"ما يجمعنا هو السلام"

أكثر من 500 ممثل للديانات المختلفة اجتمعوا في مدينة آخن للصلاة والدعاء معا من أجل سلام عالمي، تقرير يوتا فاسرراب من الدويتشه فيلله

"ما يجمعنا هو السلام"

يجلسون إلى طاولة مشتركة: قساوسة، أحبار يهود، أئمة مسلمون وبطاركة من كنائس الشرق. للمرة السابعة عشرا تقام الصلوات من أجل السلام العالمي. حيث أقيمت هذا العام في جمهورية ألمانيا الإتحادية، وبالذات في مدينة آخن ذات الكتدرائية المشهورة، تحت شعار: "بين الحرب والسلام: تلتقي الديانات والثقافات"، متوسلة بالدعاء مقيمة للصلوات معا ومحيية للنقاشات بين 500 ممثلة وممثل لديانات مختلفة. وينبغي بعد مرور بضعة أيام أن يتخطى هؤلاء المجتمعون كافة الحواجز الدينية من أجل أن يصبحوا أقرب إلى بعضهم البعض. ومن الجدير بالذكر أنه لم يحضر فقط رؤساء الكنائس، وإنما أيضا آلاف كثيرة من المؤمنين الذين لبوا دعوة جمعية القديس يغيديو الدينية Laien-Gemeinde Sant'Egidio. ولمزيد من التفاصيل في هذا التقرير من يوتا فاسرراب Jutta Wasserrab:

من كافة أنحاء المعمورة جاء ممثلو وإتباع الأديان السماوية الكبيرة من أجل المشاركة في إحياء الملتقى السابع عشر للصلاة من أجل السلام العالمي تلبية لدعوة جمعية القديس يجيديو الدينية Laien-Gemeinde Sant'Egidio.
مازال رجال الدين يحبذون البقاء مع أمثالهم في المعتقدات. ففي مجموعات صغيرة يرى المرء رهبان بوذيين يرتدون براقعهم بلون الزعفران يتحدثون مع بعضهم البعض. ويرى المطارنة اليونان يخفون أحاديثهم خلف لحاهم المتموجة. أما الأساقفة الكاثوليك فتراهم يحثون الخطى على عجل من أمرهم يصعدون أدراج مقر المؤتمر فيEurogresszentrum. وما زالت مجموعات المسيحيين، اليهود، المسلمين، الهندوسيين والشنتوويين، كل لوحده لا يختلط بالآخر. لكنهم اجنمعوا في آخن من أجل التعرف على بعضهم البعض ومن أجل التفاهم بين بعضهم البعض.

"إنني أنتظر أن تلتقي الديانات والثقافات من أجل التعارف المتبادل وتجنب الحروب. فمسألة عدم الشروع في إشعال نيران حرب أصعب من إنهاء حرب قد إندلعت نيرانها". وأكدت السيدة أورسولا تايسين بأن هناك أيضا قواسم مشتركة بين الجهات الدينية الحاضرة بالرغم من الإختلاف الكبير في الصورة الظاهرية لممثلي تلك الديانات: "إن القاسم المشترك هو السلام. هناك إله واحد ليس بتابع لدين ما. وبغض النظر عن الطريق التي يختارها الإنسان في عبادة الإله، كما أنه وبغض النظر عن الخلفية الدينية الكامنة وراء ذلك: فإن ما يجمعنا هو أن الإله رب لهذه البشرية جمعاء. وهذا هو ما يوحدنا مع بعضنا البعض."

إيجاد القواسم المشتركة

وتجدر الإشارة في هذا الخصوص إلى أن هذه القواسم المشتركة ليست واضحة تماما بالنسبة لجميع المشاركين كما هي الحال بالنسبة لأورسولا تايسن. فالمغربي محمد السليماني، الذي يعيش حاليا في المملكة العربية السعودية، جاء خصيصا من مكة مع صديق له إلى مدينة آخن. صديقه لا يجهد نفسه بالبحث عن إجابة على السؤال المتعلق بالقواسم المشتركة تلك. أما السليماني نفسه، وعلى العكس من ذلك، فإنه يمعن في التفكير قليلا، ثم يعود ليقول بإنشراح، إن الهدف الكامن وراء مجيء المرء إلى هنا هو إستنباط تلك القواسم المشتركة: "لقد جئنا لتونا إلى هنا من أجل أن نجد القواسم المشتركة بين الأديان المختلفة. وهناك بالطبع فوارق بين الديانات، لكن وبالتأكيد هناك أيضا نقاط لقاء مشتركة كثيرة. ولقد جئنا إلى مدينة آخن من أجل إستنباط تلك القواسم المشتركة والتأكيد عليها."
إلا أنه وحتى يجد المشاركون القواسم المشتركة تلك، يريدون على الأقل إقامة الصلاة والدعاء معا. حتى ولو كان كل منهم يؤدي ذلك حسب تقليده العبادي: جلوسا أو وقوفا، على مقعد خشبي أو على سجادة، متوجها صوب الشرق أو صوب الجنوب. إن أمنية الجميع بتأدية الصلاة والدعاء المشتركين هي الوازع الذي حفز بالكثيرين منهم على المجيء إلى مدينة آخن:
"إنني هنا، لأنه مهم جدا، أن نصلي من أجل هذا العالم بكامله وندعو لأجله."
"إنني إعتقد بأن الصلاة والدعاء من أجل السلام مهمان. إن بإمكان الإنسان البسيط أن يعمل الكثير. إن بإمكان المؤمنين الصلاة والدعاء من أجل السلام. ومن لا يؤمن، فيمكنه أن يتحدث مع الآخرين وينشط أيضا من أجل السلام."

الصلاة وحدها لا تكفي

وهيربيرت كيفيريؤمن أيضا بضرورة الصلاة والدعاء من أجل السلام:
"إن كان يتوجب على الإنسان شيئا ما، فيتوجب عليه أكثر من ذلك. وما أود قوله هو: إن إقامة الصلوات والتوسل بالدعاء لا يكفيان. الصلوات والدعاء وحدهما لا يكفيان وعلينا أن نعمل أيضا أكثر من ذلك. إبتداء بإقامة المظاهرات، إذا كان الأمر يتعلق بالسلام في المجال العام أو حتى أيضا في المجال الخاص عندما نتحدث مع بعضنا البعض. أو أيضا دعم مشاريع الأطفال والشبيبة، التي تخدم السلام: على سبيل المثال في الدول التي كانت تعاني من وطأة الحروب أو الحروب الأهلية. إنني أرى لهذا أهمية كبيرة. الصلوات والدعاء وحدهما لا يكفيان، إلا أنهما أيضا جيدان".

يوتا فاسرراب، دويتشه فيلله 2003‏
ترجمة مصطفى السليمان