الأفغان يثقون بطالبان أكثر من ثقتهم بالحكومة؟

لا يبدو أن قوة طالبان قد تزعزعت، إذ لم تعد هجماتهم تنحصر فقط على أهداف في جنوب وشرق أفغانستان، وانما في كابول والمحافظات الشمالية والغربية للبلاد أيضا، فضلا عن أنهم يتلقون دعم وتأييد المتذمرين من رجال الشرطة والجنود. تقرير من رتبيل شامل.

احتفالية بمناسبة يوم الاستقلال؛ الصورة: أ ب
الكثيرون من رجال الأمن الأفغان لم يعد عندهم ما يحفزهم على الوقوف في وجه عدو يزداد قوة وضراوة يوما بعد يوم مقابل راتب شهري يتراوح ما بين خمسين إلى مائة دولار.

​​

لا يُحسد المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية في كابول زماراي بشاري على مهامه، فبينما يخشى مسؤولو الأمن الآخرون في أفغانستان من الوقوف أمام كاميرات الصحفيين يجد نفسه مضطرا للرد على كل الأسئلة. منها على سبيل المثال أسئلة حول عدد الضحايا في مختلف مناطق القتال أو عن الذين يقفون وراء العمليات الانتحارية في جميع أنحاء البلاد، فمنذ ما يزيد على العام وهو يقوم بهذا الدور يوميا على وجه التقريب. إن الأوضاع الأمنية في أفغانستان غير مرضية تماما. فقد صار في إمكان طالبان وأعوانهم الآن القيام بعملياتهم في جميع أنحاء البلاد، كما شمل نشاطهم تفجير القنابل والعمليات الانتحارية واغتيال المعلمين ورجال البوليس والمباحث، وكذلك أيضا القيام بهجمات على القواعد العسكرية وحكومات الأقاليم.

الانكار الروتيني

في خضم الأحداث الكثيرة في البلاد أصبحت لدى بشاري صيغة واحدة جاهزة للاجابة عن الأسئلة الكثيرة الحرجة، مثل الحديث عن أعداء الشعب الأفغاني وعن التضليل الإعلامي وعن سوء الفهم والصحفيين الذين يبالغون في كل شيء ليختلقوا عن قصد أزمة أمنية في أفغانستان. ويرى أن الأوضاع في الحقيقة ليست بهذا السوء كما يظن المرء.

هكذا كانت إجابته أيضا حول انضمام ثلاثة عشر من رجال الشرطة حديثا إلى صفوف طالبان ومعهم معداتهم في إقليم "فرح" جنوب غرب البلاد. فقد قال بشاري إن ثمة سوء فهم في الأمر، فرجال الشرطة لم ينضموا أبدا إلى صفوف طالبان، وانما مُنحوا عطلة وسافروا بأسلحتهم ومَركباتهم إلى مناطق سكنهم. وقد جرى استدعاؤهم فيما بعد للرجوع إلى مقار خدماتهم. إلا أن وكالات الأنباء قالت عكس ذلك. وحتى الضابط المسؤول عن الأقاليم الواقعة في جنوب غرب البلاد طعن في صدق رواية المتحدث باسم وزارة الداخلية، ذلك لأنها لم تكن المرة الأولى التي ينضم فيها رجال شرطة أوجنود إلى صفوف طالبان.

50 دولارا راتب الشرطي

تعتبر رواتب قوات الأمن الأفغانية بائسة جدا وعتادهم أكثر ضعفا. وهكذا لم يعد عند الكثيرين منهم ما يحفزهم على الوقوف في وجه عدو يزداد قوة وضراوة يوما بعد يوم مقابل راتب شهري يتراوح ما بين خمسين إلى مائة دولار.

علاوة على ذلك لا يتقاضون أجورهم في الموعد المحدد، في حين أنهم ملزمون بدفع أجور مساكنهم والانفاق على أسرهم. ولكن كيف؟ لقد تزايد عدد رجال الشرطة الذين يسلكون طرقا غير مشروعة وصارو - كلّما استطاعوا - يبتزون المواطنين الواجب عليهم حمايتهم مثلما يقوم رجال الأمن بعقد صفقات مع عصابات الاجرام أو مهرّبي المخدرات، كما يقول فهيم دشتي، الخبير في شؤون أفغانستان.

فقدان كامل للثقة

لذلك انعدمت ثقة المواطنين في رجال الأمن والدوائر الحكومية. عن ذلك يقول دشتي: "في بعض الأماكن يفضل المواطنون إستشارة مقاتلي طالبان أو ملاليهم على الذهاب إلى الدوائر الرسمية". ويضيف: "إنهم على علم بأن موظف الحكومة يعطي الحق لمن يدفع رشوة أكثر".

إلا أن حكومة كابول ترفض مثل هذه الاتهامات رفضا قاطعا، ولا تريد أن ترى الواقع في البلاد. ورجال السلطة في كابول يحسون بالاطمئنان طالما ظلوا يتمتعون بمساندة الغرب لهم، على حد قول دشتي. هؤلاء الساسة يعتبرون أنفسهم حلفاء للولايات المتحدة والغرب، لا يجب ولا يمكن الاستغناء عنهم في الفوضى الناشبة وسط آسيا. ومبدؤهم يقوم على أن: رضا الأميركان أفضل من رضا الأفغان.

إلا أن هذا ليس حلا بأي شكل. فالشعب يشعر بعدم الاهتمام به واهمال الحكومة له. ويعتقد الكثير أن الحكومة ليست قادرة على حل مشكلة طالبان. كما أنهم فقدوا أيضا الثقة في قوة القوات الأميركية التي تكثف غاراتها الجوية ردا على هجمات طالبان.

فوز طالبان غير المرئي

لم تكن النتيجة إلا دمار كثير من القرى ووقوع العديد من الضحايا بين المدنيين. وقد قام رؤساء العشائر في أقاليم الجنوب الثمانية بداية هذا الأسبوع بمطالبة الحكومة من جديد بالتفاوض والتعاون مع طالبان، كما طالبوا ببناء مشاريع في مناطقهم ووضع حد للأعمال العسكرية.

إلا أن الحكومة لم تقم بالرد على هذه المطالب حتى الآن. يحذر دشتي من الاستهانة بتزايد قوة طالبان، ويرى أنه من المتوقع فوز طالبان في جميع أنحاء البلاد في غضون عام أو على الأكثر عامين ما لم تقم الحكومة والدول المساعدة بتغيير استراتيجيتها ووضع خطط صالحة لإعادة إعمار البلاد.

ومع ذلك يرى زماراي بشاري، المتحدث باسم وزارة الداخلية الافغانية غير ذلك.

بقلم: رتبيل شامل
ترجمة: عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع محفوظة: دويتشه فيله 2007

قنطرة

المغامرة بالحياة
يغامر كل صحفي أفغاني بحياته إذا أراد تقديم تغطية إعلامية بصورة موضوعية عن الأحوال المزرية في البلاد. وليست حركة طالبان فقط هي التي ترى في الصحفييين ذوي الجرأة أعداءً بل أيضا الحكومة. تقرير من رتبيل شامل ونجيب الله زيارمال

نساء فقدن الأمل في الحياة
ترى الناشطات الأفغانيات في منطمات حقوق الإنسان أن وضع المرأة في أفغانستان لم يتحسن منذ سقوط الطالبان، وأن كثيرا من النساء انتحرن للتخلص من العنف الأسري. تقرير عن الوضع غير الإنساني للنساء الأفغانيات.

حدود القدرات الاستراتيجية للحلف الأطلسي
تشكل الحرب الدائرة في أفغانستان تحديا كبيرا بالنسبة لحلف شمال الأطلسي. فرصيد النجاح الذي حققته قوات كل من الناتو والائتلاف في كفاحها القائم ضد حركتي طالبان والقاعدة يتسم بالضآلة. مقال بقلم تيمو نوتسيل وسيبيللي شايبرز