من سيحكم مصر...مرسي؟ أم رئيس انتقالي؟ أم الجيش؟

لا أحد يعرف من الذي سيحكم مصر قريباً. هل هو محمد مرسي؟ أم رئيس انتقالي؟ أم الجيش؟ ورغم هذا فهناك يقين بأن جماعة الإخوان المسلمين، التي بدت قبل عام جماعة لا تُقهَر أبدا، قد فشلت فشلا ذريعا في السلطة، بحسب ما تقول سونيا ذكري في تعليقها التالي.

الكاتبة ، الكاتب: Sonja Zekri

بضعة ملايين من المتظاهرين هي قوة مؤثرة لا يستطيع أي رئيس منتخب أن يتجاهلها. لقد أغضب مرسي والإخوان المسلمون أناسا كثيرين بحيث بات عدد المتظاهرين ضدهما أكبر من عدد من تظاهروا ضد مبارك.

وجاءت الاحتجاجات سلمية بشكل ملحوظ، قياساً على الخطاب البالغ العداوة لدى كلا الجانبين. فلم تكن (حتى تاريخ نشر هذا التعليق على الأقل) حمام دم بل مهرجاناً شعبياً. وهي ليست اضطرابات لأجل الخبز وإنما انتفاضة للطبقة الوسطى التي ضُيِّق عليها الخناق.

وهي ليست ثورة ضد الإسلام وإنما ضد منظمة سرية مصابة بالبارانويا أو مرض جنون الاضطهاد، تريد أن تسجن ثقافة تسامح عمرها سبعة آلاف عام في سجن عقيدتها القائمة على ادعاء التدين. إن تحويل بلد إلى مختبر لتجربة تربوية يتم إما عن طريق الكثير من الوقت أو الكثير من الضغوط.

فشــل ذريــع

نعم، إن الانتفاضات ضد الرؤساء المنتخبين ليست من بين ما تنصح به الديمقراطية البرلمانية، لكنها شيء معتاد بالنسبة للنظم الانتقالية بعد قيام ثورة وانتهاء مرحلة استبداد. التوقعات كبيرة، والاقتصاد منهار، والمؤسسات ضعيفة، والنظام القديم هدّام، ورجال السياسة غير مدربين. والشارع موجود.

لا أحد يعرف من الذي سيحكم مصر قريباً. مرسي؟ أم رئيس انتقالي؟ أم الجيش؟ إن الهجمات التي تعرض لها المقر العام الفخم للإخوان المسلمين، رمز سطوتهم، وسقوط أوائل القتلى، كل هذا يدفع للظن بأن وتيرة العنف سوف تتصاعد. وجماعة الإخوان المسلمين التي بدت قبل عام جماعة لا تقهر أبدا، فشلت فشلا ذريعا.

متظاهر ضد مرسي في القاهرة. أ ب
"ارحل" سقط عدد من القتلى والجرحى في الاحتجاجات الواسعة التي عمت البلاد ضد الرئيس المثير للجدل وبدأت يوم الأحد 30 يونيو/ حزيران. وقد وجهت المعارضة في اليوم التالي (الاثنين) إنذارا لمرسي بالتنحي .

​​

فوز مرسي في الانتخابات الرئاسية بدا تتويجا لانتصار الإسلاميين، وبدا أن نهاية المستبدين ستصب لا محالة تقريبا في مصلحة ربيع المتقين. لكن جماعة الإخوان المسلمين، التي هي أصل كافة الجماعات الإسلامية أصبحت الآن عائقا بالنسبة للمتدينين في جميع أنحاء المنطقة. والتدين الظاهر لجماعة الإخوان لم يستطع ستر أخطائها السياسية.

احتكار الإيمان

بل إن كثيرين من المصريين المحافظين يعتبرون هذا النوع من التدين محاولة لاحتكار الإيمان. فالإخوان المسلمون ليسوا هم أفضل السياسيين ولا حتى أفضل المسلمين. وهذا الإدراك، الذي ينتمي أيضا إلى خصوصيات نظم المراحل الانتقالية، انتشر بسرعة البرق.

لو كان الإخوان المسلمون أذكياء لانسحبوا الآن، ولقرأوا بعض الكتيبات عن قواعد تقدير والاعتراف بالفروق والاختلافات، ولحاولوا في غضون سنوات قليلة قادمة البداية من جديد، فهناك جزء من المصرين يفضلون الأحزاب الدينية، وهذه المجموعة من الناخبين بحاجة إلى عروض تقدَّم لهم وإلا فسيصبحون فريسة للمتطرفين.

ولو كانت المعارضة ذكية، لوجب عليها أن تعطي جماعة الإخوان المسلمين فرصة لتقيد المتطرفين. والأهم ألا تفهم المعارضة أن الملايين الرافضين لمرسي سيكونون عونا في الحملة الانتخابية لفريق العواجيز المترنح الذي يضم البرادعي وموسى وصباحي. وسيكون من المفيد لو توقف السياسيون في مصر عن النظر إلى بلدهم كفريسة.

 

 

سونيا ذكري
ترجمة: صلاح شرارة
تحرير: علي المخلافي
حقوق النشر: زود دويتشه تسايتونغ/ قنطرة 2013