"الجائزة تكريم لكل العاملين في مجال حقوق الإنسان"

قرر القائمون على جائزة "فايمر" الألمانية الرفيعة لحقوق الإنسان وباقتراح من مفوض حقوق الإنسان في الحكومة الألمانية جونتر نوكه منح جائزة العاشر من كانون أول/ديسمبر 2008، المصادف لليوم العالمي لحقوق الإنسان، إلى الفلسطيني عصام يونس، مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، ومقره قطاع غزة. ساجي روتفوجيل تحدث إلى عصام يونس عن هذه الجائزة ودلالاتها.

كيف استقبلت خبر الفوز بجائزة فايمر الألمانية وماذا تعني لك؟

عصام يونس، الفائز بجائزة فايمر 2008 لحقوق الإنسان
يعتبر عصام يونس أن فوزه بالجائزة ليس شخصياً، إنما جاء ليؤكد لجميع العاملين في حقوق الإنسان أنهم ليسوا وحدهم

​​عصام يونس: يشكل اختياري من قبل لجنة جائزة فايمر مبعث ارتياح كبير دون أدنى شك، وتعني هذه الجائزة الكثير؛ فهي تكريم وتقدير لكل العاملين في مجال الحقوق الإنسانية وليست موضوعاً شخصياً. وهي أيضا رسالة مهمة جداً بأن العاملين في حقوق الإنسان ليسوا وحدهم، فهناك من لا يزال يشاركهم همهم وعملهم على الرغم من الظروف الصعبة والمعقدة وحالة الإحباط الكبيرة الموجودة في الأراضي الفلسطينية.

وهل من خصوصية معينة لهذه الجائزة الألمانية؟

يونس: دون أدنى شك، فنحن نتحدث عن جائزة في حقوق الإنسان تأتي من ألمانيا، ولطالما كانت ألمانيا بعيدة بعض الشيء عن الانخراط في الشأن الشرق أوسطي، وفيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية، وهذا يحمل كذلك معاني مهمة جداًَ ورسائل في غاية الأهمية، لاسيما أن هذه الجائزة هي من مدينة فايمر، المدينة التي عانت من الانقلاب على الديمقراطية لفترات طويلة، وكانت مثالا لما يمكن أن يفعله الإنسان من الاعتداء على قيم العدالة والديمقراطية.

هل لك أن توضح لنا صورة الوضع الإنساني الحالي في قطاع غزة؟

يونس: الوضع القائم في قطاع غزة هو وضع كارثي بكل المقاييس، نحن نتحدث عن حصار مشدد غير مسبوق منذ العام 1967، طال مختلف مناحي حياة المجتمع الفلسطيني، فهناك تقييد كامل لحرية الحركة للأفراد والبضائع، وبالتالي نحن نتحدث عن نقص في الإمدادات في كل شيء؛ سواء فيما يتعلق بالوقود أم بالمساعدات الإنسانية أم بالمواد الغذائية. ومثل هذا النقص الحاد ينعكس بصورة مباشرة على إمداد القطاع بخدمات الكهرباء ومياه الشرب التي وصلت إلى مستويات متدهورة جداً. كما أن هناك خطرا شديدا فيما يتعلق بقدرة محطات الصرف الصحي على العمل والذي بدوره يشكل تهديداً لمياه البحر وللقطاع برمته. ووضع مليون ونصف مليون نسمة تحت حصار مشدد هو نوع من أنواع العقاب الجماعي. وقد تدخل الأمين العام للأمم المتحدة لرفع الحصار لما له من آثار كارثية على المدنيين الفلسطينيين، فحوالي 80 في المائة من العائلات الفلسطينية في القطاع تعتمد على المساعدات الإنسانية مباشرة، والآن هناك حرمان لجميع الفلسطينيين في القطاع من ذلك، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن الأسوأ آتٍ لا محالة.

ما هي الصعوبات التي تواجهونها خلال رصد حقوق الإنسان في قطاع غزة؟

صورة: أب
فلسطيني يستخدم فانوساً لإضاءة محله بعد انقطاع التيار الكهربائي في قطاع غزة، وذلك بعد توقف مزود الكهرباء الوحيد في القطاع عن العمل بسبب إغلاق إسرائيل المعابر أمام إمدادات الوقود اللازمة لتشغيله، في خطوة منها لجعل الحياة أكثر صعوبة على 1,5 مليون فلسطيني هناك.

​​يونس: نحن نعمل في بيئة معقدة جداَ، فعادة تعمل مؤسسات حقوق الإنسان في أي مكان بالعالم في وسط يقابل فيه المواطن بسوء معاملة حكومته. لكن في حالتنا؛ فهناك أولاً احتلال، وهو مسئول أساسي عن حالة حقوق الإنسان، وهناك حكومتان في الأراضي الفلسطينية؛ حكومة في غزة وحكومة في رام الله، وكل يتحمل المسئولية عن احترام حقوق الإنسان، وبالتالي الوضع في قطاع غزة فريد من نوعه وغير مسبوق، يلقي بتبعات خاصة على عمل المؤسسات وعلى دورها وعلى قدرتها على العمل.

هناك أيضاً تحدٍ كبير جداً لأن حجم الانتهاكات وما يتعرض له المواطنون كبير جداً، وبهذا علينا أن نعمل دائماً بشكل متسارع ومتواصل في بيئة متغيرة جداً، وبيئة مليئة بالخطورة بالنظر إلى تعقيدات الظروف السياسية القائمة.

وما هي آفاق عملية السلام في ظل التعقيدات الداخلية الفلسطينية والإسرائيلية؟

يونس: أعتقد أن عملية السلام ما لم تؤسس على أسس قواعد القانون الدولي، وأسس حقوق الإنسان، والعدالة، وأسس وضع حد للاحتلال والمعاناة، لن يكتب لها النجاح، ونحن طالما حذرنا من أن عملية السلام إن لم تؤسس على ذلك سوف تذهب إلى نهايتها المحتومة، ونحن شهدنا نهاية مأساوية لها، فهناك عنف، ولم يتحقق الأمن ولا السلام، وبالتالي يجب إعادة الاعتبار لعملية السلام من خلال النظرة الأشمل، النظرة القائمة على تحقيق أسس العدالة والمصالحة التاريخية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والذي يعني في أساسه أن يحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه، وأن يحصل الجميع على حدود آمنة ومعترف بها.

كيف تنظر إلى مستقبل الدور الأوروبي في الشرق الأوسط في ظل إدارة أوباما؟

صورة: أ ب
مواطنون فلسطينيون من قطاع غزة ييتدفقون عبر أحد المعابر على الحدود المصرية، بعد أن قام مسلحون فلسطينيون بتفجير المعبر لفتح الطريق أمام سكان القطاع المحاصرين ليمونوا أنفسهم بكافة المواد الأساسية من الأراضي المصرية.

​​ يونس: يجب إعادة النظر في الدور الأوروبي في نظري، فقد لعبت أوروبا دوراً مهماً جداً في دفع عملية السلام، ولكنها اكتفت إلى حد ما بدور الممول دون ممارسة ضغوط سياسية، ولاسيما على الجانب الإسرائيلي. المطلوب من الاتحاد الأوروبي الآن هو المباشرة إلى فعل حقيقي، أي ربط التمويل بإجراء سياسي، ولا يمكن لأحد أن يدعي أنه لم يسمع أو يرَ ما يحدث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالتالي لا بد من إعادة الاعتبار لدور أوروبي أكثر فاعلية وأكثر انخراطاً في الشرق الأوسط، يساهم في وضع حد لهذا الصراع، ويحقق مصالحة تاريخية.

أجرى الحوار: ساجي روتفوجيل
دويتشه فيله 2008

قنطرة

الإصلاح والمجتمع »المدني في العالم العربي«
استقطب المنتدى المدني الأول تحت عنوان "هل يسير العالم العربي في طريق الاصلاح الديمقراطي وتعزيز حقوق الانسان". في بيروت 50 منظمة أهلية عربية. وبهذه المناسبة كان هذا اللقاء مع بهي الدين حسن مدير مركز القاهرة لحقوق الانسان، الجهة المنظمة للمؤتمر.

كارين كونيغ أبو زيد:
"ما يحتاجه أهل غزة هو الحرية"
ما يزال قطاع غزة يعاني من الحصار الذي تضربه عليه السلطات الإسرائيلية منذ شهر حزيران/يونيو 2007. كارين كونيغ أبو زيد، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في غزة، تحدَّثت إلى ألكسندرا كودا عن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.

العلاقة بين ألمانيا وإسرائيل:
"مطلوب سياسة تدعم السلام"
أفضت المشاورات والجلسات الثنائية للحكومتين الألمانية والإسرائيلية إلى تأكيد رغبة البلدين في زيادة تعاونهما المشترك في العديد من المجالات، بيد أن السعي إلى حوار جديد مع الفلسطينيين والبحث عن حل للصراع الشرق أوسطي قد تم إغفالهما في هذه المشاورات. تعليق بيتر فيليب، الخبير في شئون الشرق الأوسط.