التجارة بالآثار مربحة

أثار النهب المنظم للأعمال الفنية في العراق الذعر لدى علماء الآثار في جميع أنحاء العالم. فأعلنوا الحرب الآن على التجارة غير المشروعة بالأعمال الفنية، وذلك من خلال " قرار برلين لعام 2003 " الذي اتفق عليه حوالي 260 من علماء الآثار ومديري المتاحف وممثلي مسؤولي الآثارفي مؤتمرهم الدولي في برلين.

التجارة بالآثار مربحة

الوقت ضيق. والممارسات اليومية الإجرامية في التجارة بالأعمال الفنية الأثرية تتخذ أبعادا مأساوية. ففي العراق على سبيل المثال يجري النهب منذ 1991 على نطاق واسع، دون أن يلقى اهتماما كبيرا من قبل الرأي العام. كثيرا ما ينقب علماء الآثار في أفريقيا وأمريكا الجنوبية وفي الشرق الأدنى وفي آسيا الوسطى في ظروف عمل خطرة على الحياة فيكون عليهم أن يدافعوا عن أنفسهم ضد العصابات المسلحة التي تريد تحويل الكنوز الفنية إلى نقود.

ولكن النهب وبيع ما يمكن بيعه بأسعار منخفضة يحدث في البلدان الأوروبية، أو ما يسمى "بالبلدان المتحضرة" أيضا. مجموعات كاملة من الباحثين عن الكنوز كما يسمون أنفسهم يسرقون دون رادع وبكميات كبيرة ما يوجد في الأرض والماء ليبيعوه محققين الأرباح. أما الأضرار فلا تلحق بالعلماء وحدهم وإنما بجميع الذين يهتمون بالماضي والثقافات الأخرى. فقد يبقى تمثال كتب عليه "المصدر غير معروف" شاهدا جميلا ولكنه شاهد أخرس. ولم يمض وقت طويل جدا منذ أن كان بعض المتاحف أيضا شريكا في السرقة والنهب، بشرائه قطعا أثرية دون أن يسأل عن مصدرها.

مبادرة لإنهاء التجارة غير المشروعة

لقد جرى في برلين (23/24 أيارمايو) البحث عن استراتيجيات لوضع نهاية للنقل غير الشرعي للآثار. مغامرة صعبة ومعقدة وطويلة. فتجارة الآثار تحتل بالنسبة لحجمها المرتبة الثالثة في الجريمة المنظمة في العالم، بعد تجارة الأسلحة وتجارة المخدرات، وقبل تجارة البغاء الدولية. وإذن فما العمل؟ يقول فولف ديتر هايلماير مدير المجموعة الأثرية للمتاحف الحكومية في برلين: "جزء مهم من قرارنا هو أن نطلب "شجرة النسب" لكل قطعة أثرية تظهر في أي مكان.
لن يتحقق هذا في الحال. ولكننا نريد أن يعرف السكان ومقتنو الأعمال الفنية: حين أذهب إلى محل تجاري أريد أن أشتري قطعة أثرية فإنني أحتاج إلى ما يثبت أصلها بصورة كاملة. فإذا لم أكن أملكه فالأفضل أن أترك الشيء في محله لدى تاجر الأعمال الفنية. إذا تكرر حدوث ذلك، فإنه سيكف عن التجارة بهذه القطع. وربما أصبح الامتصاص من قبل البلدان الفقيرة بالآثار، أي تلك التي تقتنيها، أقل كثيرا مما هو عليه الآن، حيث تنهب البلدان الغنية بالآثار، وهي غالبا بلدان فقيرة اقتصاديا، منتقلة باتجاه تلك السوق السوداء في بلدان الشمال، هذا ما نأمله"

وثيقة تثبت الأصل

إن إثبات المصدر، مثل وثيقة إثبات ملكية السيارة، لا يمكن نقل الملكية بدونها - لم يعجب هذا تجار الآثار والأعمال الفنية الذين أرسلوا من يمثلهم في المؤتمر، فغادروه جميعا مستائين أثناء المشاورات حول القرار. هل في ذلك غرابة؟ في الواقع لا، حين يفكر المرء على سبيل المثال أن مزاد لندن الشهير كريستي عرض للمزايدة قبل أيام قليلة، في 13 أيار/مايو أكثر من 100 قطعة مصدرها بلاد ما بين الرافدين، أي العراق، دون أن يزعجه عدم وجود ما يثبت مصدرها.

يرى المشاركون في المؤتمر أن وقف انتقال القطع الأثرية واجب يقع على الجميع. وبالنسبة لعالم الأخلاق فولفغانغ فروفالد فإن وثيقة شرف مشتركة لعلماء الآثار هي ضرورة للبدء بعملية تطهير ذاتي. ومن ناحية ثانية ينبغي أن يحل محل المنافسة القاتلة بين المتاحف الكبرى قدر أكبر من التعاون. لقد عقدت بعض المؤسسات في إيطاليا وألمانيا آصرة متينة وسارة. فأصبحت الإعارة المتبادلة طويلة الأمد والمعارض الدائمة الضخمة للمجموعات الأثرية خلال ذلك ممكنة.

دعا قرار برلين جميع البلدان إلى تصديق قرار اليونيسكو لعام 1970 حول حماية التراث الثقافي. وهو نجاح سر له بوجه خاص فولف ديتر هايلماير الذي يعول على سياسة الخطوات الصغيرة.

في الاسبوع الماضي وافقت وزيرة الثقافة كريستينا فايس على التوقيع على وثيقة روما الصادرة قبل أكثر من ثلاثين سنة والتي لا تزال موضوع الساعة.

روزاماري رادكه، دويتشه فيلله، مايو/أيار 2003
الترجمة : سالمة صالح

خصصت منظمة اليونسكو موقعا للعراق، على الرابطة التالية:
http://portal.unesco.org
كما بإمكانكم الاطلاع على قائمة الأثريات المسروقة، على الرابطة التالية:
http://www.iraqlostheritage.org/