''المتطرفون مسلمون باللسان لا بالقلب''

كيف يمكن مواجهة التطرف والجهل العقائدي في الاسلام؟ تحت شعار "نبذ العنف في الإسلام"عقدت الأكاديمية البروتستانتية لمنطقة راينلاند الألمانية نهاية الأسبوع الماضي ندوة شارك فيها باحثون وكتاب مسلمون ومسيحيون من عدة دول إسلامية وأوروبية. عبد الرحمان عمار تابع أشغال هذه الندوة.



في معرض جوابه على سؤالنا عن سبب تنظيم هذه الندوة حول "نبذ العنف في الإسلام" اعتبر يورغن كلوسمان من "الأكاديمية البروتستانتية راينلاند" أن "هدفنا الأساسي هو ربط جسور الحوار بين الشرق والغرب وبين المسلمين والمنتمين إلى ديانات أخرى".


وفي سياق حديثه عن نظرة الإعلام للإسلام يضيف كليسمان أنه "كثيرا ما يتم التركيز على مواضيع التطرف والإرهاب" في الخطاب الاعلامي المتعلق بالاسلام. ويسعى كلوسمان وزملاؤه في "الأكاديمية البروتستانتية راينلاند" إلى "الابتعاد عن الأحكام المسبقة والصور النمطية تجاه المسلمين" وذلك عبر "إظهار الجوانب السلمية للإسلام والتعريف بالشخصيات الإسلامية المدافعة عن التسامح والاعتدال في المواقف".

 

صورة أخرى لأفغانستان...و تاريخ حافل بالمفكرين المتنورين

​​

كثيرا ما يتبادر إلى الذهن تنظيم القاعدة وحركة طالبان عند الحديث عن أفغانستان، رغم أن عدد أعضاء تلك الحركة قليل. وحسب الباحث الأفغاني الدكتور يحي ورداك فإن "افغانستان أنجبت مفكرين متنورين يدعون إلى الاعتدال وعلى أشخاص عاديين يمارسون دينهم بدون غلو ولا تكلف".


ولإبراز هذا الجانب المعتدل في فهم الدين في أفغانستان قام الباحث في مداخلته بالتعريف بشخصية الداعية عبد الجبار خان واعتبره أحد الوجوه الدينية التي أثرت في تاريخ أفغانستان مشيرا إلى مواقفه الهادفة إلى زرع المحبة والإخاء بين المسلمين وغير المسلمين. ويرى يحي ورداك أن المقاربة الأمنية في محاربة التطرف ليست مجدية حيث ينصح بضرورة "تلقين الأجيال القادمة المبادئ التي ناضل من أجلها المُصلح الأفغاني عبد الجبار خان وغيره".

 

كما وقف الباحث والكاتب محمد سامر مرتضى على مجموعة من مفكري عصر النهضة والتجديد الديني مثل محمد جمال الدين الأفغاني (1838 – 1897) الذي عُرف بالعلم والحكمة والدعوة إلى الانفتاح على الثقافات واللغات الأجنبية ومحمد عبده (1849– 1905) الذي تتلمذ على يد الأفغاني وساهم في تنويرا لعقول بهدف فتح باب الاجتهاد الفقهي . وكان لهذين المصلحين دور في إنعاش حركة التجديد الإسلامي التي تطلعت إلى استدراك ما حصل من تقهقر في العالم الإسلامي.

 

التمكن من اللغة مفتاح فهم القرآن


يورغن كلوسمان من الأكاديمية البروتستانتية لمنطقة راينلاند التي نظمت الندوة
يسعى كلوسمان وزملاؤه في الأكاديمية البروتستانتية راينلاند إلى الابتعاد عن الأحكام المسبقة والصور النمطية تجاه المسلمين وذلك عبر "إظهار الجوانب السلمية للإسلام والتعريف بالشخصيات الإسلامية المدافعة عن التسامح والاعتدال في المواقف.

​​يكاد يتفق جل الباحثين أن الأمية والجهل العقائدي والظروف الاجتماعية السيئة من بين الأسباب التي تدفع بالشباب المسلم إلى تبني توجهات دينية متطرفة. وفي هذا السياق يعتبر يحي ورداك أن "أغلب أعضاء طالبان لا يتقنون اللغة العربية مما يساهم في الفهم السطحي لتعاليم القرآن والسنة النبوية".

 

ولذلك فإنه يدعو إلى تدريس القرآن باللغات الأصلية للشعوب في البلدان الإسلامية. غير أن هذه الدعوة لا تزال تلقى معارضة من طرف المسلمين المحافظين. من جهته يرى الباحث محمد سامر مرتضى وجود علاقة بين الجهل باللغة والمواقف السلفية لبعض المسلمين في المهجر.

 

"المتطرفون مسلمون باللسان لا بالقلب"

 

السيدة إنعام سيد محمود، إحدى المشاركات في منتدى بون، أكدت في مداخلتها على أهمية تطبيق مواقف السلام بين الأفراد على أرض الواقع.
السيدة إنعام سيد محمود، إحدى المشاركات في منتدى بون، أكدت في مداخلتها على أهمية تطبيق مواقف السلام بين الأفراد على أرض الواقع.

​​خلال المداخلات تم الوقوف على آيات قرآنية وأحاديث نبوية تنبذ العنف والتطرف وتدعو إلى التحلي بالأخلاق النبيلة والتعايش. كما تحدثت إنعام سيد محمود، وهي من أصول عراقية وناشطة في حركة السلام وفي الحوار بين الأديان، عن الأنشطة التي تقوم بها في صفوف أبناء المسلمين في ألمانيا.


وتؤكد إنعام سيد محمود في حديثها معنا على أهمية تطبيق مواقف السلام بين الأفراد على أرض الواقع "فأنا أحاول أن أعمل شيئا من أجل السلام عبر مجموعة من المبادرات، وهذا في حقيقة الأمر واجب كل مسلمة ومسلم خصوصا في الوقت الراهن ". وتضيف إنعام سيد محمود أن "الذين يلجأون إلى العنف والفهم المتطرف للدين هم مسلمون باللسان لا بالقلب والعقل" لأن الإيمان حسب تعبيرها " ينبع من القلب، والقلب يميل إلى السلم والمحبة وليس إلى العنف".

 

 

عبد الرحمان عمار
تحرير: عبدالحي العلمي
حقوق النشر: دويتشه فيله 2012