اليمن...تجفيف منابع الإرهاب بمعاني السلام في الإسلام

في وقت تتمحور فيه جهود مكافحة الإرهاب في اليمن بالعمليات الأمنية والعسكرية، قرر الشباب اليمني المشاركة سلمياً في حل مشكلة الإرهاب القاتلة للاقتصاد والمكرسة للفقر. إذ يتطوع عدد من الشباب بالذهاب إلى المدارس اليمنية بهدف: التناقش مع التلاميذ، واستخدام النصوص الدينية لشرح الأسلوب الذي يشجع فيه الإسلام على السلام، ودحض الأسلوب العنفي الذي تريد الجماعات الإرهابية للناس أن يروا من خلاله الإسلام. الصحفي اليمني بسام غبر يطلعنا على مبادرة "شباب إبداع".

الكاتبة ، الكاتب: Bassam Ghabar

في وقت تتمحور فيه جهود مكافحة الإرهاب في اليمن بشكل عام حول أعمال القوى الأمنية اليمنية، قرر الشباب اليمني المشاركة في حل مشكلة الإرهاب من جذورها وبطريقة سلمية.

فمنذ شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي 2012، بدأت مجموعة من الشباب اليمني بتنظيم حملة توعية ضد الإرهاب في المدارس من خلال مؤسسة "إبداع شباب". وتهدف الحملة إلى تعميق الانتماء الوطني ونشر ثقافة التسامح والعيش المشترك في جميع أنحاء البلاد.

الإرهاب يقتل الاقتصاد

يقتل الإرهاب الحياة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فيتوقّف نمو الاقتصاد وترتفع معدلات التدهور المعيشي.

واتسعت أعمال الجماعات الإرهابية في اليمن خلال العامين الماضيين بسبب استغلالها للأحداث السياسية وغياب الأمن منذ بدء الثورة الشبابية في 11 الثاني/ شباط 2011.

أطفال يمنيون في صنعاء. دويتشه فيله
معاناة نفسية من الحروب والإرهاب: الأطفال والنساء هم أكثر المتضررين من العنف العسكري والتفجيرات الإرهابية.

​​

فكانت النتيجة الكثير من الخسائر عبر البلاد، بما في ذلك مقتل المدنيين والعسكريين، إضافة إلى الاستيلاء على مناطق في محافظتي أبين والبيضاء في جنوب البلاد.

ورداً على هذا الوضع، عملت مؤسسة "إبداع شباب" على توفير فرصة لليمنيين للاجتماع تحت راية السلام والوحدة، بغض النظر عن الانتماءات أو المستوى الاجتماعي.

من خلال هذه المؤسسة، يقوم الشباب اليمني من مختلف المناطق والانتماءات السياسية بالعمل معاً لحماية مجتمعهم من الإرهاب ولتأسيس بلد يكون أكثر أمناً.

ولتحقيق هذا، شارك هؤلاء الشباب بحملة توعية لتعزيز قيم السلام والعيش المشترك في أوساط طلبة المدارس، وفي الوقت نفسه تحذير الأطفال من الوقوع في فخ الجماعات الإرهابية.

فقد رأى الشباب، حيث أدركوا أهمية حماية هذه الفئة العمرية بشكل خاص، ضرورة مواجهة الفكر الإرهابي التي أرسى جذوره في البلاد.

معاني الإسلام الحقيقية

تعتبر المدارس مرتعاً خصباً لبناء جيل واع ومؤمن بمبادئ السلام الموجودة في الإسلام، كاحترام الحياة الإنسانية وأهمية تقبّل بعضنا بعضاً بغض النظر عن المعتقدات السياسية أو الدينية والشجاعة للوقوف في وجه أولئك الذين يضعون وطنهم في خطر.

تسعى هذه الحملة إلى تعليم الطلبة المعنى الحقيقي للإسلام عن طريق استخدام النصوص الدينية لشرح الأسلوب الذي يشجع فيه الإسلام على السلام، بدلاً من الأسلوب الذي تريد الجماعات الإرهابية للشباب أن يروا من خلاله الإسلام - داعماً للعنف والقتل.

احتجاجات للأطفال والنساء في اليمن ضد العنف. دوينشه فيله
احتجاجات على العنف ضد الأطفال وضد ناشطي حقوق الإنسان: مظاهرة خرج فيها نساء وأطفال في العاصمة اليمنية صنعاء.

​​

توعية في المدرسة

تشمل الحملة، التي تتم بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم اليمنية والتي بدورها تشجع أعضاء مؤسسة "إبداع شباب" على العمل في المدارس، تشمل عدداً من النشاطات.

يقوم الخطباء والعلماء أولاً بتوعية الطلبة في طابور الصباح المدرسي حول مخاطر المجموعات الإرهابية، ويعطون أمثلة عن الآثار السلبية الواقعة على الفرد وعلى البلد ككل.

كما يتوزع أعضاء فريق مؤسسة "إبداع شباب"، والذي يبلغ 120 شاباً تم تدريبهم مهارياً وفكريا من قبل مدربين يمنيين لمجابهة الإرهاب، يتوزعون على المدارس ويعطون حصة دراسية في كل فصول المدرسة.

كما يقوم الفريق بتوزيع كتيبات وعروض فيديو حول مخاطر الارهاب وأضراره.

وتقوم الحملة باختيار ثلاثة مدرّسين من كل مدرسة، وعادة ما يكون أستاذ الأنشطة الرياضية والأخصائي الاجتماعي وأمين المكتبة من ضمنهم، حيث يتم ربط هؤلاء المدرّسين مع الطلاب الأكثر عصياناً في المدارس باعتبارهم أكثر عرضة للاصطياد من الجماعات الإرهابية.

ويشارك المدرّسون هؤلاء الطلبة برسائل تشجع على إرساء ثقافة الوئام والتسامح.

امتصاص الطاقة السلبية

تصمم هذه الأحاديث بهدف توفير الأدوات التي عمل على امتصاص الطاقة السلبية لدى الطلبة وتحويلها إلى نشاطات إيجابية.

فمن خلال حملة التوعية التي تنفذها مؤسسة "إبداع شباب" والتي تركز على الأفراد، يصبح من الممكن التواصل بشكل أفضل مع الطلبة المعرضين وإثرائهم بثقافة من التسامح، التي يمكنهم أن ينشروها بدورهم إلى طلبة آخرين.

تعميق التسامح ودحض الراديكالية

تهدف هذه المجموعة من النشاطات إلى تعميق أفكار العيش المشترك والتسامح، وفي الوقت نفسه دحض الإرهاب والراديكالية في النظام المدرسي اليمني.

تظهر المبادرات الشبابية مثل حملة "إبداع شباب" التوجهات الإيجابية نحو حل القضايا الوطنية، وهي تنُمّ عن مدى الفهم والإدراك الذي وصل إليه الكثير من الشباب اليمني من حيث إيمانهم بقدرتهم على بناء بلد خال من العنف.

إنه لأمر إيجابي أن نرى شباباً متحمسين لجعل اليمن خالياً من الإرهاب ومفعماً بالحياة والسلام.

 

بسام غبر
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: كومون غراوند نيوز 2013