خط ساخن تنقصة ''حرارة'' اتصال الإسلامويين

في مشهد يبعث على التناقض أنشأت الهيئة الألمانية الاتِّحادية لحماية الدستور خطا ساخنا لمساعدة الإسلامويين الذين يفكِّرون بنبذ التطرّف. ولكن مَنْ مِنْ الإسلامويين المستعدِّين لاستخدام العنف يمكن أن يبحث عن المساعدة لدى جهاز المخابرات هذا الذي كان يحاربهم حتى الآن؟ فلوريان فوكس يسلط الضوء على هذا البرنامج.

الكاتبة ، الكاتب: Florian Fuchs



من المفترض ببساطة أن يتَّصل الإسلامويون - أن يرفعوا سماعة الهاتف عندما يريدون نبذ العنف. ولهذا الغرض بالذَّات أنشأت الهيئة الألمانية الاتِّحادية لحماية الدستور في شهر تمّوز/يوليو 2010 خدمة خط ساخن أطلقت عليه اسم "هاتف"؛ ووصفته بأنَّه برنامج لمساعدة الإسلامويين الذين يريدون الخروج من أوساط الإرهاب واعتبرته ورقة رابحة إضافية في الحرب على الإسلام السياسي المتطرِّف. ولكن هذا المشروع واجه انتقادات إبَّان تأسيسه في شهر تمّوز/يوليو، إذ قال خبراء الشؤون الإسلاومية والأمنية إنَّ مشروع هاتف غير مجدٍ ومكانه لدى الهيئة الألمانية الاتِّحادية لحماية الدستور غير صحيح.

والآن وبعد نحو عام من تأسيسه لا تبدو محصِّلته أفضل مما كان متوقعًا. لذلك سيتم توسيع البرنامج؛ ومن المفترض الآن أن يعمل الأئمة على إقناع الإسلامويين المستعدِّين لاستخدام العنف بالخروج من أوساط التطرّف. وكلمة هاتف تدل باللغة ال. ويقدِّم هذا الخط الساخن النصائح أيضًا لأصدقاء الإسلامويين المتطرِّفين في حال كان أحد الأصدقاء موشك على الانجراف إلى الأوساط المتطرِّفة. كذلك أعلنت الهيئة الألمانية لحماية الدستور أنَّ لديها خبراء في الإسلام يقدِّمون المساعدة لمن يحتاجها باللغة الألمانية والتركية والعربية. كما أنَّها تعرض بالإضافة إلى ذلك إمكانية الاتِّصال بالسلطات ودعم الأشخاص الذين يتعرَّضون للتهديد من قبل رفاقهم القدامى في الأوساط الإسلاموية.

ويوجد في ألمانيا نحو ثلاثين جمعية إسلامية لديها ستة وثلاثين ألف عضو طبقًا لمعلومات هيئة حماية الدستور. ويتم تصنيف نسبة ضئيلة منهم باعتبارها مستعدة لاستخدام العنف، مثلما تقول ناطقة باسم الهيئة الألمانية لحماية الدستور. ولكن المشكلة مَنْ مِن الإسلامويين المستعدِّين لاستخدام العنف يمكن أن يبحث عن المساعدة بالذَّات لدى الهيئة الألمانية لحماية الدستور؟ ولدى هذه المؤسَّسة الاستخباراتية التي كانت تحاربه حتى الآن؟ ولذلك يتم انتقاد مشروع هاتف حتى من قبل وزارة داخلية ولاية بافاريا. وفي دراسة حول الإسلام السياسي تم إجراؤها في مقاطعة بافاريا في خريف عام 2010 نقرأ ما يلي: "لا يرى الإسلامويون المتعصِّبون في الدوائر الحكومية غير المؤمنة أي سلطة من الممكن أن يتوجَّهوا إليها".

برنامج هاتف يشبه مبدئيًا برنامج مساعدة المتطرِّفين اليمينيين

أمنيون ألمان بعد تفتيش أحد المراكز الإسلامية في ميونخ، اتلصورة ا ب
"مشروع هاتف غير مجدٍ ومكانه لدى الهيئة الألمانية الاتِّحادية لحماية الدستور غير صحيح"

​​يعتبر الشاب هاري ميم مثالاً جيدًا للمتطرِّف المتعصِّب. وهو في مطلع العشرينيات من عمره كما أنَّه اعتنق الإسلام في سنِّ المراهقة. وحاليًا يجري مكتب المدَّعي العام تحرِّيات ضده، وذلك لأنَّه شتم رئيس الطائفة اليهودية في مدينة بينبيرغ الألمانية في جنوب مقاطعة شليسفيغ هولشتاين ووصفه بأنَّه "يهودي قذر"، ومن المفترض أنَّه هدَّده وذلك بعد أن اتَّهم المسجد المحلي بالميول إلى التطرّف. وفي مركز الثقافة الديمقراطية البرليني (ZDK) الذي يهتم منذ عدة أعوام بالإسلام السياسي، نجد المعنيين متأكِّدين من أنَّ شخصًا مثل الشاب هاري ميم لن يتعاون قطّ مع هيئة حماية الدستور. وذلك لأنَّه يرفض المؤسَّسات الحكومية رفضًا تامًا. وكذلك ينتقد المعنيون في مركز الثقافة الديمقراطية عمل برنامج هاتف ويقولون إنَّه يعمل حسب برنامج لمساعدة الخارجين من أوساط المتطرِّفين اليمينيين، تديره الهيئة الألمانية لحماية الدستور منذ العام 2001. وفي هذا البرنامج أيضًا يتَّصل النازيون الجدد برقم هاتف، حيث يحصلون على النصائح من خبراء يعملون لدى المخابرات.

"هيئة حماية الدستور تريد استراق معلومات"

لكن بيرند فاغنر لا ينصح أي أحد بالاتِّصال بهذا الهاتف. ويعمل فاغنر مديرًا لبرنامج "مخرج" Exit

أيمن مزيك،  وسط، الصورة د ب ا
"يستطيع المسلمون أكثر من غيرهم إعادة المتراجعين إلى وسط المجتمع"

​​الاستشاري الذي يتم تموليه من قبل الدولة ويتبع مركز الثقافة الديمقراطية في برلين، وهدفه مساعدة الراغبين في الخروج من أوساط اليمينيين المتطرِّفين. ويقول السيد فاغنر: "لن اتَّصل بهيئة حماية الدستور، لأنَّ العاملين هناك غالبًا ما يسعون فقط إلى استراق معلومات حول هذه الأوساط". ويقول فاغنر يجب على الراغبين الخروج من أوساط التطرّف ملء استمارة والتوقيع على إقرار يتعهَّدون فيه تجنّب المنظَّمات اليمينية المتطرِّفة في المستقبل: "وبعد ذلك من الممكن أن يتم دعمهم في الذهاب إلى الدوائر الحكومية. وغالبا ما ينتهي الأمر بعد ذلك". وحتى الآن نصح عددًا من الخارجين من أوساط التطرّف، لكنَّهم وبعد الاتِّصال بهيئة حماية الدستور عادوا إلى ما كانوا عليه. "لأنَّهم لم يتلقوا ما يكفي من المساعدة لدمج أنفسهم من جديد في البنى الاجتماعية العادية". وعليه إذا فشل هذا البرنامج هنا، فكيف يمكن يا ترى لبرنامج الخط الساخن أن ينجح في مساعدة الإسلامويين الذين يفكِّرون بترك التطرّف؟

لا يمكن التحقّق بالاعتماد على معلومات مما إذا كان برنامج هاتف يسير بنجاح؛ إذ إنَّ الهيئة الألمانية الاتِّحادية لحماية الدستور لا تنشر أي إحصاءات عن عدد المتَّصلين وأنواعهم، وتحظر كذلك الاستفسار عن هذا المشروع. ولهذا السبب لا توجد حول ذلك أي معلومات أيضًا لدى أيمن مزيك، الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا. ولكن بعد أن تحاور أيمن مزيك مع المعنيين في الهيئة الاتِّحادية لحماية الدستور والمكتب الجنائي الاتِّحادي حول هذا المشروع، تكوَّن لديه انطباع بأنَّ برنامج هاتف يسير "بشكل ضعيف". ولذلك يدعو أيمن مزيك إلى مشاركة الأئمة بصورة أقوى. ويقول: "يستطيع المسلمون أكثر من غيرهم إعادة المتراجعين إلى وسط المجتمع". كما يضيف أنَّ المعنيين في هيئة حماية الدستور قد أخذوا بنصيحته وقرَّروا توسيع البرنامج. وسيناقش فريق عمل كيف سيكون على وجه الدقة دور رجال الدين المختارين في برنامج هاتف. ولكن موعد إنشاء هذا المشروع ما يزال غير واضح.

 

فلوريان فوكس
ترجمة: رائد الباش
مراجعة: هشام العدم

حقوق النشر: زود دويتشه تسايتونغ/قنطرة 2011