تعبئة إسلاموية على إيقاعات أغاني الراب

يحاول الإسلامويون في بريطانيا مرارًا وتكرارًا كسب الشباب والناشئين وتعبئتهم من خلال كليبات موسيقى الهيب هوب التي يدعون فيها إلى ما يسمونه "الحرب المقدسة". السلطات البريطانية تخشى من قدرة هذه المجموعات على الوصول إلى الشباب المسلم الذي يعيش على هامش المجتمع البريطاني أسيرا لأفكاره ومحيطه الانعزالي. ماتياس بيكر يستعرض جوانب هذه المسألة.

الإسلام والانترنت
أضحت إيقاعات الموسيقى الغربية من وسائل استقطاب الشباب المسلم إلى الحركات الإرهابية

​​ مثل في بريطانيا أمام المحكمة في شهر تشرين الأول/أكتوبر شابان بسبب التخطيط لتنفيذ اعتداءات إرهابية. وقبل ذلك بشهر حوكم ثلاثة شباب من لندن لأنَّهم خطَّطوا لتنفيذ اعتداءات بالقنابل. وجميع هذه الحوادث تشترك في كون الجناة يعملون من قناعات إسلاموية، كما أنَّ جميعهم شباب في مقتبل العمر. ولكن، هل يعتبر التعصّب الديني ظاهرة شبابية؟ نعم، هذه ليست مبالغة؛ إذ يتم تزويد أفلام هؤلاء الشباب ذوي الأفكار المتطرفة بمقطوعات خفيفة من موسيقى الريغا، كما أنَّ المتعصِّبين الدينيين يقدِّمون أنفسهم في سلوكيّات وحركات الهيب هوب الخاصة بالأشقياء وأفراد العصابات. وتظهر صورة جديرة بالملاحظة في الفيديو كليب الذي يحمل عنوان "كفَّار وسخون" Dirty Kuffar؛ حيث يرقص في هذا الفيلم رجل على إيقاعات موسيقى الريغا - بمزيج من موسيقى Dancehall والريغا - ويغني وهو ملثَّم بكوفية ويوجِّه مسدسًا إلى وجه المشاهد.

وتتم في نص موسيقى الراب هذا الدعوة إلى الجهاد. وكذلك تشاهد في خلفيات هذا الفيديو كليب صور من حرب من الشرق الأوسط وصور انهيار مركز التجارة العالمي الذي ينهار في الفيديو كليب مع ضحك المغني الساخر. وعندما ظهر فيلم "كفَّار وسخون" قبل أربعة أعوام على موقع على الإنترنت خاص بداعية متطرِّف، تلته موجة من موسيقى الراب الإسلاموية. ويتم توجيه هذه الفيديو كليبات بصورة خاصة إلى الشباب الذين يوجد لديهم شعور شديد بالظلم وعدم العدالة. ويقول يوخن مولَر ، الباحث والخبير في العلوم الإسلامية: "يشكِّل هؤلاء الشباب الناشئون حركة احتجاج. ويدَّعون لأنفسهم الحق التاريخي في مقاومة الأعداء وحتى بشكل عسكري".

أفلام الهيب هوب الموسيقية وسيلة استفزازية

ويوخن مولَر يعرف الدعاية التي أصبحت في هذه الأثناء تظهر أيضًا بصورة موسيقى البوب، كما أنَّه يؤكِّد على أنَّ القناعات الأصولية لا تكمن دائمًا على سبيل المثال خلف مقارنة أحد موسيقيي الراب لنفسه بأسامة بن لادن. فكثيرًا ما يتعلَّق الأمر باستفزاز وبعوامل ترويع. ولكن في بعض الأحيان توجد أسباب أخرى خلف ذلك.

تفجيرات لندن
صنع في بريطانيا- إرهاب جديد ولد في أحضان المجتمع البريطاني

​​ ففي بريطانيا حيث تم إنجاز فيلم "كفَّار وسخون" ازداد تأثير الإسلامويين بين الشباب الناشئين. وهذا التطوّر يثير قلق رجال الشرطة والحكومة، فهم يعتقدون أنَّ خطر الاعتداءات الإرهابية يزيد أيضًا من خلال ذلك. وفي شهر أيلول/سبتمبر تمت محاكمة ثلاثة شباب من لندن لأنَّهم خطَّطوا للقيام باعتداءات بالقنابل. وقد قاموا قبل ذلك بتسجيل واحد مما يسمى بـ"أفلام الشهداء" - أي الأفلام التي يعترف فيها الإرهابيون باعتداءاتهم.

ويرد في واحد من هذه الأفلام: "ستكون هناك موجة من العمليات الاستشهادية. وستُضرب بلادكم بالقنابل. وفي هذا العالم ينتظركم عذاب يومي وعذاب كبير في الآخرة! وأمنيتي الوحيدة أن أعود إلى الحياة وأفعل الشيء نفسه مرّة أخرى. وثم أعود مرّة أخرى ومرّة أخرى إلى أن يهتدي الناس أخيرًا إلى رشدهم ويفهمون أنَّه من الأفضل للمرء أن لا يتعارك مع المسلمين".

"الفتية المسلمون" وسلوكيّات وحركات الهيب هوب

الانترنت  مسرح للتواصل بين الإرهابيين،
الإرهاب القاعدي استطاع توظيف الانترنت في عمليات التجنيد ونشر الدعاية

​​ ولا تتعلَّق طريقة وأسلوب تصرّف هؤلاء الشباب الناشئين في مشاهد تلتقط أمام عدسة الكاميرا بالعادات الإسلامية - بل تتعلّق على العكس من ذلك بسلوكيات وحركات الهيب هوب وبمظهر الغيتو في داخل المدن. ففي حقيقة الأمر توجد في لندن تقاطعات غريبة من نوعها؛ حيث توجد في جنوب مدينة لندن عصابة شوارع تطلق على نفسها اسم "الفتية المسلمون"، كما أنَّ المرشدين الاجتماعيين يتحدَّثون عن أنَّ هؤلاء الشباب الذين كانوا يتاجرون قبل فترة غير بعيدة بالمخدِّرات وكانوا يعيشون بأسلوب حياة "الأشقياء وأفراد العصابات"، صاروا يذهبون إلى أفغانستان بغية القتال إلى جانب الطالبان.

ويصف نايل غيرارد، نائب برلماني عن منطقة وولذامستو، الإجراءات المضادة التي تُتَّخذ في منطقته قائلاً: "تحاول لدينا منظمة تتكوَّن من نشطاء مسلمين العمل ضدّ التطرّف المنتشر بين الشباب. وتتَّجه هذه المنظمة بصورة خاصة إلى الذين يقعون في صعوبات مع الشرطة، على سبيل المثال بسبب التجارة بالمخدِّرات". إذ يحاول الإسلامويون كسب هؤلاء الشباب بالذات. وقد حصلت مشكلات خطيرة في السجون، وذلك "لأنَّ بعض الأشخاص الذين كانوا مسجونين بسبب جرائم غير سياسية على الإطلاق اتَّصلوا هناك بمتطرِّفين"، حسب قول نايل غيرارد.

أخطار الغيتوهات

والإسلام السياسي يقدِّم نفسه مباشرة للشباب الناشئين المعزولين لعدّة أسباب: فهو يرفض المجتمعات الغربية رفضًا تامًا وبشكل عسكري، كما أنَّه يقدِّم توجّهًا واضحًا ويعد بالتظافر والحياة الجماعية. فهل تندمج ثقافة الغيتو والإسلام السياسي مع بعضهما بعضا؟ ويحذِّر الباحث والخبير في العلوم الإسلامية، يوخن مولَر من المبالغة في هذا الخطر. "أنا أميل كثيرًا إلى وصف ذلك بأنَّ بعض من أبناء ثقافة الشارع التي يكثر وصفها بصفة الغيتو يستخدمون الإسلام كمظهر. غير أنَّ القليلين يمرّون إذن بهذا التطوّر العسكري"، حسب قول الباحث يوخن مولَر: "ولكن الشيء الأساسي هو أنَّ موضوع الإسلام السياسي وبكلِّ تياراته يتعلَّق بحركة احتجاج".

ماتياس بيكر
ترجمة: رائد الباش
دويتشه فيله 2008

قنطرة

استراتيجية تنظيم القاعدة الإعلامية على الإنترنت:
منبر للدعاية وحلقة للتواصل
على الرغم من الأيدلوجية المتطرفة التي ينتهجها تنظيم القاعدة والتي تقوم على التكفير والإرهاب والقتل، إلا أن التنظيم أحسن استخدام الانترنت في توظيفها للتواصل بين عناصره وتوجيه الإرشادات وجعل منها ساحة للتنظير لأفكاره المتطرفة. تقرير من ألفريد هاكنسبيرغر.

اليسار الغربي والجهاد الإسلامي:
من العداء المطلق الى التحالف الوهمي
إزداد في الفترات الأخيرة عقد التحالفات ما بين الإسلامويين واليسار الغربي، إستنادا على رفضهما المشترك للرأسمالية والإمبريالية الغربية. مقال بقلم فريد هاليدي.

كتاب "أسرة ابن لادن - عائلة عربية في القرن الأمريكي":
سيرة "أمير إرهابي" ومسيرة عائلة إشكالية
يصف الكاتب الصحفي ستيف كول في كتابه الغني بالتفاصيل والجزئيات والذي صدر بعنوان "أسرة ابن لادن" مسيرة هذه الأسرة التي تطورت من عائلة فقيرة تنحدر من منطقة حضرموت اليمنية إلى واحدة من أقوى الأسر في المملكة العربية السعودية وأغناها. سيباستيان زونس في قراءة نقدية لهذا الكتاب.