الوطن بعيون الأجانب

دعت الوكالة الألمانية للتعاون الفني فتيانا وفتيات من سبعة دول إلى ألمانيا، زودتهم بكاميرات وأرسلتهم في جولة تصويرية في أرجاء البلاد. النتيجة في التقرير التالي

الصورة: أ ب
تصوير أحمد من مصر

​​

تعمل الوكالة الألمانية للتعاون الفني (GTZ)، منذ ثلاثة عقود تقريبا،ً هي مكلفة من الحكومة الألمانية الاتحادية والمفوضية الأوربية، بتنفيذ مشروعات في الدول النامية تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة الراهنة والمستقبلية لشعوب تلك الدول. وتشمل تلك المشروعات مبادرات دعم وتشجيع الشباب. قامت الوكالة على سبيل المثال في أبريل/نيسان 2002 بتنظيم يوم للتصوير في 45 دولة، شارك فيه 500 طفل، زود كل منهم بكاميرا صغيرة، لتسجيل يوم من حياتهم بالصور.

وهكذا جمع في يوم واحد 12000 صورة، تحولت إلى معرض متنقل يحمل اسم:"تصور Imagine". انتقل المعرض حتى الآن إلى 30 دولة، وسيتم استضافته عام 2004 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. ويهدف المنظمون إلى نقل صوت الأطفال والناشئة وجعله مسموعاً في كافة أنحاء العالم، ولفت انتباه الكبار إلى مشاكلهم.

إن النجاح الذي لاقاه معرض "تصور Imagine" حث الوكالة الألمانية للتعاون الفني إلى توسيع المشروع: فتمت دعوة ناشئة من الدول الأخرى إلى ألمانيا في سبتمبر/أيلول الماضي، من أجل الحكم على الحياة هنا بعيون الأطفال الناقدة. حصل الأطفال مرة أخرى على كاميرات وانطلقوا في جولة تصويرية في أرجاء ألمانيا. وكان عليهم تصوير كل شيء يلفت انتباههم ويستغرق تفكيرهم.

الصورة: أ ب
تصوير جاكلين من جمهورية الدومينيك

​​كان الشعار هذه المرة "العيون الأجنبية لها نظرة ثاقبة". يقول سيرغي ميغيتس Sergej Migits "إذا أمكن لشخص أن يرى بلدنا بنظرة غير مُحرفة، فإن تلك النظرة تهمنا جداً لأنها تختلف تماماً عن نظرتنا نحن. وقد تعلمنا أيضاً من هذه التجربة، التي كان هدفها رسم صورة لألمانيا، وهو أمر يعنينا. وكان شغفنا بمعرفة النتيجة كبيراً، لأننا كنا نرتقبها. فما الذي حدث إذن: هل عبارات الأكلشيه المعروفة عن ألمانيا لدينا هي نفسها التي سيجدونها، وما الذي سيلفت نظهرهم لغرابته؟"

تكاد نبرة إيفا إنغلر Eva Engler أن تصل إلى حد الحماس وهي تتحدث عن التجارب التي خاضتها مع الفتيان والفتيات الـ 15 التي تتراوح أعمارهم من 14 إلى 16 سنة، القادمون من أوغندا، ورواندا، والصين، وباراغواي، وروسيا، وجمهورية الدومينيكان، ومصر وإسرائيل إلى ألمانيا لقضاء ثلاثة أسابيع.

فجالوا ألمانيا من شرقها إلى غربها في إحدى حافلات المكتبة المتنقلة التي تم تجهيزها لاستيعابهم. وحصل كل من الفتية على موضوع مختلف للتصوير: حيث تنوعت بين المعمار، والمواصلات، وحتى طرق التخلص من القمامة. وصاحب الرحلة مترجمون، وفريق تصوير من الوكالة الألمانية للتعاون الفني، وتربويون متخصصون في الصور، كانت مهمتهم الإشراف والرعاية.

التعرف على الحياة اليومية

الصورة: أ ب
تصوير سارة

​​تقول إيفاإنغلر: "كان العامل المهم هو وجود اتصال مع الفتية الآخرين، وليس مجرد رحلة للنزهة ومشاهدة معالم ألمانيا. وقد حصرنا التركيز في الواقع على الشرق والغرب لأننا شعرنا أن هذا ميداناً شيقاً جداً، ولأننا أردنا توضيح أن الأضداد توجد في بلدنا أيضاً. كان من المهم تواجدهم في الريف، والمدينة، وزيارتهم لمدن صغيرة هادئة في ولاية تورنغن، ومدن كبيرة أيضاً مثل فرانكفورت/ماين أو برلين. كان المهم كذلك أن يعيشوا قدر الإمكان كثير من مواقف الحياة اليومية كما في السوبر ماركت أو في العزبة، في الحياة الأسرية أو في المدرسة ..."

رغم ذلك كان هناك قلق حول مقدرة المشاركين في الرحلة على فهم واستيعاب ما يشاهدونه. فالمجموعة، علاوة على ذلك، تمثل ثمان حضارات شديدة الاختلاف، اجتمعت سوياً لاكتشاف حضارة تاسعة. تذكر كاتارينا فون شرودر Katharina von Schroeder من فريق التصوير التابع للوكالة:
"كانت هناك عوائق لغوية، وكم كان رائعاً رؤية المشاركين وهم يحاولون التغلب عليها. باسكال على سبيل المثال، وهو من رواندا، واجه بعض المصاعب: فهو يتحدث الفرنسية ولكن ليس بطلاقة، فلغته الأم هي السواحيلية. ولهذا ساعده يعقوب من رواندا بالترجمة إلى السواحيلية، ولكنها تختلف في أوغندا عنها في رواندا. ثم تمت الترجمة من السواحيلي إلى الإنكليزية، ومنها إلى الألمانية. وساعد المشاركون من جنوب أمريكا بعضهم بعضاً، رغم اختلافات اللهجات. وما عجز عنه اللسان قامت به لغة الإشارة، بالأيدي والأقدام..."

مقارنة التصورات والانطباعات

شاركت جماعة التصوير في إحدى مدارس برلين في المشروع. وحصل الزائرون على قوائم ببعض الاقتراحات أو اختاروا بأنفسهم موضوعاً ما. وبينما كانت قافلة التصوير تجوب ألمانيا، انشغل التلاميذ الألمان الـ 15 بالتفكير في الأشياء التي ستلفت انتباه ضيوفهم في ألمانيا، ثم قاموا برسم تصوراتهم. وتعارفت المجموعتان في نهاية الرحلة، وتمت مقارنة تصوراتهم وانطباعاتهم عن ألمانيا. وبعث على الدهشة أن تلك التصورات والانطباعات كانت متشابهة. وتعلق إيفا إنغلر من فريق مشروع وكالة(GTZ) قائلة: "لاحظنا أن الفارق لم يبد للشباب، أو لنا نحن، كبيراً جداً، كما اعتقدنا في البداية أن زوايا النظر متشابهة إلى حد بعيد."

سيتم قريباً عرض الصور التي أخذت أثناء الرحلة سوياً مع فيديو وثائقي على الجمهور العريض في برلين أولاً، ثم ينتقل المعرض بعد ذلك في الولايات الأخرى التي يوجد بها فرع لوكالة الألمانية للتعاون الفني(GTZ).

دويتشه فيلله 2003
الترجمة من الألمانية حسن الشريف

www.gtz.de/imagine