ضرورة إنجاح ثورة الفيسبوك للإسرائيليين والفلسطينيين

رغم نقاط التفتيش والقيود على الحركة والتنقّل، يشرح رامي مهداوي، الناشط في مجال حقوق الإنسان ومركزه رام الله كيف يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين أن يستخدموا وسائل التواصل الاجتماعي لكسر الحواجز وجمع الناس معاً.



رام الله، الضفة الغربية – وقفْتُ قبل بضعة أسابيع عند حاجز قلندية قرب رام الله أنتظر صحفية إسرائيلية من محطة التلفزيون الأولى، كانت ستُجري معي مقابلة حول ثورة الفيسبوك. كان الانتظار طويلاً. وَقَفَت هي على الجانب الشرقي للحاجز وانتظرْتُ أنا على الجانب الآخر. في نهاية المطاف لم يسمح لها الجيش الإسرائيلي بالعبور، واضطررنا لإلغاء المقابلة.

توقّفْتُ نتيجة لهذه الحادثة لأفكّر بالأساليب التي يقوم بها الاحتلال والتي لا تفصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين من الناحية الفعلية فحسب، وإنما تخلق جداراً بينهما هو أيضاً جدار فكري ومعلوماتي وعاطفي.

أدركْتُ أن القيود المفروضة على الصحفيين الإسرائيليين الذين يرغبون بالعبور إلى مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية تؤدي إلى حرمان حقيقي في قصص عن "الآخر" – الفلسطيني – في الإعلام الإسرائيلي. وبالرغم من وجود عدد قليل من الصحفيين الإسرائيليين الذين جعلوا من معرفة الفلسطينيين ومجتمعهم مهمة لهم، إلا أنهم قلة وهناك فترات متباعدة بينهم.

أجد من الأهمية بمكان التفكير بأساليب يمكن للمرء من خلالها الدوران حول هذه القيود واختراق هذا "الجدار الثاني" الذي يمنع أصواتنا من الوصول إلى الإسرائيليين.

عندما يسألني الناس: ألا يعلم الإسرائيليون ما الذي يحصل هنا؟ أجيبهم أننا معزولون فعلياً بسبب الجدار والحواجز ونقاط التفتيش عما يحصل في العالم الفلسطيني الحقيقي، وهم أيضاً معزولون نفسياً من قبل الإعلام.

ولكنني أعتقد أننا نملك القدرة على اختراق هذا الحاجز باستخدام "الإعلام الشعبي"، الذي ربما يكون أحد الأساليب السلمية واللاعنفية الأكثر أهمية المتوفرة أمامنا.

مَن منا كان يتصور قبل بضعة شهور فقط أن مقتل شاب في تونس، تناقلت أخباره صفحات الفيسبوك، سيحرّض على تظاهرات واسعة النطاق؟ ألا يشكّل ذلك نجاحاً باهراً ودليلاً على أن الشباب قادرون على استخدام الأدوات الحديثة بنجاح باهر؟ أليس هذا برهان واضح على أن الإنترنت ليست مجرد عالم ظاهري، ولكن أبطالها يستخدمونها لتحقيق تغيير حقيقي؟

هناك فرق بين طريقة استخدام أدوات التشبيك الاجتماعي من قبل أناس في تونس ومصر وسوريا. تُستخدم الإنترنت في هذه الدول لحشد وتنسيق الشباب ذوي الأجندة الواضحة لتحقيق التغيير الاجتماعي والسياسي. وبما أن الفلسطينيين يعيشون تحت الاحتلال وبوجود حواجز تمنعنا من معرفة المجتمعات الأخرى، فنحن نستخدم أدوات ترتكز على الشبكة العنكبوتية لتربطنا بالمجتمع العالمي. وهي توفر لنا القدرة على رؤية ما يفكر به الناس ويشعرون به في المجتمعات الأخرى، وفرصة لتشكيل حكمنا وآرائنا.

قلّة هي المواقع الإلكترونية الآن، لسوء الحظ، التي تربط الفلسطينيين والإسرائيليين، هذا إن وجدت. لدى الشباب الفلسطينيين، وخاصة خريجي الجامعات والكليات مسؤولية اتخاذ زمام المبادرة في استخدام الإنترنت كوسيلة للتحايل على إعلام التيار الرئيس والوصول إلى المجتمع الإسرائيلي.

لم نعد نعتمد على الإعلام الجاهز. لقد تحوّلنا إلى نقّاد ومشاركين، نحلّل ونتوصل إلى أحكام خاصة بنا، ونشارك في تشكيل الحوارات العامة.

يشكّل ظهور الإعلام الشعبي الجديد خطوة هامة على طريق بناء الجسور. وطالما أن هناك من هو مستعد للإصغاء إلى الطرف الآخر، لدينا فرصة لكسر روتين مؤسسات إعلام التيار الرئيس وأفكار وآراء الناس على كلا جانبي الجدار.

ربما يكون دور مواقع التشبيك في جمع الناس معاً، من بين كافة التطورات الدرامية خلال الشهرين الماضيين، هو الدور الذي يعطيني أكبر الأمل حول احتمالات التوصل إلى تفاهم بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

###

* حصل رامي مهداوي على شهادة الماجستير في الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد قام بتأسيس منتدى المؤسسات غير الحكومية الفلسطينية (PNGOF)، وهي موقع إلكتروني مفتوح للفلسطينيين لعرض آرائهم مجاناً. كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية المشتركة الإخبارية.

مصدر المقال: خدمة الأرضية المشتركة الإخبارية، 2011
www.commongroundnews.org