثابتة واجهزة الجري وادوات رياضة تخسيس الافخاذ والبطن؛ بل والاثقال.

الرياضة في هيرات

لقد اصبح بوسع الفتاة الافغانية بعد سقوط نظام طالبان ان تنعم بفرص كبيرة تسمح لها بالانخراط في انواع الرياضة المختلفة. حيث انه قد تم افتتاح 62 نادي رياضي منذ منتصف عام 2003م في معظم المدن والولايات الافغانية؛ منها 11 في اقاليم بلخ وهيرات وقندهار وكوندوز وباغلان وباروان والباقي في العاصمة كابول.

الرشاقة من الضروريات

ولكن هذه النوادي الرياضية الرسمية او شبه الرسمية لا تتضمن سوى الالعاب الاعتيادية كالكراتيه والجودو والتنس وكرة الطائرة ولا ترتادها سوى الفتيات اللاتي يرغبن في الانضمام للفرق الرياضية.

اما الآن، وفي نادي الرشاقة الوحيد من نوعه في افغانستان، فإن النساء المتزوجات اللاتي لا توجد لديهن رغبة او طموح للانضمام للنوادي الرياضية، فانهن يجدن الفرصة المواتية للقيام ببعض الانشطة الرياضية لاسباب صحية اوجمالية.

وعلى الرغم من ان العاصمة كابل هي المكان الاكثر حداثة وتقدما بافغانستان؛ الا ان "نعمة صوراتنجر" البالغة من العمر 20 عاما وصاحبة نادي الرشاقة تعتقد بان هذا النادي لا يزال غريبا على المجتمع الافغاني ويجب التعاطي معه بحذر شديد ذلك ان المجتمع لا يزال غير قادر على تقبل مثل هذا التغيير الملفت للانظار.

وهذا هو السبب الذي جعلها تحافظ على سرية الموقع وانشطته. بالاضافة الى انها تستطيع توفير الكثير من الاموال لانها لم تضطر لفتح مكان مستقل لنادي الرشاقة، حيث انها استأجرت المكان من القائمين على ادارة صالون العرائس وتقاسمت الاجرة الشهرية معهم – 800 دولار يدفعها كل منهم عن مكانه.

وهي اجرة جد مرتفعة في بلد فقير مثل افغانستان، فقبل الاحتلال الامريكي لهذا البلد كان الاجانب من الغربيين يستطيعون استئجار سكن كبير وملحق به بركة للسباحة بمبلغ 200 دولار شهريا تقريبا، الا ان الايجارات الان لا تقل عن 3000 دولار لسكن كهذا وهو الامر الذي يعيق عودة اللاجئين الافغان من باكستان.

استثمار في الرشاقة

لقد قامت نعمة التي تعمل مدربة رياضية باستثمار مبلغ 1500 دولار في شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي من مالها الخاص ومال عائلتها لإقامة نادي الرشاقة المخصص بالكامل للنساء فقط. وهي تقول إن زوجها لم يدخر وسعا في دعمها ومساعدتها في تنفيذ هذه الفكرة التي أصبحت حقيقة واقعة.

وتقول كذلك ان معظم زبائنها من النساء المتزوجات اللاتي انجبن واللاتي يرغبن في الحفاظ على رشاقة وجمال مظهرهن. كما ان هناك نساء اخريات غير متزوجات وممن يرغبن في الالتحاق ببعض الاندية الرياضية ولكن يرغبن اولا في تحسين مستوى لياقتهن.

اجرة زهيدة

وهي تحصل على مبلغ 50 دولار شهريا من الزبونة؛ أي ما يعادل 2500 أفغاني - الأفغاني هي العملة الأفغانية - . وفي بعض الأوقات تضطر للقبول بأقل من هذا المبلغ من النساء غير القادرات على دفعه.

ولهذا فإنها لا تكون قادرة في معظم الأحوال على تغطية مصاريفها الشهرية وقد تتعرض للخسارة. ولكن لديها الآن 15 زبونة ملتزمة وهن على استعداد لتوسيع نطاق رياضتهن متى تمكنت نعمة من زيادة عدد معداتها.

ناد بدون اسم

وتؤكد شكيلة – 35 عاما والتي تعمل في هيئة غير حكومية - على ان صاحبة النادي لا تجرؤ على تسمية ناديها بإسم نادي رشاقة للسيدات حرصا منها على عدم وقوع ردود فعل سلبية.

فقد يقوم بعضهم بتفجير النادي اذا علموا بوجوده خصوصا وان كثيرين في افغانستان لا يحبذون ذهاب النساء أو الفتيات الى المدارس فكيف لهم ان يقبلوا بذهابهن الى نادِ للرشاقة. وتقول شكيلة ان وزنها في الثمانينات ظل ثابتا على لأنها كانت تلعب رياضة كرة الطائرة وكرة السلة.

اما الآن فإن وزنها زاد ورشاقتها قلت لعدم وجود أماكن للرياضة مثل هذا النادي الذي سيعمل على تغيير مجرى حياتها وحياة كثيرات من نساء الافغان إذا ظل بعيدا عن أعين المتطرفين.

وتقول كذلك ان وزنها بلغ 84 كيلوغراما بعد تسلم المجاهدين للحكم في كابل في عام 1992م وذلك لأنها تزوجت ولم يكن أمامها من عمل تقوم به سوى الأكل والنوم والإنجاب. ومنذ ان انضمت للنادي السري في ديسمبر/كانون الأول؛ فانها تمكنت من التخلص من 10 كيلوغرامات وتخلصت كذلك من الآلام والأوجاع التي كانت تشتكي منها بسبب انعدام الرياضة.

بقلم علي مطر
حقوق الطبع قنطرة 2005

قنطرة
إذاعة "صوت المرأة الأفغانية"
ما أن سقط نظام الطالبان في أفغانستان حتى إستطاعت المرأة الأفغانية المشاركة في الحياة الإجتماعية من جديد. حيث أُنشئت محطة إذاعية تُعنى بالنساء منذ أمد قريب. راتبيل شامل كتبت عن ذلك.

وضع المرأة الأفغانية بعد إعلان الدستور الجديد
في بحر التطورات السياسية في أفغانستان والمصادقة على الدستور الجديد للبلاد الذي ينص على صون حقوق المرأة، توجهت عدسات الصحفيين من كل مكان لرصد ردود الفعل لدى العامة على ذلك. تقرير منى صالح