المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية

هناك أكثر من ألفي مسجد في الولايات المتحدة الأمريكية تجمع في طريقة بنائها بين أشكال العمارة الإسلامية التقليدية والأمريكية الحديثة. بقلم عبد الأحمد رشيد

جامع في مدينة تيمب في ولاية أريزونا، الصورة: الدكتور عمر خالدي
جامع في مدينة تيمب في ولاية أريزونا

​​

لا تختلف الصعوبات التي يواجهها المسلمون في الولايات المتحدة الأمريكية كثيرًا عن الصعوبات التي يواجهها المسلمون في أوروبا عندما يتعلق الأمر ببناء المساجد كما يقول المسلم الأمريكي عمر خالدي، الحاصل على شهادة الدكتوراه في العمارة والمتخصص في بناء المساجد:

"تكمن المعضلة الأكبر في عدم توفر التمويل اللازم لبناء المساجد لدى الجاليات. ليس هناك عراقيل قانونية أو اشتراطات من الجهات الحكومية، لكنّ المعضلة الأكبر أمام الجاليات تبقى في إيجاد التمويل الضروري لبناء جوامع كبيرة وجميلة".

البدايات غرفٌ مؤقتة

كثيرٌ من مسلمي الجيل الأول والثاني ينحدرون من أصولٍ تعود للعالم الإسلامي، وثلثهم تقريبًا أمريكيين-أفارقة. وكما في القارة القديمة، قام المسلمون بترتيب أماكن عبادتهم في مباني لم تكن قد بنيت خصيصًا لهذه الغاية، فاستعملوا محطات الإطفاء القديمة، والمسارح المغلقة، والمخازن الفارغة، والمتاجر.

جامع في مدينة بولمان في ولاية واشنطن، الصورة: عمر خالدي
جامع يجمع بين المعمار الحديث واحتياجات المسلمين

​​انطلق هذا التطور مع بدايات القرن العشرين في سياق نزوح عددٍ كبيرٍ من المسلمين من المنطقة التي أصبحت اليوم دولاً مثل سوريا، ولبنان، والأردن، وإسرائيل وفلسطين. إلا أنّ فورة بناء المساجد الأولى لم تبدأ إلا في ستينيات القرن الماضي. وهناك اليوم أكثر من ألفين مسجد في الولايات المتحدة الأمريكية.

ثمة ثلاث مدارس معمارية أثبتت جدارتها في بناء المساجد في أمريكا: مدرسة العمارة التقليدية، حيث كانت تصورات من بناها قائمةً على أشكال البناء المعتمدة في الدول التي ينحدرون منها. وكانت الغاية منها منح المهاجرين إحساساً بألفة الوطن. وثمة مساجد أخرى، أوّلت العمارة التقليدية بشكل جديد وأدخلت عليها عناصرًا من العمارة الأمريكية.

تجارب معمارية جديدة

أما النوع الثالث من المساجد فهو شكلٌ جديدٌ من البناء تطور بلا "مرجِع"، ويقول عمر خالدي بهذا الصدد: "هي عمارةٌ لا تأخذ شكل العمارة التقليدية لا الإسلامية ولا الأمريكية، بل تواكب عصرها في القرن الواحد والعشرين. كيف يمكن أنْ نستفيد من التقنيات الحديثة؟ ما هي طبيعة الأحوال الجوية السائدة في المنطقة؟ ما هو حجم التمويل المتوفر؟ وما هي إمكانات الناس المشاركين؟ هذه هي العوامل الحاسمة عند بناء المساجد التي تختلف في بنائها عن العمارة التقليدية المعروفة."

جامع تقليدي في مدينة ويندسور، الصورة: الدكتور عمر خالدي
جامع تقليدي في مدينة ويندسور

​​"علينا أنْ نجرب أفكارًا جديدةً، فالإسلام ليس جامدًا، بل ديناميكيا، والجاليات المسلمة في أمريكا جالياتٌ متعلمةٌ تنتمي للطبقة الوسطى. وهذا تعبيرٌ عن الثقة بالذات، لذا لسنا بحاجة لأنْ نستنسخ أمثلةً من إسطنبول، أو دلهي، أو المغرب. "وذلك تحدي وفرصة في آنٍ معًا" كما يقول مهندس المساجد عمر خالدي.

تكييف الإسلام مع عالمٍ جديدٍ

تتخذ بعض المساجد الحديثة شكلاً "مستقبليًا" إذا ما قورنت بالمساجد التقليدية، وبعضها ألغى المآذن واستغنى عنها. أما القائمون على هذه المساجد الحديثة فهم جالياتٌ ليبراليةٌ عمومًا، أعضاؤها من الجيل الثاني من المسلمين، ممن ولدوا وترعرعوا في أمريكا.

وعلى العكس من ذلك، يفضل جيل المسلمين الأول من المهاجرين العمارة التقليدية. لكن لا يوجد لدى خالدي، ذي الأصول الهندية، أي شك بأنّ المستقبل في الولايات المتحدة الأمريكية سيكون من حظ عمارة المساجد المبتكرة:

"نريد أنْ نفصل الإسلام عن مواقع منابعه الأصلية، نريد أنْ نفصله عن ما يسمى بالعالم الإسلامي. لسنا بحاجة لهذه الثقافة! ربما هي جيدة في مواقعها، لكنها لا تنفع هنا". ويضيف خالدي "ما أصبوا إليه هو خلق ثقافةٍ إسلاميةٍ ألمانيةٍ، أو ثقافةٍ إسلاميةٍ أمريكيةٍ".

بقلم عبد الأحمد رشيد
ترجمة يوسف حجازي
حقوق طبع النسخة العربية قنطرة 2006

قنطرة

قبة ترمز للقاء الأديان
تنتظر مدينة كولن الألمانية حدثاً جللاً، متمثلاً في بناء جامع كبير. وقد وقع خيار صاحب البناء – وهي الجمعية الإسلامية التابعة لوزارة ديانات التركية– على المكتب الهندسي بوم كمُنفذ وكمُصمم لذلك الجامع الذي سيكون متسعاً لأكثر من 1200 مُصلي. ويعتبر مكتب بوم من أكبر مكاتب العمارة في كولن. تيلو غوشاس يُجري حواراً مع باول بوم.

أستاذ في التصميم المعماري للمآذن
استطاع أحمد أكبابا، النجار المقيم في مدينة إسن الألمانية، أن يجد الوقت المناسب ليتخصص في تصميم المآذن ويصبح رائدا في هذا المجال على مستوى ألمانيا. تقرير عبد الأحمد رشيد