مهرجان للتسامح والسلام

بدأت فعاليات مونديال كرة قدم الشوارع في مدينة برلين، ويهدف المنظمون من خلاله إلى نشر قيم التسامح والسلام بين الشباب من خلال المنافسة الشريفة. أعضاء فريقي غانا ونيجيريا لم يُمنحوا تأشيرات الدخول خوفا من بقاءهم.

الصورة: غوبيس / لاساخر
كرة القدم تصلح كرسول سلام

​​كرة القدم هي الرياضة الشعبية الأولى في العالم، فهي لا تحتاج أكثر من كرة ومكان خالٍ لممارستها. وبالرغم من أنها ترتبط اليوم في الأذهان بالملاعب الخضراء الواسعة واللاعبين الذين تحيط بهم هالة النجومية فإن الشكل الأول لهذه الرياضة أكثر بساطة، ألا وهو اللعب في الشارع.

ففي معظم أنحاء العالم يلعب الصبية الكرة في الشوارع والطرقات، حيث لا يستطيعون الانضمام إلى أندية متخصصة للعب الكرة، وهناك في الشارع ولد نجوم عظام كتبوا تاريخ كرة القدم من أمثال بيليه ومارادونا وزيكو.

ويوم الأحد الماضي (2 يوليو/تموز) بدأت في العاصمة الألمانية برلين للمرة الأولى بطولة مونديال كرة قدم الشوارع Street Football وذلك في إطار الفعاليات المصاحبة لمونديال 2006. وتعقد هذه البطولة في استاد صغير تم إنشاءه خصيصا في حي كرويتزبرج الشهير بتنوعه الثقافي والعرقي.

وتستمر البطولة حتى الثامن من شهر يوليو/تموز، أي قبل يوم من المباراة الختامية لمونديال 2006. ويشارك فيها 22 فريقا من كافة القارات، يضم كل فريق خمسة لاعبين.

وتعد قواعد كرة قدم الشوارع نسخة مخففة من قواعد كرة القدم العادية، حيث تم الاستغناء عن قاعدة التسلل، وعن قاعدة منع حارس المرمى من الإمساك بالكرة إذا أرجعها أحد زملاءه، وغيرها من القواعد المعقدة، بحيث يستطيع اللاعبون التركيز على إظهار مهاراتهم في المراوغة والتهديف.

الجانب الاجتماعي

مونديال كرة قدم الشوارع ليس مسابقة رياضية فحسب، بل مشروعا متكاملا يأخذ في حسبانه الجوانب الاجتماعية والثقافية للمشاركين فيه، ويدعو لنشر قيم التسامح والسلام. فالفرق المشاركة تأسست كلها على خلفية مشروعات محلية تهدف إلى رعاية الشباب وحمايتهم من السقوط في فخ الجريمة أو الوقوع في إدمان المخدرات.

الفريق العربي الوحيد في البطولة هو فريق فلسطيني جاء بالمشاركة في فريق إسرائيلي، والفريقان يمثلان ثمرة المشروع الذي قام به مركز بيريز للسلام عام 2002، حيث أنشأ المركز في إطار جهوده للتقريب بين الشعبين، أنشأ مدرستي كرة في الزاوية وسيدروت، ونظم خلال عام أنشطة رياضية تتضمن تبادل الزيارات والمبارايات بين المدرستين.

الكرة التي ستجري بين أقدام اللاعبين تحمل اسم "تبادل عادل Trans Fair في إشارة إلى المطالبة بتبادل تجاري عالمي أكثر عدلا. وسيحصل الفريق الفائز في البطولة على كأس اندريس اسكوبار، وذلك تخليدا لذكرى اللاعب الكولومبي الذي قتل عام 1994 بعد تمثيله بلاده في بطولة كأس العالم في نفس العام.

جاء مقتل اسكوبار عقابا له لتسببه في دخول هدف مرمى فريقه عن طريق الخطأ، وأثار ساعتها موجة عارمة من السخط والحزن ليس فقط في أوساط عشاق كرة القدم، بل حتى في مدينته الكولومبية ميدلين المثقلة بهموم الجريمة وانتشار العنف.

وفي أعقاب هذه الجريمة البشعة بدأ مدرس الرياضة الألماني يورغن غريسبك التفكير في تطوير طريقة تجعل كرة القدم نموذجا يمكن الاحتذاء به لتحقيق التعايش المشترك، فاهتدى إلى طريقة اسماها "كرة القدم من أجل السلام"، تهدف إلى حل النزاعات الاجتماعية عن طريق التنافس الشريف في ملعب كرة القدم.

وفي خلال عامين لاقت هذه الطريقة نجاحا باهرا حيث ظهر إلى الوجود 600 فريقا تضم 6000 لاعب، وتمخضت عن هذه الطريقة فكرة عقد مونديال لكرة قدم الشوارع.

"جذور عميقة"

غير أن مهرجان التسامح والسلام شابته حادثة أزعجت المنظمين والمشاركين، وهي عدم منح أعضاء فريقي "Search and Groom" النيجيري وَ "Play Soccer" الغاني تأشيرات الدخول إلى ألمانيا للمشاركة في المونديال.

وقد بررت السفارتان الألمانيتان في لاجوس وأكرا قرارهما بأن المسؤولين انتابتهم شكوك قوية فحواها أن اللاعبين ينتوون البقاء في ألمانيا بعد المونديال، وأعلنت متحدثة باسم وزارة الخارجية أن السفارتين الألمانيتين لم تستطعا التأكد من وجود "جذور عميقة" تربط اللاعبين بوطنهم، وبالتالي تضمن عودتهم.

النائب البرلماني عن حزب الخضر هانز كرستيان شتروبله استعار لغة كرة القدم ووصف قرار عدم منح اللاعبين للتأشيرات بأنه "مخالفة كروية بشعة". والمعلم الألماني غريسبك، وهو في نفس الوقت أحد المنظمين، علق على هذا القرار قائلا: "من طبيعة مشروعنا التعامل مع شباب لم يشبوا في ظروف مريحة".

ويذكر أن فريق Search and Groom النيجيري يلقى دعما مباشرا من اتحاد الفيفا، ويضم الكثير من أطفال الشوارع. ويضيف غريسبك "من المؤسف أن يضطر هؤلاء الشباب إلى إرجاع حقائب سفرهم بعد أن أعدوها. إنه أمر مؤسف لنا جميعا في هذا المشروع".

© دويشته فيله 2006

قنطرة

كرة القدم والصراع العربي – الإسرائيلي
الكثير من العلماء توقفوا عند الرياضة باعتبارها المكان الذي يمكن للاوعي الاجتماعي والسياسي أن يتجلى بوضوح، ومن هنا فإن موشيه تزيمرمان، مدير "معهد ريتشارد كوبنير للتاريخ الألماني" في الجامعة العبرية في القدس توقف عند الصراع العربي- الإسرائيلي وتجلياته في الرياضة.

كرة القدم في قنطرة
الملايين من الناس يتابعون خلال الأسابيع القادمة المواجهات الرياضية على ملاعب كرة القدم. نقدم لكم تقارير قنطرة عن الرياضة الأكثر شعبية في العالم