الغاية تبرر الوسيلة - شعار بنيامين نتنياهو للفوز بالانتخابات الإسرائيلية

حملة انتخابية إسرائيلية هيمنت عليها مسألة السلطة، يراهن فيها بنيامين نتنياهو -من أجل بقائه السياسي- على استياءٍ مُعادٍ للأقلية العربية وعلى وعود ضم مناطق فلسطينية إلى السيادة الإسرائيلية. إنغه غونتر تُطلِع موقع قنطرة -من القدس- على خلفيات انتخابات الكنيست المبكرة.

الكاتبة ، الكاتب: Inge Günther

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقاتل من أجل بقائه السياسي. من المقرَّر للمرة الثانية في هذا العام (2019) إجراءُ انتخابات جديدة للكنيست الإسرائيلية في السابع عشر من أيلول/سبتمبر 2019، وذلك بعد فشل بنيامين نتنياهو في تشكيل حكومة خلال الجولة الأولى من الانتخات في شهر نيسان/أبريل الماضي 2019. ولن يُنقذه سوى فوزه الواضح في الانتخابات من قضايا الفساد التي تهدِّده وبالتالي من احتمال الحكم عليه بالسجن.

ولذلك فإنَّ نتنياهو بات يراهن أكثر على شنّ هجمات - خاصة ضدَّ أقلية الإسرائيليين العرب. اتّهم مؤخرًا رئيس الوزراء الإسرائيلي العرب بـ "أنهم يسرقون الانتخابات"، ليُبرِّر بذلك محاولته أن يفرض في عملية سريعة قانونًا يسمح بمراقبة مراكز الاقتراع بكاميرات

وافقت أيضًا على مشروع هذا القانون لجنةٌ حكومية، رغم اعتراضات الخبراء القانونيين واللجنة الانتخابية المركزية، التي رفضت الادِّعاء بأنَّ العرب يميلون إلى تزوير الانتخابات واعتبرته ادعاءً باطلًا. وكذلك عرقلت لجنةٌ من الكنيست هذه المحاولة الهادفة إلى المصادقة في البرلمان على هذا القانون المثير للجدل قبل فترة قصيرة من موعد الانتخابات. ولو أنَّ ذلك لم يحدث، فمن المحتمل أنَّ المحكمة العليا كانت ستقوم بإلغا هذا القانون بسبب انتهاكه لسرِّية الانتخابات.

خوف نتنياهو من خسارة حصانته

بيد أنَّ مثل هذه المخاوف لا تمنع في الحقيقة رئيس الوزراء الإسرائيلي من الاستمرار في إثارة الاستياء بواسطة حملته "قانون الكاميرات". تمامًا مثلما فعل في عام 2015، عندما حشد ناخبيه اليمينيين بتصريح صاخب ذكر فيه أنَّ "العرب يتدفَّقون إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة". وكذلك أبدى سياسيو المعارضة شكوكًا أخرى في أنَّ نتنياهو يريد أن يأخذ احتياطاته ليستطيع القول في حالة هزيمته إنَّ نتيجة الانتخابات كانت مزيَّفة.

"ما من شكّ في أنَّ نتنياهو خائف من أن يخسر الأغلبية، ويخسر بالتالي حصانته"، مثلما يقول أحمد الطيبي، وهو النائب العربي الأكثر شهرة في الكنيست: "التغيير قادم". ينبع تفاؤل أحمد الطيبي من حقيقة أنَّ الأحزاب العربية توحَّدت مرة أخرى في قائمة موحَّدة. في حين أنَّها تنافست في الانتخابات الأخيرة بشكل منفصل لعدم تمكُّنها من الاتِّفاق على قائمة مرشَّحين مشتركة. 

 

قبل أسبوع واحد من الانتخابات البرلمانية المبكِّرة في إسرائيل، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن أنَّه سيَضُم في حال إعادة انتخابة وادي الأردن في الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل. Foto: picture-alliance/dpa
Fatales politisches Signal: Eine Woche vor der vorgezogenen Parlamentswahl in Israel hat Ministerpräsident Benjamin Netanjahu angekündigt, im Falle seiner Wiederwahl das Jordantal im besetzten Westjordanland zu annektieren. Nach einem Wahlsieg werde er Israels Souveränität "sofort" auf das an der Grenze zu Jordanien gelegene Gebiet ausweiten, erklärte Netanjahu. Jordanien und die Palästinenser warnten vor katastrophalen Konsequenzen eines solchen Schritts.

 

وبسبب استياء الناخبين العرب من انقسام ممثِّليهم السياسيين، فقد بقي الكثيرون منهم في منازلهم. والنتيجة: التجمُّع الوطني الديمقراطي "بَلَدْ"، وهو أصغر حزب عربي ذو توجُّه يساري قومي،  تمكَّن بِشِقِّ الأَنْفُس من تخطي حاجز الـ 3.25 في المائة للوصول إلى الكنيست. لذلك فإنَّ المشاركة القوية في الانتخابات من جانب الأقلية العربية، التي تشكِّل على أية حال عشرين في المائة من المواطنين الإسرائيليين، يمكن أن تُغيِّر هذه المرة موازين القوى لصالح المعارضة.

 

المزيد من مقالات موقع قنطرة التحليلية: 

الغاية تبرر الوسيلة - شعار بنيامين نتنياهو للفوز بالانتخابات الإسرائيلية

"أرخبيل" فلسطين: يرى إيلان بابيه أن "على الأرض لا يبدو حل الدولتين واقعياً منذ عام 2000 أو حتى قبله

حوار مع مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية خليل الشقاقي

 

من الذي يملك الدعم الأكبر في الكنيست؟

يعتبر حساب الانتخابات الإسرائيلية مسألة معقَّدة بالفعل بسبب كثرة الأحزاب المشاركة وتنوُّعها. من المرجَّح أن تتمكَّن تسعة من هذه الأحزاب، إن لم يكن حتى عشرة أحزاب، من الوصول إلى الكنيست. ولذلك ليس من المهم كثيرًا مَنْ الذي يحصل على نتيجة أفضل سواء حزب الليكود اليميني المحافظ بزعامة نتنياهو أو التحالف المعتدل "كاهل لافان" (أزرق-أبيض) بقيادة رئيس الأركان الإسرائيلي السابق بيني غانتس. المهم في النهاية مَنْ الذي يتمتَّع بالدعم الأكبر في البرلمان ليتم تكليفه من قِبَل رئيس الدولة بتشكيل الحكومة. 

​​​​​​في انتخابات شهر نيسان/أبريل (2019)، تم تكليف نتنياهو، على الرغم من أنَّ حزبه الليكود وتحالف أزرق-أبيض كانا متساويين بخمسة وثلاثين نائبًا. ولكن بعد ذلك عارض مفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي أفيغدور ليبرمان بالذات، وهو يميني شعبوي علماني يحب مواجهة المتديِّنين المتطرِّفين. والآن يمكن أن يتم منحه دور صانع الملوك. على الأرجح أنَّ من دون ليبرمان لن يتمكَّن معسكر الأحزاب اليمينية والأحزاب الدينية بقيادة نتنياهو، ولا حتى معارضة يسار الوسط، المحسوبة عليها القائمة العربية الموحَّدة، من الحصول على أغلبية الواحد وستين مقعدًا في الكنيست الإسرائيلي البالغ عدد أعضائه مائة وعشرين نائبًا.

قبل أشهر قليلة فقط، كان يُنظر إلى حزب ليبرمان "إسرائيل بيتنا" على أنَّه حزب منتفعين صغير مكوَّن من مهاجرين ناطقين بالروسية. ولكنه الآن يصطاد الأصوات عبر المعسكرات وبإمكانه بحسب استطلاعات الرأي أن يضاعف عدد مقاعده الخمسة. وعد ليبرمان الناخبين بإلغاء امتيازات اليهود المتشدِّدين دينيًا المعروفين باسم "حريديم". كما أنَّ وعده الانتخابي هذا يحظى بشعبية في إسرائيل. 

الكثيرون من الإسرائيليين سئموا من أنَّ طلاب الـ "يشيفا" (دارسي العلوم التوراتية) يعيشون على نفقة دافعي الضرائب ولكنهم معفيون من الخدمة العسكرية. أو من حقيقة عدم السماح بسير الحافلات العامة في يوم السبت، لأنَّ المتديِّنين يرون في هذا الأمر انتهاكًا لوصية الاستراحة يوم السبت. كان نتنياهو يستسلم مرارًا وتكرارًا لمطالبهم، حرصًا منه على إرضاء شركائه المتديِّنين في تحالف شاس وحزب التوراة. 

أمَّا ليبرمان فيريد إنهاء هذا الوضع. ولذلك فقد أصبحنا نسمع حتى من أنصار حزب العمل: "ليبرمان سيحصل على صوتي". وبما أنَّ عملية السلام يمكن للمرء نسيانها في الوقت الحالي، فيجب عليه أن يستغل على الأقل الفرصة لوقف التأثير الديني على السياسة. يبدو أنَّهم لا يهتمون لكون ليبرمان يعيش في مستوطنة داخل الضفة الغربية، وقد اشتهر في الماضي بكراهيته العرب ودعم المرشَّح المتديِّن العام الماضي في الانتخابات البلدية في القدس.

وعدا ذلك فإنَّ برامج هذه الحملة الانتخابية لا تقدِّم سوى القليل. لا تمثِّل القضايا الاجتماعية والاقتصاد أو الصراع مع الفلسطينيين الموضوع المهيمن على هذه الحملة الانتخابية، بل مسألة السلطة. فهل يستمر اليمينيون القوميون وكذلك لوبي المستوطنين، الذين جمعهم نتنياهو حوله - ليس فقط من أجل الحصول على الحصانة من قضايا الفساد التي تهدِّده، في تحديد المسار؟ 

 

انتخابات الكنيست كانتخابات مصيرة بالنسبة لنتنياهو: تنتخب إسرائيل في الـ 17 من أيلول/سبتمبر 2019 برلمانها الجديد. Foto: Getty Images/AFP
Die Knessetwahl als Schicksalswahl für Netanjhu: Israel wählt am 17. September ein neues Parlament. Dabei zeichnet sich ein knappes Rennen zwischen Netanjahus rechtskonservativem Likud und dem oppositionelle Bündnis der Mitte, Blau-Weiß von Ex-Militärchef Benny Gantz, ab. Nur ein klarer Wahlsieg Netanjahus kann ihn vor einer drohenden Korruptionsanklage und damit vor einer möglichen Gefängnisstrafe bewahren, schreibt Günther.

 

أم أنَّ القوى المعارضة - هذا المجمَّع غير المتجانس على الإطلاق والمكوَّن من جنرالات تحالف أزرق-أبيض والأحزاب الليبرالية اليسارية التي تعاني من انكماش، قويةٌ بما يكفي من أجل تغيير الدفة؟ وضعت هذه القوى الدفاع عن الديمقراطية والمؤسَّسات الدستورة هدفًا لها. القائمة العربية الموحَّدة غير واردة بالنسبة لهم (باستثناء حزب ميرتس) كشريك، ولكن من الممكن على كلّ حال أن يكون العرب بالنسبة لهم كمُكَمِّل للحصول على الأغلبية.

"نتنياهو لا يريد العرب في الكنيست، وغانتس لا يريد العرب في الائتلاف"، مثلما يقول وبالمختصر المفيد أيمن عودة، وهو محامٍ يدافع عن الحقوق المدنية والمرشَّح الرئيسي في القائمة الموحَّدة. عندما غامر أيمن عودة مؤخرًا بتصريحه بأنَّه يستطيع تصوُّر الانضمام إلى حكومة يسار الوسط تحت شروط معيَّنة، واجه في الواقع رفض المجتمع العربي أيضًا. يوجد لدى العرب شعور عميق بأنَّهم على أية حال مجرَّد مواطنين من الدرجة الثانية. 

وقد زاد من هذا الشعور قانونُ الدولة القومية الصادر في عهد نتنياهو، والذي يؤكِّد على الطبيعة اليهودية للدولة. لم يبقَ أمام أيمن عودة أي خيار آخر سوى التراجع عن اقتراحه. وعلى ما يبدو فإنَّ نوَّاب الكنيست العرب مستعدُّون استعدادًا تامًا لدعم معسكر غانتس للخروج من المعارضة. وهكذا يمكن أن يكون نتنياهو مرة أخرى الفائز الذي يضحك في النهاية.

 

 

إنغه غونتر

ترجمة: رائد الباش

حقوق النشر: موقع قنطرة 2019

ar.Qantara.de