الرمز الوطني الفلسطيني يواجه محنة هذا العام

تراجع إنتاج الزيتون الفلسطيني العام الحالي بنسبة قدرتها وزارة الزراعة الفلسطينية بـ 30 في المائة مقارنة مع الموسم الماضي. وتميز موسم هذه السنة أيضا بمشاركة متطوعين أجانب وإسرائيليين في القطاف تضامنا مع المزارعين الفلسطينيين. عبد الكريم سمارة من رام الله يعرفنا بأجواء موسم قطف الزيتون في الأراضي الفلسطينية.

الصورة د.ب.ا
تقول وزارة الزراعة الفلسطينية بأن إنتاج الزيتون تراجع في هذا الموسم

​​ تبلغ مساحة الأرض المزروعة بالزيتون في المناطق الفلسطينية بـ 938 ألف دونم. ويصل استهلاك الفرد الفلسطيني من الزيت إلى 2.8 كيلوغرام من الزيتون. ويحقق الإنتاج فائضا عن الاستهلاك المحلي بنحو تسعة آلاف طن، يصدر بعضه إلى دول الخليج، فيما تستوعب دول الاتحاد الأوروبي نحو مائة طن، أما باقي الإنتاج فيخزن للسنوات الأخرى.
وبدأ موسم قطاف الزيتون هذا العام في مواعيد مختلفة من منطقة إلى أخرى. ويمتد القطاف حتى بدايات شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل. ويرتدي موسم هذا العام بعدا مختلفا نظرا لإقدام المستوطنين الإسرائيليين على مهاجمة المزارعين ومنعهم من الوصول إلى حقولهم. وهذا ما دفع متطوعين محليين وأجانب إلى المشاركة في عمليات القطف تضامنا مع المزارعين.

خصوصية الموسم

ولأن العمل في الزيتون يتطلب جهودا كبيرة، وفي ظل تراجع قطاع الزراعة في الناتج القومي العام، يتجه غالبية الفلسطينيين إلى قطاعات أخرى. فالعمل في الأرض بات غير ذي جدوى اقتصادية كبيرة، كما يقول الخبير الاقتصادي شامل عبد النبي. ويضيف عبد النبي، في حديث مع دويتشه فيله، بأن الحكومة "لا تقدم للمزارعين أي عون مادي خاصة في المواسم التي يهبط فيها الإنتاج أو التي تتعرض لخسارة بسبب ارتفاع حرارة الجو أو انجراف التربة بسبب أمطار جارفة.

ومع كل ذلك لا يزال الفلسطيني يعتبر شجرة الزيتون، مختلفة عن غيرها،إذ يقول المزارع محمد الأعرج لدويتشه فيله: "الزيتون يرث الأرض، فنحن نزرع أشجارا أخرى تعمر فترة قصيرة ثم تذوي، أما الزيتون فيعيش لمئات السنين، فحتى لو أصبح مالك الزيتون، طبيبا أو مهندسا أو تاجرا، نجده يعود في فترة القطاف مزارعا يقطف الثمار ويتباهى بأنه يتناول الزيت من أشجاره الخاصة".

ويأتي موسم هذا العام في ظل توتر سياسي، بانقطاع المفاوضات المباشرة بسبب الاستيطان، وهو ما انعكس على الحالة الميدانية، بإقدام بعض المستوطنين الإسرائيليين على مداهمة عدد من القرى الفلسطينية ومنع المزارعين من الوصول إلى حقولهم. ويقول محمود دغلس، خبير شؤون الاستيطان في شمال الضفة الغربية، بأن المزارعين "باتوا يخشون الوصول إلى الحقول حيث ينتظرهم المستوطنون المسلحون وأصبح الفلسطيني يتسلل إلى أرضه كالسارق".

حملات التضامن: محلية وأجنبية

الصورة د.ب.ا
الروائي الإسرائيلي عاموس عوز يقطف الزيتون تضامنا مع الفلسطينيين (أرشيف عام 2002)

​​

واعتاد ناشطون أجانب وإسرائيليون أيضا مشاركة المزارعين الفلسطينيين في قطف ثمار الزيتون؛ وتحديدا في المناطق القريبة من المستوطنات الإسرائيلية وذلك تضامنا معهم، علّ ذلك يخفف من اندفاع المستوطنين. وعلى مدار الأعوام السابقة، أصبح مشهد الأجانب إلى جانب الفلاحين الفلسطينيين في حقول الزيتون مألوفا. الفارق هذا العام أن عدد المتضامنين أقل من السابق، فالعديد منهم منعته السلطات الإسرائيلية من الحصول على تأشيرة دخول لدى وصوله المطار.

ومع ذلك يشارك العشرات منهم في موسم القطاف ومنهم محام استرالي يدعى شارلز ستيوارت. ويشارك ستيوارت أهالي قرية عقربة قرب نابلس ويقول لدويتشه فيله بأن "مشاركتي تنبع من إيماني بالسلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وأرى أن الفلسطينيين يتعرضون لقمع واعتداءات. كما أرى أن هناك تقصيرا في دول الغرب تجاه الصراع الدائر فعليها أن تعمل بجهد اكبر لإنهاء الصراع وإعادة الحقوق".

ويبدو أن مشاركة الأجانب قد دفعت المئات من الشبان الفلسطينيين إلى تنظيم حملات تطوع واسعة لمساعدة المزارعين في قطف الزيتون. واستقطبت هذه الحملات قيادات سياسية رفيعة بينهم رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض الذي شارك في قطف الزيتون في عدة قرى فلسطينية بالضفة الغربية.

مخاطر غير سياسية أيضا

الصورة د.ب.ا

​​

وغالبا ما يلجأ المزارعون إلى التبكير في قطف الزيتون، قبل أن ينضج الثمر، وهو يقلل كمية المنتج من الزيتون الأخضر، كما ويظهر في كمية إنتاج الزيت بعد عصر الثمار. ويشدد المهندس الزراعي سليم صوان على أن "هذه الظاهرة، تخفض المردود المادي لأصحاب الزيتون، ما يدفع العديد منهم إلى التقصير في خدمة الشجرة، من حرث وتقليم، وخدمات أخرى".
وفي الواقع فان هذا التقصير موجود أصلا لدى الآلاف من المزارعين الذين لا يتذكرون أشجارهم إلا عند قطف الثمار. كما يقر صوان، بان التوجهات غير المدروسة للفلسطينيين في حركة العمران الصاعدة، تأتي على حساب الأرض الزراعية، وخاصة في القرى القريبة من المدن الكبيرة كرام الله ونابلس وبيت لحم والخليل.

ويضيف صوان لدويتشه فيله قائلا: "يحزنك مشهد قطع الأشجار المثمرة من زيتون وغيره لتبرز مكانها أبنية حجرية صماء. مشهد تجده في كل موقع، ويضع علامة سؤال حول دور السلطة في ضبط الاندفاع العمراني الكبير". ومن شأن هذا "التوجه المنفلت، إحداث تقليص واسع في مساحة الأرض الزراعية"، في حين أن هناك مساحات واسعة من الأراضي الصخرية، التي لا تصلح للزراعة.

عبد الكريم سمارة ـ رام الله
مراجعة: أحمد حسو
حقوق النشر: دويتشه فيله 2010

قنطرة

الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية
حاخام إسرائيلي يدافع عن حقوق الفلسطينيين
الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية قد يشكل العقبة الأكبر أمام المفاوضات المباشرة بين محمود عباس وبنيامين ناتنياهو التي افتتحها الرئيس أوباما في واشنطن. دانييل بيلتس قام بزيارة حي سلوان في القدس الشرقية وتحدث إلى الحاخام يهيل غرينيمان، المسئول في منظمة حقوق إنسان تدافع عن حقوق الفلسطينيين حول أبعاد إشكالية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.

كتاب المؤرخ الإسرائيلي موشيه تسيمرمان "الخوف من السلام":
هل يخشى الإسرائيليون السلام أكثر من الحرب؟
لِمَ تجمدت عملية السلام في الشرق الأوسط؟ الجواب: لأن الإسرائيليين يخشون السلام أكثر من الحرب: هذه هي النظرية المستفزة التي يتبناها المؤرخ الإسرائيلي موشيه تسيمرمان في كتابه الجديد الذي صدر بعنوان "الخوف من السلام". إينا روتشايت تحدثت إلى المؤرخ الإسرائيلي تسيمرمان.

تعثّر عملية السلام في الشرق الأوسط:
فقدان الأمل في قيام دولة فلسطينية
"الأرض مقابل السلام" - هذه هي الصيغة التي اعتمدت عليها في العام 1993 اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والإسرائيليين. ولكن حتى الآن لم يقترب الفلسطينيون أي خطوة من تحقيق حلمهم في إقامة دولتهم. بيرغيت كاسبر تسلِّط الضوء على ما آلت إليه عملية السلام.