هبوط اضطراري للاعلام الحكومي

تباينت التغطية الإعلامية بين الصحف الحكومية والخاصة لأحداث الثورة المصرية. وفيما بدت الصحف المستقلة وقد كسبت ميدانا جديدا بين الجماهير، اضطرت الصحف المملوكة للدولة إلى تغيير نهجها تماشيا مع تنازلات الحكومة.التقرير لأميرة محمد.

حقوق الصورة: د ب أ
ثورة غيرت وجه مصر

​​ لم تقتصر نتائج الثورة المصرية المتواصلة في يومها السابع عشر على تحقيق مكتسبات سياسية متتالية، وإنما حققت طفرة نوعية على مستوى التغطية الإعلامية الخاصة والحكومية، لاسيما وأن الأخيرة باتت في أعدادها الأخيرة مجبرة على التعاطي بإيجابية مع جملة من الخطوط الحمراء، على رأسها مطالب الجماهير الثائرة المطالبة بإسقاط الرئيس حسني مبارك.

واللافت أن هذه الصحف الحكومية نفسها أثارت استياء الرأي العام بتغطيتها لأحداث الثورة في أيامها الأولى وحتى وقت قريب، قبل أن "تتجرد من جلدها فجأة"، كما قال الدكتور عماد جاد، الكاتب والصحفي بجريدة "الأهرام"، أبرز الصحف الحكومية في مصر.

وقال عماد جاد في حديث لـ "دويتشه فيله" إن الصحف القومية غيرت مواقفها بصفة جذرية ، فبعدما كانت هذه الصحف المقربة من السلطة الحاكمة تصف المتظاهرين بـ "شرذمة ضالة تحركها أجندات أجنبية مدفوعة من أمريكا وإيران وإسرائيل وحزب الله وحماس.. إلى غيره"، تحول المتظاهرون الآن على صفحات الجرائد الحكومية إلى "ثوار نبلاء".

وانتقد عماد جاد من جريدة "الأهرام" الصحف الحكومية قائلا إنها : "قفزت مرة واحدة وليس بشكل تدريجي وحاولوا تغيير جلودهم، بدليل أن الأهرام أصدرت ملحقا باسم ثوار التحرير". لكنه أضاف "أعتقد أن الشعب المصري أكثر وعيا، ويعلم أن وسائل الإعلام الحكومية فقدت مصداقيتها تماما كما فقدها الرئيس ومحيطه. هذه بداية لمطالبات واسعة النطاق شملت مطالب بالإطاحة بنقيب الصحفيين".

"الصحف الحكومية غيرت جلدها وفقدت مصادقيتها"

من جانبه، وصف الناشر الصحفي هشام قاسم التغير النوعي الحادث في تغطية وسائل الإعلام الحكومية بأنه "هبوط اضطراري". وأردف قائلا ان "هذا ليس تغيرا إيجابيا لأن التغير الإيجابي يتحقق عندما تكون هناك عزيمة على إصلاح المحتوى التحريري للصحف، لكن ما حدث هنا أنهم هبطوا اضطراريا نزولا عند ما تصبو اليه الاحتجاجات والانتقادات الشعبية ". وأكد أن "هذه المؤسسات لم تعد مؤهلة للقيام بأي دور إعلامي".

بائع جرائد مصري. الصورة: أ ب
هناك صحف كسبت أرضية جديدة وأخرى فقدت مصداقيتها

​​ وفي الوقت الذي اعتبر فيه قاسم أن الصحف الخاصة تأرجح أداؤها من يوم لآخر خلال الثورة، اعتبر جاد في المقابل أن تغطية الكثير منها كان موضوعيا، بل وأنها تفوقت على نفسها وكانت أفضل معبر عن نبض الشارع، فكسبت أرضية جديدة، وباتت توزع بين الثوار ، مشيرا إلى أنها كانت أول من سمى الضحايا ب"الشهداء".

وانتقد عماد جاد تغطية صحيفة الأهرام، وقال إن رئيس تحريرها أسامة سرايا "خرج على الفضائيات وكتب في افتتاحياته طوال الأيام الماضية يصف المتظاهرين فيها بأنهم "قلة مندسة وأن لديهم أجندات أجنبية ويعملون لمصلحة هدم النظام ولديهم مخططات يعملون بموجبها". وأكد جاد أن هجوم سرايا على المتظاهرين استمر إلى أن انقلب فجأة ووصفهم بـ "الثوار النبلاء".

في المقابل، نفى أسامة سرايا الاتهامات وأكد أنه لم يصف الثوار بـ "المندسين"، موضحا : "قلت إن ما يحدث هو جزء من الإصلاحات السياسية في مصر عبر السنوات الماضية". لكنه عاد وقال "الأهرام كانت تتحدث عن المندسين الذين تسببوا في العنف وعمن حاولوا حرق المتحف المصري وأقسام الشرطة وحاولوا تهريب المساجين".

رئيس تحرير الأهرام: الصحف الحكومية تحظى بمصداقية أكبر

نقيب الصحفيين المصريين. الصورة: أ ب
مطالب بالإطاحة بنقيب الصحفيين

​​ وأعرب رئيس تحرير الأهرام أسامة سرايا عن قناعته بأن "مساحة الحرية في الصحف الحكومية كانت موجودة وتتزايد. ومع تزايد الأحداث كان من الضروري أن تتسم بالمهنية وتغطي كل ما يحدث في مصر". وأشار إلى أن الأهرام تعاطت مع المتغيرات الطارئة وأصدرت ملحقا يوميا مع جريدة الأهرام، وتبنت فكرة الثورة الشبابية، على حد قوله.

واذا اعترف أسامة سرايا بأن الصحف الخاصة تلعب دورها بكفاءة وجذارة، فقد اعتبر أن "الصحف الحكومية مازالت هي التي تحظى بالتوزيع والإعلانات والمصداقية الأكبر.. لأنها تغطي كل التيارات داخل المجتمع سواء كانت احتجاجات جماهيرية أو رد فعل الدولة". وختم "الصحف القومية أشمل في تغطيتها وأكثر مهنية".

وفي وقت كانت فيه نقابة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الحكومية تعج باحتجاجات الصحفيين بسبب السياسات التحريرية لمؤسساتهم، نفى سرايا حدوث أي احتجاجات، وقال "في الأهرام كانت هناك بعض المظاهرات ضد العمالة المؤقتة. انتهزوا الفرصة واحتجوا ليتم تثبيتهم في العمل". كما نفى رئيس التحرير تعرض العاملين داخل مؤسسة الأهرام لأي ضغوط أو تعليمات من رؤسائهم لضمان انحياز التغطية لصالح الحكومة.

أميرة محمد
مراجعة: عماد غانم
حقوق النشر: دويتشه فيله 2011

Qantara.de

المثقفون المصريون والانتفاضة الشبابية المصرية:
" ما يحدث في مصر أكبر من حلم المثقفين"
كان صوت الكتاب والفنانون المصريون خافتاً في أيام الغضب التي تشهدها مصر– فهل يعني هذا أنهم بعيدون عن أحداث هذه الثورة الشعبية؟ سمير جريس استطلع رأي عدد من الكتاب والفنانين، ومنهم إبراهيم أصلان ومحمد عبلة وجرجس شكري.

شباب الفايس بوك في مصر
وائل غنيم رمز "ثورة جيل الفيسبوك"
الناشط المصري وائل غنيم اختفى في اليوم الأول من حركة المظاهرات التي تشهدها مصر منذ ما يعرف بـ"يوم الغضب". وأفرج عنه منذ بضعة أيام ليصبح بعد ذلك رمزاً من رموز "ثورة جيل الفيسبوك .هبة الله اسماعيل تسلط الضوء على هذا الناشط المصري".

قراءة في ثورة الشباب المصري:
فجر جديد بقيادة الشباب في الشرق الأوسط؟
ترى الكاتبة والمدونة اللبنانية فرح عبد الساتر أن الشباب العربي أصبح اليوم ليس مسلّحاً فقط بهاتف البلاك بيري النقال والآي فون والمدوّنات والفيسبوك، وإنما كذلك بالقناعة بأن التغيير أصبح ضرورة حتمية في المنطقة العربية في مؤشر على بداية صحوة شاملة